أنواع الذاكرة ودورها في التعلم




تتطلب الذاكرة والتعلم كل منهما الاخر، لأنه بدون تراكم الخبرة ومعالجتها والاحتفاظ بها في الذاكرة لا يوجد تعلم. وبدون التعلم يتوقف تدفق المعلومات.
يؤثر التعلم ايجابا على السلوك ويحدث تعديلات عليه. والذاكرة تقوم بعملية تثبيت هذه التعديلات وتحفظها وتبقيها جاهزة للاستخدام، ان مستويات التذكر والاسترجاع هي نفسها مستويات التعلم لأنهما متداخلين وقد يكونا متطابقان.
هنالك العديد من النظم المختلفة للذاكرة. واسترجاع معلومات تم تخزينها حديثا يختلف من حيث الكم والكيف عن تلك التي تم تخزينها قبل مدة طويلة. والذاكرة نوعان:
- الذاكرة قصيرة المدى
- الذاكرة طويلة المدى
قام بعض العلماء مثل ميلر 1956 وماندلر 1967 وإليست وغيرهم بتقسيم الذاكرة الى ثلاثة انماط:
1- المسجل المباشر للمعلومات الحسية
هذا النوع من الذاكرة يحتفظ بالمعلومات الناتجة عن الحواس، ولكن مدة الاحتفاظ بهذه المعلومات قصيرة جدا تتراوح بين ( 0.1 – 0.5 ) من الثانية، ومن الامثلة الدالة على ذلك:
اذا قمت باغلاق عينيك ثم فتحتهما لحظة وأعدت اغلاقهما فإنك ستلاحظ أن الاشياء التي رأيتها تظل واضحة لبعض الوقت ثم تختفي تدريجيا.
2- الذاكرة قصيرة المدى
تساعد الذاكرة قصيرة المدى على استرجاع فوري لمعلومات قد حصلت عليها حديثا مثل رقم هاتف جديد او جملة سمعتها للتو او مقطع من اغنية توقفت فجأة .... الخ، ويستطيع الانسان العادي ان يختزن بذاكرته قصيرة المدى ما بين 5 – 9 عناصر او بنود، ومن الممكن ان تكون هذه العناصر عبارة عن اعداد او كلمات او حروف او مقاطع صماء وتكون هذه العناصر وحدات ذات معنى. والمدة الزمنية التي تحتفظ فيها الذاكرة قصيرة المدى بالمعلومات لا تتعدى عشرات الثواني وفي احسن الاحوال بضعة دقائق.
وتقوم الذاكرة قصيرة المدى بمعالجة المعلومات بطرق، أهمها:
طريقة التكرار:
ان التكرار للمعلومة يؤدي الى الاحتفاظ بها لفترة قصيرة واعدادها للانتقال الى الذاكرة طويلة المدى، وكلما تكررت المعلومة عددا اكبر من المرات كلما تم الاحتفاظ بها في الذاكرة قصيرة المدى لفترة اطول، وكلما كان ايضا هناك احتمال لاسترجاعها في المستقبل. اذ أن تكرار المعلومة يؤدي الى ترسيخها ولكن يجب ان يكون ذلك بطريقة منظمة سليمة وبعد ان يتم فهم المعلومات جيدا حيث ان التذكر يعتمد على الفهم أولا ومن ثم التكرار.
3- الذاكرة طويلة المدى
ان استرجاع معلومات حديثة يتم بسهولة وبطريقة مباشرة لأن احداثها مازالت في الوعي ولم تغادر بعد، بينما استرجاع معلومات قديمة اصعب بكثير لانه موجود بين الركام الهائل للمعلومات. والذاكرة طويلة المدى ذات سعة قد تكون غير محدودة وهي تحتوي على معلوماتنا عن العالم المحيط، ونحتاج لهذه المعلومات لكي نستطيع حل مسائل معينة واسترجاع معلومات تلزمنا لوقتنا الحاضر كالتعرف على الصور وغيرها. وبالتالي هي التي تساعدنا على التفكير. وقد أشار العالمان ( بياجيه و وانهلدر (في كتابهما المشترك ( الذاكرة والذكاء (1968، الى ان الذاكرة – والمقصود بها الذاكرة الطويلة المدى – تخضع لقوانين التفكير وانها تعمل وفق هذه القوانين لذلك فهي تقوم بمساندة عملية التفكير، بسبب ان المهارات والمعلومات التي يمتلكها الانسان، محفوظة في هذه الذاكرة.
ان دخول المعلومات بطريقة منظمة للذاكرة يضمن قدرتنا على استرجاعها وقت حاجتنا اليها. لان التنظيم والترتيب بين المعلومات التي يكون بينها علاقات مشتركة هو ضمان بقائها واستمرارها في الذاكرة وهو المعين على حصولنا عليها وقت الحاجة اليها. ان المعلومات المحفوظة في الذاكرة طويلة المدى تطرأ عليها تغييرات في اثناء عملية الاحتفاظ بها حيث يعاد تشكيلها وصياغتها احيانا، ومن الممكن تعرض ذاكرة الاحداث للنسيان وذلك بسبب التغيرات التي قد تحدث عليها، وعندما يحاول الانسان ان يتذكر المعلومات حسب ما يتذكر، لا يستطيع بسبب هذه التغييرات.
وفي ضوء ما تقدم يمكن القول بأن الذاكرة طويلة المدى هي عملية الاحتفاظ بالموضوعات التي تم ادخالها الى الذاكرة من قبل، لمدة طويلة ومهمتها الاحتفاظ بماهو ضروري للمستقبل.
عوامل تحسين الذاكرة المتعلقة بالتعلم:
- التغذية السليمة والاستقرار النفسي يرفعان مستوى النشاط الذهني ويقويان الذاكرة: هنالك عوامل تساعد على التحصيل والاستيعاب السريع للطلاب، منها التغذية السليمة ، العوامل النفسية، الهدوء والاستقرار العائلي الذي يؤدي الى استقرار نفوسهم مما يمكنهم من الاستيعاب والتركيز وعدم التشويش ويجعلهم في افضل حالاتهم لاستقبال المعلومات والنجاح والتفوق.
- النوم الكافي: للسهر تأثير خطير على نشاط المخ والتركيز, وخاصة عند استخدام بعض المنبهات التي تسبب السهر. وعلى الطالب ان يريح المخ بين فترات الدراسة للمساهمة في عملية التحصيل والاستيعاب والاستمرار في الدراسة وعدم التعب والخمول والارهاق.
- التهوية: يحتاج الطالب لمكان جيد التهوية لان الاكسجين يساعد في زيادة الاستيعاب والتركيز.
- الافطار: يجب ان يحتوي الافطار على البروتينات لامداد الجسم بما يحتاج من بروتينات مهمة لسلامته.
- السوائل: وخاصة الماء والعصير والحليب والابتعاد عن المنبهات التي ترهق الجهاز العصبي.
- حمض اوميجا -3- : تعتبر احماض اوميجا -3- من العناصر المهمة لتقوية الذاكرة والحد من النسيان وتؤدي الى نتائج ايجابية، وتوجد هذه الاحماض في الاسماك والتونة وبعض المكسرات ، لذلك ينصح الطلاب بتناولها. وهي مفيدة لكبار السن وممن يعانون من ضعف الذاكرة والنسيان.
- المقصف: يجب على المسؤولين عن المقاصف المدرسية الحرص على توفير الاغذية التي تمد الطلبة في وقت الاستراحة والامتحانات، بالعناصر الهامة والحيوية مثل الحليب والعصير وبعض الفواكه والابتعاد عن الاغذية الخاوية مثل الشيبس والمشروبات الغازية.

جريدة الرأي
أبواب
أ. هدى جلامنة