موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
ظاهرة الكذب عند الطلاب,أسبابها وعلاجها
المشكلات السلوكية والنفسية كثيرة وتحتاج الى العلاج بمجرد ظهور بوادرها، وقد يظهر بعضها على الاطفال والطلاب، واسبابها كثيرة، وكل مشكلة فيها تداخل من كل العوامل الذاتية مثل النواحي الجسمية او العقلية او الوراثية والحالة النفسية للطالب تختلف من طالب لآخر فمنهم القوي ومنهم الضعيف ومنهم الشديد,, الخ.
والطلاب يتأثرون بالمدح والثناء، وقد لايكون بينهم من هو على جانب كبير من الذكاء، وقد يتفوق آخر على اقرانه في الاحوال الطبيعية العادية، ولكنه قد يهبط بمستواه الى درجة كبيرة في بعض الظروف مثل ظروف الامتحان او التعب او المرض او غيرها.
واهم المشكلات التي تظهر على الطلاب:
مص الاصابع، قرض الاظافر، الخوف، التأخر الدراسي، الكذب، الغضب والعدوان، الضعف العقلي، غياب الطلاب.
والكذب من الظواهر السيئة التي انتشرت في كل المجتمعات الموجودة على سطح الارض الاسلامية وغير الاسلامية، وهي ظاهرة مكتسبة وليست وليدة اليوم.
وقد ورد لفظ العبارة في القرآن الكريم في عدة آيات وفي العديد من سور القرآن الكريم، ولقد نهى الله سبحانه وتعالى عباده عن الوقوع في الكذب لانه عادة مذمومة وتوعد الكاذبين وهددهم بالهلاك والعذاب.
ومن الآيات التي ذكر الله سبحانه وتعالى فيها الكذب مايلي:
1- قال تعالى (إنا قد أوحي الينا أن العذاب على من كذب وتولى) آية 48 سورة طه.
2- قال تعالى (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودَّة) آية 60 سورة الزمر.
3- قال تعالى (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك اصحاب النار) آية 39 سورة البقرة.
4- قال تعالى (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك اصحاب الجحيم) آية 10 المائدة.
5- قال تعالى (فكذبوه فأخذتهم الرجفة فاصبحوا في دارهم جاثمين) آية 37 سورة العنكبوت.
ولقد نهى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عن الكذب وامر المسلمين بالابتعاد عنه والالتزام بالصدق دائما لان الكذب من العادات السيئة التي تنشر البغضاء والمشاكل بين افراد المجتمع, لهذا ذكر لنا العديد من الاحاديث التي تأمرنا بالابتعاد عن الكذب وتحري الصدق في جميع الاقوال والاعمال.
ومن الاحاديث التي تحث المسلم على اجتناب الكذب مايلي:-
1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليكم بالصدق فان الصدق يهدي الى البر والبر يهدي الى الجنة واياكم والكذب فان الكذب يهدي الى الفجور والفجور يهدي الى النار).
2- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا).
وامرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتزام الصدق دائماً فقال (تحروا الصدق وان رأيتم فيه الهلكة فان فيه النجاة، واجتنبوا الكذب وان رأيتم فيه النجاة فان فيه الهلكة)
وقد جاء في الحديث الشريف:
(آية المنافق ثلاث: اذا حدث كذب، واذا وعد اخلف واذا اؤتمن خان)
ومن هذا نعلم ان الكذب هو اول علامات النفاق وهو اساس المساوئ ومفتاح لكل رذيلة.
والكذب ظاهرة منتشرة انتشارا واسعا بين الطلاب وقد يكون ايضا بين الكبار، ومعناه ان الطلاب ينكرون اعمالا قد قاموا بفعلها ويختلقون اعذارا وامورا ليس لها اساس من الواقع.
وهم يتعلمون الكذب من البيئة الاجتماعية التي يعيشون فيها ومن اساليب التربية الاجتماعية التي يخضعون لها في اسرهم ومدارسهم وبيئتهم.
ولذلك نقول ان الكذب ليس له سبب واحد بل له عدة اسباب مجتمعة بعضها مع البعض متفاعلة.
ونلاحظ ان الكثير من الآباء ينزعجون كثيرا من كذب اولادهم ويعتبرون ذلك بداية لعهد شرير ويرجعون هذه الظاهرة في اولادهم لأثر الوراثة او التربية السيئة من الطرف الآخر، كأنه ليس لهم يد في هذا الامر ولم يكونوا سببا فيه.
وقد يلجأ بعضهم للإذلال او الضرب ظنا منهم ان هذا النوع من العلاج كفيل بالقضاء عليه، ولكنه في الواقع علاج ظاهري وطريقة سطحية لاتعالج اسبابه الدفينة، وعوامله الفعالة، وسرعان مايعود الطفل للكذب من جديد لان الدافع الاساسي للكذب لايزال فعالا في نفسه لذا لا بد من القول انه قبل معاقبة الطفل على كذبه يجب ان نبحث عن الاسباب العميقة والدوافع النفسية التي حملته على الكذب، لان القضاء على الجرثوم خير من معالجة اعراض المرض الظاهرية.
وليس للكذب سبب واحد ينتج دائما عنه، ولكن له اسباب كثيرة منها:
1- القسوة والكبت: قد يكذب الطالب لانه اذا قال الحقيقة فان والده او والدته او معلمه سوف يعاقبونه بقسوة وعنف فهو هنا يستعين بعمليات الكبت لإخماد نزعاته في اللاشعور، وانه لم يستطع ان يعبر انفعاليا، ومعنى ذلك الكبت ان يعاني الطالب او الطفل من القلق الداخلي ويلجأ للكذب بطريقة يستهدف من ورائها اعجاب امه او ابيه او أخيه او مدرسه او خوفا من ان يقع تحت العقوبة والضرب والتخويف.
2- عدم اشباع غريزة التملك : - اذا شعر الطالب بان البيئة المحيطة لاتشبع في نفسه الميل لحب التملك في الوقت الذي يرى زملاءه يتملكون لعبا وادوات واشياء اخرى كالسيارة مثلا وهو محروم منها، هنا يلجأ للكذب فيحدث الآخرين من اصدقائه عن لعبه وادواته وممتلكاته وليس عنده منها شيء في الواقع، ومثل هذه الاكاذيب تجعله يعيش في جو فكري اشبع فيه حب التملك حيث يتحقق له في الفكر ما حرم منه في الواقع.
3- حب الظهور: من المعلوم ان الطلبة غير متساوين فهناك الفروق الفردية بينهم اذ قد يكون الطالب متفوقا على الآخر بسبب مستوى ذكائه او قد يكون مستوى اسرته الاقتصادية اقل من مستوى اسرة زميله الطالب, وهنا يتحدث الطالب عن اكاذيب مثل وصول عائلته الى مركز مرموق بها او غناها وفي كل هذه الاساليب تشعر النفس بأنها تكمل نقصها وتعظم ذاتها.
4- الغيرة او (التفرقة بين الاطفال): الطفل البكر الذي يحظى بمنزلة خاصة من أبويه وبعطفهما ورعايتهما يغار من اخيه الصغير الذي جاء لينافسه في هذه المكانه وذلك الحب, وهنا يلجأ الطفل للكذب مدفوعا بالغيرة من اخيه الصغير المنافس فيدعي المرض مثلا ليجلب العطف والاهتمام، وهذا المرض لجأ الطفل الى ادعائه ليثلج به صدره.
5- حب الانتقام، ورغبة الطفل في السيطرة: يلجأ الطالب احياناً الى الكذب عندما يجد طفلا آخر متفوقاً عليه او قام بأذاه فيلجأ الى ادعاء الكذب بان ذلك الطالب قد قام بأعمال سيئة او منافية لآداب المجتمع وذلك ليوقع به الأبوين او المعلمين مما يريح نفسه ويشفي غيظه.
6, الكذب التخيلي:
يلجأ بعض الاطفال والطلاب الى هذا الكذب لانهم في حقيقة الامر لايفرقون بين الواقع والخيال فعندما يقص احد الآباء على الطفل قصة ما فيلجأ في قراره الى تحويل هذه القصة حتى تظهر فيها شخصية ثانية تختلف عن الاولى احياناً تمام الاختلاف.
والمسؤولون عن علاج الكذب هم الآباء والمربون لأن التعاون بين البيت والمدرسة ضروري ومطلب هام في سبيل القضاء على هذه الظاهرة السيئة التي انتشرت بين أبنائنا الطلاب.
لذا يجب ان يتبينوا اذا ماكذب الطالب ان كان كذبه نادراً ام متكررا وان كان متكررا، فما الدافع اليه، وان يمتنعوا عن علاج الكذب بالضرب او التأنيب او السخرية وانما يعالجوا الدوافع الأساسية ،التي دفعته اليه ويغلب ان يكون العامل المهم في تكوينها هو بيئة الطالب كالأبوين او المعلمين.
ان الطفل اذا نشأ في بيئة تحترم الصدق ويفي افرادها دائما بوعودهم، وإذا كان الابوان والمعلمون لايتجنبون بعض المواقف باعذار واهية كادعاء المرض والتغيب وبعبارة اخرى إذا نشأ الطالب في بيئة شعارها الصدق قولا وعملا فطبيعي جدا ان ينشأ امينا في كل اقواله وافعاله.
وهذا ايضا اذا توفرت له عوامل تحقيق حاجاته النفسية والطبيعية من اطمئنان وحرية وتقدير وعطف وشعور بالنجاح، واسترشاد بتوجيه معتدل.
اذا توفر هذا كله فان الطالب لايلجأ الى التعويض عن نقص او التغليف ضد قسوة او الانتقام من ظلم او غير ذلك من الاتجاهات التي تجد في انواع الكذب صورا مناسبة للتعبير عن نفسها.
وللمدرسة دور هام في التربية فهي بيت الطالب الثاني ولها تأثير قوي على الطلاب، لذا يجب على المعلمين ان يعوا ان دورهم ليس التدريس فقط بل التربية اولاً، فيجب عليهم حث الطلاب على الصدق وتثبيت العقيدة الاسلامية في نفوسهم وتوجيههم الوجهة الصالحة وان يكونوا قدوة لطلابهم في جميع تصرفاتهم لأن الكثير من الطلاب يقتدون بمعلميهم.
والدور الكبير الذي يجب على المدارس القيام به هو عقد الندوات والمحاضرات والقاء المواضيع والعبارات والكلمات الدينية والأحاديث التي تحث الطلاب على الصدق والابتعاد عن الكذب.
المفضلات