تتكون الذات لدى الفرد و تنمو نتيجة للخبرات والنمو و التعلم والنضج . يميل سلوك الفرد المتزن إلى التحديد و التنسيق والتنظيم . تتكون الثقة بالنفس لدى الأطفال من خلال التنشئة الاجتماعية القائمة في البيئة التي يعيش فيها الفرد . لهذه البيئة ارتباط وثيق بمفهوم الذات لدى الفرد وتتضمن اتجاهات الفرد نحو نفسه . يكتسب الطفل اتجاهاته نحو ذاته عن طريق اكتساب الخبرات المتنوعة والمختلفة كما يكتسبها عن طريق مقاومته والتغلب على المواقف الصعبة التي يتعرض لها . تحدد توقعات الفرد ودوافعه نمو الذات لديه ، كما تؤثر تلك التوقعات على إدراك الفرد للمواقف الجديدة التي يتعرض لها في حياته . يستطيع الفرد أن يشكل خبرات جديدة تنسجم مع مفهومه عن ذاته .
تُفسر سلوكيات الفرد على أساس المحافظة على ثبات وتماسك مفهوم الذات لديه . وتعتبر الذات بمثابة إدراك الفرد لنفسه وتقيمه لها . أضف إلى ذلك معتقداته حول نفسه والمحاولات الدائبة لرفع شان تلك الذات والدفاع عنها .
أما هدف الذات فهو التوافق مع البيئة الاجتماعية والثبات عليها .
يرتبط نمو الثقة بالنفس ارتباطا وثيقا مع نمو الفرد جسميا واجتماعيا . يكتسب الطفل الثقة بالبيئة وبالنفس خلال الأعوام الأولى من حياته عن طريق التفاعل الاجتماعي الحاصل بينه وبين الأم وبينه وبين أفراد الأسرة والآخرين. يجعل إشباع الحاجات البايولوجية والنفسية البعيدة عن الغضب والخوف والتوتر والقلق الطفل يشعر بالأمن والاطمئنان .
تتأثر التنشئة الاجتماعية بصحة الطفل أوعدمها ، وذكائه وغيابه وانبسا طه وانطوائه . فإن كان عليلا أو فاقدا لإحدى الحواس أو اكثر ، أو كان لديه بعض النقص في النمو ، تدفع تلك الظروف الأم إلى أن تركز اهتمامها على هذا الطفل لعطفها الشديد عليه وتساعده في جميع الأمور نظرا لشعورها بعجزه وحاجته إليها .
هذا التطرف في المعاملة يؤدي بالطفل إلى أن يصبح معتمدا اعتمادا كليا على الأم . وبالتالي يصبح عديم الثقة بالنفس ويكون اتكالي على غيره . وقد يصبح أنانيا نتيجة لموقف الأم .
يتم تقوية الثقة بالنفس أو إضعافها عن طريق نوعية التنشئة الاجتماعية . عندما ينشأ الطفل في بيئة مملوءة بالثقة بالنفس يكون واثقا من نفسه معتمدا عليها لا يتخوف من مجابهة المواقف الاجتماعية أيا كان نوعها . ويحاول أن يخلق مواقف جديدة للتعامل مع الآخرين من مختلف الأعمار والأجناس .
للتفاعل الاجتماعي بين أفراد العائلة له اثر كبير على نمو شخصية الفرد . فإتاحة الفرصة للطفل في التعبير عن شعوره وآراءه ، وتلقي التشجيع من الوالدين في ممارسة نشاطه الحركي والفكري المستقل كثيرا ما يؤدي إلى تكوين الثقة بالنفس وتقويتها .
يحدث ضعف في الثقة بالنفس أو فقدانها منذ الطفولة بسبب النواهي المتعددة والمختلفة والانتقادات التي يتلقاها الطفل من الوالدين والكبار والاخوة الأكبر منه سنا .يتم ذلك بسبب جهلهم بقدرات الأطفال أوتوقعاتهم العالية لتلك القدرات . يؤدي ذلك إلى فقدان احترام الذات وضعف الثقة بالنفس . عندما يشعر الفرد بأنه غير كفئ لمواجهة المواقف التي يجابهها . يؤدي شعور الفرد بعدم جدارته بحب الآخرين له ، إلى فقدان الثقته بالنفس وبالآخرين و بالييئة المحيطة به . ومن اجل منع خلق مثل تلك الحالات ينبغي أن نجعل سلوك الطفل معتمدا على المرونة والتلقائية وإبعاده عن الأساليب الدفاعية . وبذلك نساعده أن يكون قادرا على مواجهة القوى الداخلية والخارجية .
يؤدي فرض القيود والاتجاهات المتناقضة نحو الخبرات التي يتلقاها الفرد من البيئة الاجتماعية إلى انحراف تكيفه للبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها . يشير ستشافر وشوفرين إن هناك ثلاثة اتجاهات أساسية تتكون خلال التنشئة الاجتماعية . وتلعب هذه الاتجاهات دورا مهما في تكوين الشخصية السوية هي ما يلي :
1 ـ الميل إلى التعاون كثيرا ما نلاحظ ميل الفرد منذ إلى التعاون فالطفلة تساعد أمها في الأعمال المنزلية والولد يساعد أباه في العناية بالحديقة أو بالسيارة وغير ذلك .
2 ـ الثقة بالنفس نلاحظ الطفل الصغير يحاول أن يحمل الأشياء التي أكبر من حجمه واثقل من وزنه وهذا دليل على ثقته بنفسه .
3 ـ الحرية . يطلب الفرد الحرية منذ الصغر فعندما تقيد حركة الرضيع فإنه يتحدى ذلك وقد يلجأ إلى البكاء ويستمر هذا التحدي إلى الكبر كم من الأفراد ضحوا من أجل تلك الحرية
أما الجانب السلبي في الاتجاهات فإنه يتضمن الخوف والقلق و الإتكالية والعدوانية . عندما يصاحب العقاب حالات الخوف والقلق فإنه يؤدي بالفرد أن يكون مثقلا بالصراعات النفسية في كل مجالات الحياة المتنوعة . تلعب العلاقات الاجتماعية السليمة دورا مهما في تنمية الثقة بالنفس . وتساعد هذه الثقة بالنفس الفرد على ارتياد المجتمعات المختلفة بقلب قوي وخال من الخوف أو الوجل . كما يستطيع أن يتكيف مع المجتمعات الأخرى المختلفة ويتوافق مع المواقف المتنوعة التي يتعرض لها . يعتمد تكيف الفرد وتوافقه مع البيئة على نسبة ذكائه وثقته بنفسه ، فالفرد المتمتع بالذكاء والثقة العالية بالنفس ، يكون سهل التوافق والتكيف مع المجتمعات المتباينة . ويسهل عليه تكوين علاقات اجتماعية وروابط اجتماعية مختلفة مع الأفراد في المجتمع .
تبدأ بوادر مشاعر الطفل بالكفاءة في الأعوام الأولى من حياته ، ويظهر ذلك عندما يمارس قدراته النامية ، عن طريق محاولاته الاستقلالية التي يرغب التمتع بها من خلال إشباع حاجاته البايولوجية بشكل منتظم ومتقن . يستمر هذا السلوك لدى الفرد مما يؤدي إلى تحقيق التكامل الاجتماعي ونتيجة لذلك تتكون الشخصية السوية .
يرى اريكسون إن تطور النفس الاجتماعية يبدأ مبكرا في حياة الطفل ، فإشباع حاجات الطفل الرئيسية في هذه المرحلة بما في ذلك حاجات الأمن والراحة والاطمئنان والطعام والشراب ، يؤدي إلى تكوين مظاهر الثقة بالبيئة المحيطة به وبالعالم اجمع . إن عدم إشباع حاجات الطفل ، وتعرضه للإحباط والتهديد والكف ، يولد لدى الطفل الخوف والشك والتهديد وعدم الثقة بالآخرين ، ويكون الطفل بالتالي عديم الثقة بنفسه .
علاقة الوالدين ببعضهما البعض الآخر وبالطفل : تعتبر الأسرة مصدر إشباع حاجات الطفل النفسية والبايولوجية ، فان شاع الاطمئنان والحب بين أفراد الأسرة الواحدة وخاصة بين الأم والأب فان هذا الاستقرار ينعكس على الطفل ، ويؤدي به إلى إن يكون مستقرا في شخصيته وسلوكه الاجتماعي والنفسي . كما يؤدي بالتالي إلى حدوث التوازن والثقة بالنفس .
أيدت الأبحاث التي أجريت على الجانحين بان السبب الأساس في جنوحهم هو فقدان الاستقرار العائلي . إن السلوك العدواني الذي يمارسه بعض الأطفال يرجع إلى العلاقة العدوانية القائمة بين الأم والأب . يميل الطفل إلى تقليد ما يراه من أنواع السلوك الذي يصدر عن الكبار المحيطين به .
من خلال الأسئلة الموجه إلى الانطوائيين توصلت إلى انهم جميعا كانت لديهم صعوبات مع آبائهم المتسلطين وإخوانهم الأكبر منهم سنا متفوقين في السيطرة عليهم كذلك كثرة الانتقاد من قبلهم بحيث جعل هؤلاء ينسحبون من الميدان الاجتماعي تدريجيا . ويؤدي هذا التراكم إلى الشعور بالنقص أو الانسحاب . لا يعترف بعضهم بذلك والبعض الآخر يعترف ويريد التخلص منه . يتم علاج تلك الحالات بفصل هؤلاء عن المصدر الذي يسبب لهم تلك الحالة .