ربما تكون أفضل طريقة معروفة في التقييم هي المستويات الأربعة للتقييم ليكرك باتريك، نموذج 1994 المتعلقة برد الفعل والتعلم والأداء والنتائج، ويظهر المخطط المبين أدناه كيف أنَّ عملية التقييم تتناسب مع بعضها البعض.

المستوى الأول – رد الفعل (Reaction)

وكما تعني هذه الكلمة فإن التقييم في هذا المستوى يقيس إلى أي مدى يتفاعل المتدرب مع التدريب، وغالباً ما يقاس هذا المستوى من خلال استبانات الميول (attitude questionnaires) والتي تجرى في نهاية التدريب، ويقيس هذا المستوى شيئاً واحداً: رد فعل المتدرب تجاه الدورة.

يجب أن يكون المتعلمون مدركون لما يحتاجون معرفته لإكمال هذه المهمة، فإذا أخفق برنامج التدريب بإرضاء حاجياتهم فإنه يجب معرفة فيما إذا كان هذا الإخفاق هو بسبب تصميم البرنامج أو بسبب طريقة إعطائه. لا يدل هذا المستوى على أداء المتعلم ولا يقيس المهارات الجديدة التي اكتسبها المتدربون أو ما مقدار تحويل ما تعلموه إلى بيئة العمل. وهذا ما دفع بعض المُقيّمين إلى تقليل قيمة هذا المستوى. على أي حال فإن اهتمام وعناية ودوافع المشاركين هامة جداً في نجاح أي برنامج تدريبي, حيث أن الناس يتعلمون بطريقة أفضل عندما يتفاعلون بشكل إيجابي مع بيئة التعليم.

عندما يُعرض برنامج تدريبي متكامل للمرة الأولى يكون على المتدرب أن يتخذ قراراً حول ما إذا تم جذب انتباهه، ووجد أن الأهداف هامة وممكن القيام بها. عندئذٍ يُحرَّض المتدرب على المشاركة بها (ماركوس و روفولو 1990). على أي حال إذا لم يرتبط المتعلم بمادة التعلم وأهدافها أو وجدها ذات إمكانية دنيا للنجاح فيها، عندها يتم توليد تأثير سلبي وغالباً ما يكون التحفيز للمشاركة في النشاط التدريبي في حدها الأدنى.

وتختلف هذه عن كيرك باتريك، فقد كتب ما يلي: "إن أفضل تعريف لرد الفعل هو إلى أي مدى أحب المتدرب برنامج التدريب المعين هذا" (1996). على أي حال كلما كان برنامج التدريب ذو صلة أقل مع المتدرب، كلما تطلب جهداً أكبر في تصميم وتقديم البرنامج التدريبي، وهذا يعني بأنه إن لم يكن البرنامج التعليمي ذو صلة عندها يجب على البرنامج التدريبي "ربط" المتدرب عبر تصميم رائع أو عن طريق روح الدعابة أو الألعاب...الخ. هذا لا يعني أن هذا التصميم أو روح الدعابة أو الألعاب غير هامة، ولكن استخدامها في البرنامج التدريبي يجب أن يكون لتطوير "عملية التعليم" بحد ذاتها وليس لتطوير "البرنامج التدريبي" نفسه. إذا تم بناء البرنامج التدريبي على أسس تصميمية قوية وراسخة عندئذٍ يجب أن يساعد المتدربين في سد فجوة الأداء، ولهذا يجب أن يكون المتدربين مُحفزين على التعلم، وإن لم يكن الحال كذلك فإن شيئاً خاطئا قد حدث أثناء تخطيط وبناء البرنامج، ولهذا فإذا وجدت نفسك ملزماً بربط المتدربين عبر تصاميم متقنة عندئذ قد يكون عليك إعادة تقييم الغاية من البرنامج التدريبي.

المستوى الثاني – التعلّم (Learning)

هذا هو المدى الذي يغير إليه المشاركون مواقفهم، ويطورون معرفتهم ويزيدون في مهاراتهم نتيجة لحضورهم البرنامج التدريبي، فهو يوجه السؤال التالي: هل تعلم المشارك أي شيء؟ يتطلب تقييم التعليم اختباراً لاحقاً وذلك بغية التأكد من المهارات التي تعلمها المشارك أثناء التدريب. إضافة إلى ذلك فإن الاختبار اللاحق يكون فعالاً فقط في حال اقترانه بالاختبار السابق، بحيث يمكنك أن تميز بين ما قد تعلموه قبل التدريب وما قد تعلموه فعلاً خلال فترة برنامج التدريب.

إنَّ عملية قياس التعلم التي تحدث خلال برنامج التدريب هامة من اجل التحقق من أهداف التعليم، وتسلط عملية تقييم التعلم الضوء على أسئلة كهذه:

· ما هي المعرفة التي حصل عليها المتعلم؟
· ما هي المهارات التي تم تطويرها أو تحفيزها؟
· ما هي المواقف (أو القيم) التي تغيرت؟

لقد تم إيجاد الاختبارات لتسمح في خلق قرار حول قابلية المتعلم في الأداء. ولهذه العملية قسمين: تجميع المعلومات أو الأدلة (اختبار المتعلم) ومن ثم الحكم على المعلومات (ماذا تمثل هذه البيانات والمعلومات؟) ولا يجب أن يكون هناك خلطاً بين الاختبارات والتقييم، فالاختبارات تكون حول تقدم الإنجازات الفردية للمتعلم، في حين أنَّ عملية التقييم هي حول برنامج التعليم ككل (توفي 1997، ص 88). إن المستوى التالي هو الطريقة الأفضل للتأكد من تحول التعليم إلى العمل ولكن لسوء الحظ فإنها نادراً ما تنفَّذ.

المستوى الثالث – الأداء (السلوك) (Performance (behavior)

إن السلوك هو الفعل الذي يُنجز، في حين أن النتائج النهائية للسلوك هي الأداء. قال جيلبير (Gilbert) أنَّ للأداء سمتين – كون السلوك الوسيلة وكون نتائجه الغاية (1998) ولو كنا فقط قلقين حول السمة السلوكية، لكنا أنهينا الأمر في بيئة التدريب. وعلى أي حال فإن نتيجة السلوك (الأداء) هي ما نسعى إليها... فهل يستطيع المتعلم الآن أن ينجز أعماله في بيئة العمل؟

يشتمل هذا التقييم على اختبار إمكانية المتدربين وقدراتهم في أداء المهارات التي تم تعلمها أثناء العمل، أكثر من أدائها أثناء وجودهم في القاعة الدراسية. يمكن تنفيذ تقييمات المستوى الثالث بشكل نظامي (من خلال الاختبارات-testing) أو بشكل غير نظامي (من خلال الملاحظة -observation) لنقرر إذا ما كان الأداء المطلوب يحدث الآن وذلك بالإجابة على السؤال التالي: "هل يستخدم الناس تعليمهم المكتسب حديثاً أثناء العمل؟". من المهم قياس الأداء لأن الهدف الرئيسي من التدريب هو الحصول على النتائج وذلك من خلال تدريب المتدربين على مهارات ومعارف جديدة كي يطبقونها في أعمالهم، فلا يُعتبر تعلم المهارات والمعارف الجديدة شيئاً جيداً بالنسبة للمنظمة ما لم يستخدمها المتدربون فعلاً في أنشطة أعمالهم. وفي حين يجب إجراء قياسات المستوى الثالث بعد عودة المتعلمون إلى أعمالهم، فيكون من الضروري تدخل شخصاً له علاقة بالمتعلم مثل المشرف.

على الرغم من أن هذا يتطلب جهداً عظيماً في جمع البيانات أثناء فترة التدريب وبعدها، إلا أن قيمتها هامة جداً بالنسبة لقسم التدريب والمنظمة لأنها تعطي نظرة عميقة حول نقل التعليم من القاعة الدراسية إلى بيئة العمل والعقبات التي تصادف المتدربين عندما يرغبون في تطبيق التقنيات الجديدة التي تم تعلمها في البرنامج.

المستوى الرابع – النتائج (Results)

يقيس فعالية برنامج التدريب أي: "ما هي التأثيرات التي حققها التدريب؟" ويمكن أن تشتمل هذه التأثيرات بنود كهذه مثل الأمور المالية، الكفاءة، الأخلاقيات، العمل الجماعي... الخ.

ورغم صعوبة فصل نتائج برنامج التدريب، فإنه من الممكن أن نربط مساهمات التدريب وتحسينات المنظمة. من الصعب جمع وتنظيم وتحليل معلومات المستوى الرابع. حيث أن الزمن يكون أكثر كلفة من المستويات الثلاثة الأخرى، لكن النتائج تستحق هذه القيمة عندما يتم النظر إليها بالمعنى الكامل لقيمتها بالنسبة للمنظمة.

عندما نتحرك من المستوى الأول إلى المستوى الرابع، تصبح عملية التقييم أكثر صعوبة وأكثر استهلاكاً للوقت ومع هذا فإنها تقدم معلومات ذات قيمة عالية أكثر المستويات استعمالاً في التقييم هو المستوى الأول لأنه أسهل المستويات للقياس، ومع هذا فإنه يقدم أضعف البيانات قيمة، فنتائج القياس التي تؤثر على المنظمة أصعب بكثير، ولهذا فإنا نستخدم المستوى الرابع بشكل أقل ولكن يزود بأفضل المعلومات قيمة. يجب استخدام كل مستويات التقييم وذلك لإعطاء بيانات متقاطعة لبرنامج قياس التدريب.

إن المستويات الثلاثة لتقييم كيرك باتريك – رد الفعل والتعلم والأداء هي بالغالب قياسات "طرية" (soft)، ومع هذا فإن صانعي القرار الذين يوافقون على برامج التدريب يفضلون النتائج (العائدات أو التأثيرات)، وذلك لا يعني بأنَّ المستويات الثلاثة الأولى أقل قيمة، لكن في الحقيقة يكمن استخدامها في تتبع المشاكل في برنامج التدريب:
· يخبرك رد الفعل عن مدى علاقة التدريب بالعمل الذي يقوم به المتدربون (يقيس جودة عمليات تحليل متطلبات التدريب).
· يخبرك التعليم بدرجة الصلة التي يعمل بها برنامج التدريب وذلك بغية نقل KSA من مادة التدريب إلى المتدربين (فهو يقيس جودة عمليات التصميم والتطور).
· يخبرك مستوى الأداء بدرجة التعلم التي يمكن أن تطبق في عمل المتدرب (فهو يقيس جودة عملية تحليل الأداء).
· يخبرك النتائج "بالعائد" الذي تتلقاه المنظمة من عملية التدريب، ويفضل صناع القرار هذه "النتيجة" الأصعب، وكمثال على ذلك فقد أوجدت دراسة حول الأمور المالية وتكنولوجيا المعلومات: بأنهم يعتبرون "العائدات" الصعبة والطرية عندما تصل إلى مركز تكنولوجيا الزبون، ولكنهم يعطون وزناً أكبر للأمور غير المالية مثل قناعة الزبون وولائه (Hayes, 2003).

لاحظ الفرق بين "المعلومات" و"العائدات"، أي أن المستويات الثلاثة الأولى تعطيك "معلومات" بهدف تطوير البرنامج التدريبي، في حين أن المستوى الرابع يعطيك "العائدات"، وغالباً ما تعطى النتيجة القاسية بالدولارات والسنتات، في حين تكون النتائج السهلة ذات طبيعة معلوماتية أكثر. وعوضاً عن تقييم كيفية عمل التدريب، فإنها تقيم تأثير التدريب على المنظمة، وهنالك استثناءات فمثلاً إذا كانت رؤية المنظمة تقوم على تقديم فرص تعلُّم (ربما لزيادة القدرة على الاستذكار) عندئذٍ يمكن استخدام المستوى الثاني أو الثالث لتأمين عائد سهل.

ويمكن تأمين القياس الأخير لبرنامج التدريب بطريقة أكثر "توازنا" (Kaplan & Norton, 2001) والتي تنظر إلى التأثير أو العائد من أربع مناظير:
· المالي: وهو قياس (مثل ROI) الذي يبين المردود المالي، أي إلى أي مدى تأثر الخرج. ويمكن أن تكون الأمور المالية نتائج صلبة وسهلة.
· الزبون: تطوير المجال الذي تتميّز به المنظمة عن بقية المنافسين بغية جلب انتباه الزبائن الهدف وللحفاظ على العلاقات معهم وتعميقها.
· داخلياً: تحقيق الامتياز عن طريق تطوير هذه العمليات مثل تأمين سلسلة إدارية قوية، عمليات تطوير الإنتاج أو عمليات الدعم.
· التحديث والتعلم: التأكد من أن برنامج التدريب يدعم مناخ التغيير في المنظمة وتحديث ونمو الأفراد.



تصميم النظام التدريبي – مرحلة التقييم




بواسطة:عمران المرابط
موسوعة التعليم والتدريب
http://www.edutrapedia.illaf.net/arabic/show_article_page.thtml?id=73&pg=2