عصر جديد يحمل لنا بين تقنياته المتواترة حلماً هو ما بدأت به هذه الأمة منهجها، حينما نزل جبريل على نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم وقال له ( اقرأ ) ، فكانت الإجابة ( ما أنا بقارئ).
إن أمّة ( اقرأ ) قد فقدت هذه الروح الوثّابة للتطلّع والعلم، وانتهجت سبيلاً في ما سال من القنوات بغزارة أو من الفلاشات الوهمية التي تطالعنا بنا بعض الصحف المجبولة على ( الحشو من جهة والفراغ من جهة أخرى)، وحين نتطلّع إلى حلم القراءة نجد الكثيرين معارضين للفكرة بدعوى أن المعلومة باتت تصل بأسرع الطرق ، والفضل بعد الله يعود لصديقنا اللدود ( googel ) بل إن البعض اكتفى بقوله أن الكم الهائل من الإصدارات المقروءة لم يعد يمنحنا فرصة لملاحقة الزمن ، والقراءة بشكل يتوافق مع سرعة هذا الزمن.

وفي الجانب الآخر نسمع عن القراءة السريعة، ونسمع صوتًا من الخفاء يباغتنا بقوله ( إنني اقرأ بسرعة ولا أستوعب) ، فهل نحن أمام سرعةٍ لمجرد القراءة أو قراءة سريعة تحمل معها الوعي والاستيعاب والنتيجة؟

إن الغالب علينا مع هذا الكم من المعلومات يقودنا إلى الاستسلام بأن قراءة كتاب من 300 صفحة في ساعة وبنسبة استيعاب تفوق 80 % يكون ضربًا من الخيال ، ولعل هذه الصورة الوهمية ، أو البرمجة السلبية الخاطئة هي من تقودنا إلى البقاء في دوامة القراءة التقليدية البطيئة، أو الاستسلام إلى ( لا قراءة بعد اليوم ).

إن تقنيات القراءة السريعة التي ابتكرها توني بوزان ، تقودنا حقًا لإدراك أن هذا العلم يسير بنا وفق أسس منطقية، مبنية على قدرات الدماغ، الذي يمكنه قراءة أربع كلمات في ربع ثانية، ولعل من أبرز هذه التقنيات أن يبدأ الشخص بالتخلص من أوهام القراءة السريعة، التي حتمًا تقود إلى الإحباط والاستسلام بعدم الفهم أو الاستيعاب. لا سيما وأن الكثيرين يربطون بين حجم الكتاب ومدّة القراءة، بل إن الكثير منهم لو سئل عن زمن القراءة لكتاب من 300 صفحة لربما كان جوابه من يوم إلى يومين، ولو سئل في الكتاب بعد أسبوع لربما فقد كثيرًا من معلوماته إن لم يفقد حتى اسم عنوان الكتاب.

هذه مقدمة بسيطة تعمّدت البدء بها، ومعها نبدأ بتجاوز أفكارنا السلبية حول قدرتنا على القراءة بشكل أسرع، وحول الإيحاءات الإيجابية ( أنا قارئ سريع ـ أنا أستوعب جيدًا ـ أشعر أنني أتقدم كثيرًا في سرعتي ـ وغيرها من الإيحاءات الإيجابية التي تساعد على برمجة العقل بالاتجاه الصحيح.


سأترككم أمام محاولة جادّة لكسر قلم رصاص بإصبعك الصغير، هل تستطيع ذلك ؟
إن كان ردّك المباشر ( لا ) فاعلم أنك لن تقرأ أبدًا.
وإن كان ردّك ( سأحاول ) فأنا أعدك بأنك ستصبح قرائاً سريعاً .
وإن كان ردّك نعم، فلا يمنع أن تسابق الزمن في قدراته لتصل إلى المستوى الاحترافي من القراءة.

دعونا نبدأ ، ونتخلص من أوهامنا السلبية حول القراءة، طبقوا التمرين السابق ، ليس بالضرورة أن تنجح أول مرّة، بل الأهم أن تسعى في المحاولة حتى تكسر هذا القلم، لأنك لو كسرته لكسرت معه أشياء كثيرة محبطة، وهذا هو الهدف من هذا التمرين.