مطالبة الجهات الرسمية بتشريعات واضحة
مغمورون بشهادات مجهولة المصدر يحترفون عقد الدورات التدريبية للبسطاء

الدمام: فهد العيلي، هند الصالح .. جريدة الوطن

أثارت إعلانات الدورات التدريبية في مجالات تطوير الذات والموارد البشرية والبرمجة اللغوية التي يقوم بها عدد كبير من المدربين في الآونة الأخيرة التساؤلات حول مدى جدية وقانونية تلك الدورات والتي بحسب خبراء تدريب وأكاديميين، فإن أشخاصا مغمورين احترفوا مهنة التدريب في غضون أيام بعد حصولهم على شهادة مجهولة المصدر ومن ثم الترويج لأنفسهم بإعلانات مدفوعة الثمن لخداع البسطاء.
احتيال
وصف الدكتور راشد الدوسري خبير تدريب وصاحب مؤسسة رسمية هذه الدورات بأنها نوع من الاحتيال والذي يستهدف كسب ثقة المتدربين الذين لا تتوفر لهم وسائل التحقق من الشخص المدعي مضيفا أن هؤلاء "الدخلاء" لا يعتمدون على مراجع علمية في كتب الإدارة باللغة الإنجليزية ولا يستطيعون نقل التجربة التدريبية الراقية إلى المملكة كونهم ناقلين لما يقال.

تضييق الخناق
وأكد المدرب في مركز مهارات الحياة يوسف الخاطر أن مشكلة كثرة المدربين غير المؤهلين تنطبق على العاملين في القطاعات المختلفة فالكثير يود أن يدخل التدريب في البيوت وأن
يصل لكل أفراد المجتمع ولكن للأسف مازالت هناك بعض المدارس والجامعات لا تغير في اتجاهاتها وأن أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية يفتقدون إلى المهارة ويعتمدون على التلقين على الرغم من تغير آراء الكثير من الناس اتجاه عملية التدريب لكونه يعتبر عاملاً مساعداً لهم لتطوير مهاراتهم وهذا التغير يعتبر إيجابياً، بدليل أن هناك أحد الإخوة من المشرفين في التنمية الأسرية في منطقة الأحساء قد أعلن عن انخفاض نسبة الطلاق عندهم نتيجة لكثرة التدريب والوعي المستمر، ويعتبر الخاطر أن كثرة الإعلانات في الوقت الحالي ليست كثيرة وهي تعتبر في حدود المعقول.
وأضاف أنه يوجد هناك 300 مدرب معتمد في المملكة ولكن الذين يمارسون مهنة التدريب بشكل فعلي قد يتجاوز عددهم 20 شخصاً فقط الذين بدورهم يمتلكون مهارة وموهبة وبرنامجاً يساعدهم على جذب شرائح مختلفة من المجتمع ويبتعدون عن دائرة السقوط التدريبي.
وطالب الخاطر بتسهيل أكثر من الجهات المقدمة للدورات، فالشروط تلزمهم بتقديم طلب للمؤسسة التعليم الأهلي التي تسبب لهم التأخير وقارن أيضاً بعدد المراكز الموجودة في الإمارات وخاصة في دبي التي يوجد بها وحدها 2052 مركزاً ومعهداً متخصصاً بالتدريب وأكثر المشاركين بها بنسبة تصل من 70% إلى 90% من السعوديين، ويرجع ذلك السبب إلى قلة مراكز التدريب في المملكة والتي يصل عددها إلى 650 مركزاً فقط وأيضاً لسهولة الإجراءات التي تقدمها دبي في هذا المجال.
وتساءل الخاطر لماذا إذا كان المدرب قد كوّن سمعة جيدة بين أوساط المجتمع وأصبح مشهوراً يضيق عليه الخناق في إجراءات الشروط للحصول على ترخيص لإقامة دورات تدريبية؟
مآخذ متكررة
آمال المعلمي المدربة في مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني لها مآخذ على المعاهد الخاصة التي تجيز للجميع الحصول على لقب مدرب وبنفس المستوى وتعتبره ظلماً ينتقص من حق المدرب الجيد، وبينت المعلمي أن الكثير ممن يحضرون الدورات لا يكونون على دراية وفهم بنوعية الدورة المقدمة وبالتالي هذا يسبب تأثيراً على البرنامج وعلى الميدان التدريبي، وقالت هناك جهات أخرى تقوم بإعطاء تراخيص لممارسة التدريب كوزارة التعليم التي يوجد بها إدارة التدريب التربوي وأيضاً مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ويكون غالبية الحاصلين على التراخيص مؤهلين ويملكون دورات تدريبية وشهادات بالإضافة إلى أن تلك الجهات تقوم بزيادة الإضاءات التدريبية حتى تؤهل المدرب على لاتخاذ عملية التدريب مهنة.
غياب المعايير
وبسؤال "الوطن" عن برامج التدريب القائمة الآن في القطاع الحكومي والخاص، قال مدير مركز الرميزان للتدريب والتوظيف ناصر السبيعي إنه لا يستطيع الحكم عليها إلا بعد الاطلاع عليها ولكن بشكل عام هي تختلف على حسب المعهد الذي يقدم البرنامج، فهناك عدة معاهد تمتلك أفضل البرامج و تكون متميزة في وسائلها التدريبية المستخدمة، فمثلا عندنا في مركز الرميزان نستقبل العديد من الشباب من جميع الشهادات ونعمل على تدريبهم باستخدام وسائل متطورة مثل تمثيل الأدوار عن طريق كاميرا لتسجيل عمليات التدريب التي تحدث داخل المحلات في المركز ومن ثم تتم مناقشتها عن طريق لجنة مكونة من مدرب الذهب ومدرب المجوهرات ومدرب المبيعات مع المتدربين لتجنب الأخطاء التي تحدث.
وقال إنه يرى أن بعض معاهد التدريب أصبحت في برامجها نوعا من التكرار والنسخ من المعاهد الأخرى، وللعلم يوجد العديد من المعاهد المتميزة في جودة التدريب وأيضا يوجد هناك معاهد متدنية في التدريب ،فالمعيار هو الخبرة في سوق التدريب ووجود طاقم إداري مميز قائم على المعهد ووجود طاقم تدريبي مؤهل، وعن التدريب كتجارة رائجة الآن وأصبح هناك من يطلقون على أنفسهم مدربين ويروجون إعلاناتهم بشكل مستمر وبينهم من يحمل شهادات مزيفة أو تجارية، قال السبيعي إن ذلك يعتمد على معايير التدريب التي تطبق في القطاع الخاص والعام وهذه المعايير تهتم باستقطاب المدربين والحقائب التدريبية وهذه المعايير إذا طبقت سوف تحد من أعداد هؤلاء المدربين، حيث يجب أن يتم التركيز في هذه المعايير على خبراته العملية السابقة و كفاءاته وطريقته في عملية التدريب، أما تأثيرهم السلبي فهو من أكبر المشاكل بحيث إن هناك من يدفع مبالغ كبيرة قد تصل إلى 15 ألف ريال لحضور دورة تدريبية وبالأخير يكتشف الحاضر للدورة أن المدرب لا يستحق كل هذا المبلغ كون مدرب الدورة لا يملك شيئاً مميزا أو لا يستطيع إيصال المعلومة أو لا يستطيع إدارة الدورة بنجاح.
ويرى السبيعي أن وجود جمعية مهنية خاصة بالمدربين أمر لا بد منه خصوصاً وأن القطاع العام والخاص متجه الآن للتدريب والنتائج ستظهر خلال السنوات القادمة.
جمعية للتدريب
وقالت المدربة في مركز حلول الشرق للاستشارات الإدارية والتدريب عبير طاهر تأهيل المدرب عملية ليست سهله فالتدريب يختلف عن التدريس كما يعتقده البعض، حيث يجب على المدرب أن يكون ملماً بالمعلومات والحجج العلمية التي تساعده في تدريبه للطرف الآخر الذي من الممكن أن يطرح عليه عدة أسئلة ويدخل معه إلى آفاق كبيرة ومتاهات كثيرة تلزم المدرب بأن يجيب عليها، فهناك من يمتلك مهارة في كتابة المادة العلمية ولكنه يفتقد إلى مهارة التدريب وإخراجها بصورة واضحة.
وتجد عبير أنه من الواجب إيجاد جمعيات مهنية للمدربين حتى يتم التمييز بين المدرب المزيف والأصلي، ولقد سمعت عن وجود تحركات في هذا الاتجاه وفتح جمعية للمدربين من قبل صندوق الموارد البشرية.
ظاهرة صحية
من جانبه قال مدير لجنة القوة العاملة في الغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية صالح الحميدان إن كثرة المدربين تعتبر ظاهرة صحية بدليل الإقبال المتزايد من كل فئات المجتمع على حضور دورات لتطوير مهاراتهم وقدراتهم وزيادة كفاءاتهم.
وأكد الحميدان على أنه في النهاية يبقى المستفيد الأكبر من كل ذلك هي سوق التدريب وأن الضلع الثالث لعملية التدريب هو الجهة المنظمة.
رأي التعليم الفني
أما مدير المؤسسة العامة للتعليم الأهلي والتدريب المهني الدكتور مبارك الطامي فقد قال إنه إلى الآن لا توجد هناك جهة معينة غير المؤسسة تقوم بإصدار التراخيص لقيام منشأة تدريبية.
وأضاف أن هناك معايير محددة من أجل اعتماد المدربين بشكل رسمي بوجود مؤهلات وتقديرات لا تقل عن جيد وخبرة لمدة 3 سنوات وإجراء مقابلة بعدها يعتمد كمدرب ويسجل اسمه في المؤسسة.
ويشرح الطامي الخطوات التي قد بدؤوا بتنفيذها مع كثير من المؤسسات المهنية الأخرى من أجل اعتماد المدربين وفق آلية محددة، وعن مدى مصداقية الإعلانات المتزايدة للدورات التدريبية أكد الطامي أنه لا يحق لأي شخص أن يقيم دورة تدريبية من دون الحصول على ترخيص من المؤسسة، وأن المؤسسة تقوم بمتابعة البرامج التدريبية التي تقدمها المراكز المنتشرة في المملكة بحيث يجب على المنشأة أن تقوم بتزويد المؤسسة بأسماء المدربين فيها الذي يستوفون الشروط العامة وإذا خرج المدرب عن تلك الشروط تقوم المؤسسة بمخالفة المنشأة، ويوضح الدكتور أن هناك العديد من الدورات التطويرية التي تقيمها مراكز التدريب فإذا لم يشعر الزبون الذي يحضر الدورة بنجاح المركز فيما يقدمه من مدرب وبرنامج فعندئذ الخطورة ستنعكس على المنشأة نفسها خصوصاً وأنه وبكل أمانة المستقبل هو التدريب.


............
لاثنين 11 جمادى الأولى 1428هـ الموافق 28 مايو 2007م العدد (2432) السنة السابعة