فلسفة التربية و التعليم في الاسلام
الحلقة الاولى
مفهوم كلمة التربية
ان العملية التربويةهي عبارة عن عملية توجيه و تشكيل للشخصية الانسانية وفق منهج محدد لتصل الى اهداف محددة في سلم الرقي السلوكي و المعرفي.فهي كل عملية تساعد على تشكيل عقل الفرد وخلقه وبناء جسده ليترجم في واقعه السلوكي.
لهدا نجد ان المعنى اللغوي للفظ التربية عند الراغب الاصفهاني يركز على هده النواحي حيث يقول : "الرب في الاصل : التربية وهو انشاء الشئ حالا فحالا الى التمام.يقال ربَه , وربَاه, ورببه وقيل لان يربني رجل من قريش احب اليَ من ان يربني رجل من هوازن". وورد في المعجم الوسيط ان " اصلها اللغوي من الفعل ربا يربو اي نما وزاد ,قال تعالى : (وترى الارض هامدة فادا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت) اي نمت وزادت لما يتداخلها من الماء والنبات , وربى في بني فلان اي نشأ فيهم وتقول ربَاه بمعنى نشأه ونمَى قواه الجسدية و العقلية و الخلقية" .
ادن المعنى اللغوي يتضمن معنى التحسين و التجميل ومعنى النمو والديادة نتيجة لعامل خارجي و كدلك نجد ان المعنى الاصطلاحي لكلمة التربية يشمل ما يتعرض له الفرد من مؤثرات تربوية و ثقافية بصورة منظمة وموجهة مثل المدرسة ووسائل الاعلام وغير منظمة مثل الاسرة والصحبة و الاتصال بالناس في الحياة العامة.فالتربية ادن عملية بناء تشمل كل جوانب الشخصية الانسانية فلا تقتصر على جانب دون الاخر فهي تربية لعقله و ضميره و خلقه وجسده. وهي عملية مستمرة تمتد لتشمل حياة الانسان من المهد الى اللحد.
والعملية التربوية التربوية لها صيغة فردية و اجتماعية في ان واحد . فهي فردية من حيث انها تبدأ مع الانسان بامكاناته الجسمية و العقلية و النفسية ثم تنمية هده الامكانات في ابعادها المختلفة و توجيهها على قدر قابلية الانسان, وهي اجتماعية من حيث انها تنمي الفرد في اطاره الاجتماعي باعتباره فردا من افراد المجتمع وعليه ان يكتسب الطابع الاجتماعي حتى يستطيع ان يعيش في الوسط الاجتماعي الدي وجد فيه.
ان مشكلة التربية تكون اكبر عندما يحدث صدام و تناقض بين ما يتلقاه الفرد من معرفة وبين ما يراه ويتلقاه من سلوك وقيم في واقعه الاجتماعي ,هنا يحدث التناقض وحينها يحتاج الطفل للوالدين ,ويحتاج التلميد للمعلم , ويحتاج الشخص البالغ للمرشد و للمربي ليفسر له هدا التناقض اي ان الانسان في كل مراحل عمره يحتاج لمن يدلل ويفسر له هدا التناقض وكيفية الخروج منه بسلامة دون اهتزاز القيم الراسخة في عقله ووجدانه. وقد لا يتوفر هدا المرشد الواعي المدرك لهدا التناقض وسبل الخروج منه , فيصبح الفرد سواء كان طفلا او تلميدا او شخصا بالغا مسؤولا عن حل هدا التناقض و تكون امامه ثلاثة خيارات. الاول ان يتجاهل ما يتعلمه رغم صحته ويتابع الواقع الاجتماعي, اي يكون امعة. و الثاني ان يرفض هدا الواقع ويعمل على تغييره بتغيير اتجاهات مجتمعه على اسس علمية وتربوية قويمة . والثالث ان يرفض هدا الواقع وينأى بنفسه من خضم المجتمع.
الاسلام يطرح للمسلم ثلاث خيارات وهي ستشكل مجال بحثنا في الحلقة الثانية.