عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
الأسس النظرية للتعليم عن بعـد
د. علاء صادق: مقدمة:كانت للثورة الصناعية في القرن التاسع عشر العديد من الإسهامات في مجالات العلوم والتكنولوجيا بصفة عامة كما قدمت للتربويين بصفة خاصة العديد من الأدوات والبدائل لبداية عصر جديد من التعليم. وقد كان التعليم عن بعد واحداً من أهم نتائج هذه الثورة.فقد قدمت الإذاعة المسموعة والتلفزيون المرئي ووسائل الاتصال الحديثة العديد من الحلول لتطوير ونقل المناهج التعليمية خارج الفصول التقليدية. كما ازداد شغف الطلاب وأولياء الأمور بالبحث عن مصادر التعلم والالتحاق بمراكزها مما كان له الأثر في الانتشار السريع للعديد من مؤسسات التعليمية وبرامج التعليم عن بعد.
وقد تطورت نظم التعليم عن بعد حتى أصبحت واحدة من نظم التعليم المعتمدة والرسمية في العديد من الدول والأنظمة التعليمية خاصة لهؤلاء الذين حالت بينهم و بين الحضور لقاعات التعلم في المدارس والجامعات عوامل اقتصادية أو سياسية أو جغرافية. ولما كان تصميم برامج التعليم عن بعد يتطلب فهم ماهية التعليم عن بعد وأهدافه وأشكاله ومراحله والتكنولوجيا المستخدمة، فإن هذا الفصل يلقي الضوء علي أهم الموضوعات المتضمنة والمرتبطة بالتعليم عن بعد.
مفهوم التعليم عن بعـد :
تنبع أهمية تحديد مفهوم للتعليم عن بعد في كونه نقطة بداية جيدة للتعرف علي مكونات أو عناصر نظم التعليم عن بعد. في البداية، يلاحظ المهتمون والمتخصصون أن هناك لبساً في استخدام مصطلحي "التعليم عن بعد Distance Education" و "التعلم المفتوح Open Learning" أدى إلي استخدامهما للإشارة إلي نوع واحد من التعليم الذي يتم خارج حجرات الدراسة المدرسية أو قاعات المحاضرات الجامعية. يقصد بالتعليم عن بعد بصفة عامة ذلك النوع من التعليم المقصود والمنظم الذي يتضمن بيئة تعلم، ومعلمون وطلاب منفصلون مكانياً عن المعلم وعن بعضهم البعض. وتحفل أدبيات تكنولوجيا التعليم والتعليم عن بعد بالعديد من التعريفات الهامة التي توضح ماهية التعليم عن بعد وعناصره نستعرضها باختصار فيما يلي.
يعتبر تحديد هولمبرج Holmberg لمصطلح التعليم عن بعد والذي اقترحه في عام 1977 من أشهر التعريفات وأبسطها وأكثرها تداولاً في دوريات التعليم عن بعد، وهو يعرف التعليم عن بعد كالتالي:
‘a term that covers the various forms of study at all levels which are not under the continuous immediate supervision of tutors present with their students in lecture rooms or the same premises, but which, nevertheless, benefit from the planning, guidance and tuition of a tutorial organisation’ (Holmberg, 1977, p. 9).
حيث يشير إلي أنه مصطلح يشمل كافة أساليب الدراسة وكل المراحل التعليمية التي لا تتمتع بالإشراف المباشر والمستمر من قبل معلمين يحضرون مع طلابهم داخل قاعات الدراسة التقليدية ولكن تخضع عملية التعليم لتخطيط وتنظيم و توجيه من قبل مؤسسة تعليمية ومعلمين.
وقد تبنى وطور "رمبل Rumble" هذا المفهوم لاحقاً حيث يرى أن التعليم عن بعد نظام تعليمي يتم فيه:
1. الفصل بين المتعلم والمعلم مكانياً وزمانياً.
2. إعداد المواد التعليمية بشكل ييسر عملية التعلم عن بعد.
وطبقاً لهذا التعريف فإن المواد التعليمية المختلفة تحتل أهمية خاصة في برامج التعليم عن بعد كما يجب أن تصمم بشكل يساعد علي تحقيق تعليم فعال عن بعد. ومع التطور المتلاحق في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات طور "مور و كيرزلي Moore and Kearsley" في عام 1996 تعريف جديد للتعليم عن بعد يستفيد من دور هذه التكنولوجيا في تطوير نظم التعليم عن بعد.
‘the family of instructional methods in which the teaching behaviours are executed apart from the learning behaviours, including those that in a contiguous situation would be performed in the learner’s presence, so that communication between the teacher and the learner must be facilitated by print, electronic or other devices’ (Moore and Kearsley, 1996, p. 197).
حيث يرون أن التعليم عن بعد هو مجموعة من الأساليب التعليمية والتي تتم فيها عملية التدريس بمعزل عن عملية التعلم، بما فيها المواقف التي تتطلب التقاء المعلم والمتعلم. ولذلك لابد من توافر وسيلة اتصال أو أكثر بين المعلم والمتعلم لتيسير عملية التفاعل كالمواد المطبوعة التقليدية والإلكترونية و وسائل الاتصال المختلفة. ويرجع الفضل لهذا التعريف في إلقاء الضوء علي أهمية وسائل الاتصال في برامج التعليم عن بعد لتوفير قناة اتصال مباشرة وسريعة وذات اتجاهين two-ways بين المتعلم والمعلم للتغلب علي حاجز المكان والزمان ولدعم المتعلم أثناء عملية التعلم.
مما سبق يتضح أن هناك أربع خصائص رئيسية تحدد مفهوم التعليم عن بعد:
1. التباعد المكاني بين المتعلم والمعلم.
2. التباعد المكاني بين المتعلمين وبعضهم البعض.
3. استخدام وسيط أو أكثر لحمل وتوزيع المحتوي التعليمي علي الطلاب.
4. استخدام قناة اتصال لتسيير التفاعل بين المعلم والمتعلم ولدعم المتعلمين.
العلاقة بين المعلم و المتعلم عن بعد:
تتصف العلاقة بين المعلم والمتعلم في فصول الدراسة التقليدية بأنها علاقة تفاعل مباشر أو وجهاً لوجه face-to-face ما بين المعلم والمتعلم. حيث يحدد المعلم أهداف الدرس ويعد محتواه، يستخدم أسلوب التدريس المناسب مع طلابه ويناقشه معهم، يختار ويصمم الوسائل التعليمية المناسبة، يقترح الأنشطة التعليمية، يدير الفصل و يحدد قواعد النظام ويقيم نتائج التعلم ويقدم التغذية الراجعة. باختصار، فإن للمعلم دور رئيس في إدارة عملية التعلم ودعم الطلاب.
وبالرغم من أن التعليم عن بعد يتصف بالفصل المكاني والزماني بين المعلم و المتعلمين، إلا أن ذلك لا يعني أن المتعلم عن بعد distance learner يقوم بعملية التعلم بشكل منفرد وبمعزل عن المعلم أو أن لديه القدرة علي التحكم في عملية التعلم بنفسه ودون تدخل أحد. ومع تطور تكنولوجيا الاتصالات ومفهوم التعليم عن بعد، تنوعت أدوار المعلم عن بعد لدعم المتعلم والارتقاء بنواتج التعلم. فالمعلم عن بعد distance tutor يمكنه اختيار أسلوب التدريس المناسب للمتعلم، اقتراح مصادر التعلم المناسبة لاحتياجات المتعلم، تحديد مدى الدعم الذي يحتاجه المتعلم أثناء عملية التعلم وكذلك تقويمه في نهاية البرنامج.
مما سبق يتضح أن هناك مكونين رئيسيين في بيئة التعلم عن بعد: الموضوع الدراسي subject matter والحوارdialogue. ويتم الحوار في الغالب بين المتعلم والمعلم و يكون من مسؤولية الأخير التشجيع عليه واستغلاله لتحسين نواتج عملية التعلم من خلال الأنشطة المختلفة التي يمكن أن يقترحها المعلم وكذلك من خلال عمليات التقويم المستمر. ومن الأساليب التي يمكن أن تستخدم لتشجيع المتعلم علي التفاعل بفاعلية مع المعلم عن بعد زيارة المعلم أو ممثلين عن المؤسسة التعليمية للطلاب في مواقعهم، تشجيع الطلاب علي زيارة المركز الرئيسي لبرنامج التعليم عن بعد ومقابلة المعلمين واستخدام أساليب الاتصال المعتادة والتي يستخدمها الطلاب بكثرة كالتليفون والبريد الإلكتروني.
ويمكن تلخيص العلاقة التقليدية بين المعلم والمتعلم في برنامج للتعليم عن بعد بالشكل المبين. حيث يصمم المعلم المحتوى و ينقله إلي المتعلم باستخدام أحد الوسائط الذي يستقبله بدوره. وباستخدام أحد الوسائط الأخرى يمكن للمتعلم أن يتفاعل مع المعلم لمناقشة موضوع معين أو الاستفسار أو طلب المساعدة في حل مشكلة.
شكل 1: العلاقة التقليدية بين المعلم والمتعلم عن بعـد :
ومع تطو ر تكنولوجيا التعليم و الاتصال أمكن نقل المحتوى التعليمي وإجراء عملية الاتصال ذات الاتجاهين (من المعلم إلي المتعلم والعكس) في آن واحد وباستخدام نفس التقنية، كما في حالة التعلم عن طريق الويب. وبالتالي يمكن تعديل الشكل السابق ليصبح التكنولوجيا هي الوسيط بين المتعلم والمعلم عن بعد، حيث يمكن للمعلم نقل المحتوي وتطويره في آن واحد، كما يمكن للمتعلم التفاعل مح المحتوى ومع المعلم في آن واحد كما هو مبين بالشكل 2.
شكل 2: العلاقة بين المعلم والمتعلم في التعليم عن بعـد باستخدام التكنولوجيا الحديثة
التفاعل عن بعـد :
يعتبر التفاعل interaction بين المتعلم والمعلم و بين المتعلمين أنفسهم داخل حجرات الدراسة من أكثر الموضوعات التي استحوذت على اهتمام التربويين حيث أكدت الأبحاث علي أهميته في إثارة دافعيه المتعلم وتحسين نواتج التعلم عن طريق تحقيق العديد من مستويات الأهداف. ويعرف التفاعل علي أنه العملية التي تحدث بين المتعلم وبيئة التعلم learning environment، والتي يأخذ فيهال متعلم دوراً أكثر إيجابية. وتضم بيئة التعلم هذه في الغالب المعلم، المتعلمين ومحتوى الدراسة.
وبالنظر إلي طبيعة التعليم عن بعد، نجد أن جزءاً كبيراً من التفاعل بين المعلم والمتعلم و بين المتعلمين أنفسهم والذي يمكن أن يتم داخل حجرات الدراسة التقليدية يمكن أن يتأثر نظراً للفصل المكاني والزماني بين المعلم والطلاب، كما أن اتجاهات الطلاب نحو جدوى عملية التفاعل يمكن أن تتأثر سلباً كذلك.
فقد وجدت العديد من الدراسات أن المتعلمين المقيدين في برامج للتعليم عن بعد تدعم التفاعل داخل أفرادها وتشجعه لديهم اتجاهات إيجابية متنامية نحو البرنامج، معدلات إنجاز أكاديمي مرتفعة ونسبة تسرب أقل نسبياً مقارنة ببرامج أخرى لا تدعم التفاعل داخلها مما دعا العديد من علماء التعليم عن بعد إلي اعتبار قدرة التكنولوجيا المستخدمة علي تيسير عملية تفاعل في اتجاهين بين المعلم والمتعلم من أهم الخواص التي يجب علي أساسها الاختيار والمفاضلة بين التكنولوجيا المستخدمة. وقد يرجع هذا إلي قدرة هذه تكنولوجيا الاتصال علي تقريب المسافة المكانية بين الطرفين (المعلم و المتعلم)، وتوفير فرص أكبر لدعم المتعلم وتوفير فرص ومجالات متنوعة للمناقشة والحوار.
وبصفة عامة فإنه يمكن تصنيف أنواع التفاعل إلي نوعين رئيسيين:
1. التفاعل الفردي Individual interaction : وهو الذي يحدث بين المتعلم والمحتوي التعليمي وكافة المصادر والمواد التعليمية.
2. التفاعل الاجتماعي Social interaction: وهو الذي يحدث بين المتعلم والأشخاص الآخرين في البرنامج بما فيهم المعلم والمتعلمين الآخرين.
وبالاضافة إلي ما سبق فإنه من المهم الإشارة إلي أن النوع الثاني من أنواع التفاعل (التفاعل الاجتماعي) يمكن أن يصنف إلي نوعين:
أ. تفاعل اجتماعي مصغر(في مجموعات صغيرة small groups)
ب. تفاعل اجتماعي موسع (في مجموعات كبيرة large groups) ويتوقف استخدام أي م النوعين علي أهداف البرنامج و طبيعته. فإذا كان الهدف هو المناقشة وتبادل الخبرات، فإن المجموعات الكبيرة يمكن أن تكون مناسبة لذلك الغرض. أما إذا كان الهدف هو تنمية مهارات التعلم التعاوني وحل المشكلات، فإن المجموعات الصغيرة تكون أكثر ملاءمة.
ونظراً لأهمية التفاعل في برامج التعليم عن بعد، فقد قدم مور Moore في عام 1989 إطاراً أكثر تحديداً يمكن من خلاله دراسة ووصف أنواع التفاعل، حيث وجد أن هناك ثلاثة أنواع من التفاعل يمكن أن تحدث في بيئة التعلم عن بعد:
1. تفاعل المتعلم-المحتوى Learner-content interaction: وهو التفاعل الذي يحدث بين المتعلم والمحتوى التعليمي والذي ينتج عنه تعديل في خبرة المتعلم المعرفية و فهمه.
2. تفاعل المتعلم-المعلمinteraction Learner-instructor: وهو الذي يحدث بين المتعلم والمعلم لدعم عملية التعلم وتقويم أداء المتعلم و حل ما يعترضه من مشكلات.
3. تفاعل المتعلم-المتعلم Learner-learner interaction: وهو الذي يحدث بين المتعلم والمتعلمين الآخرين في نفس البرنامج في حضور أو غياب المعلم.
وبالرغم من دقة التصنيف السابق إلا أنه –و كما يرى هيلمان Hillman (1994)- أغفل نوعاً هاماً من أنواع التفاعل و هو الذي يحدث بين المتعلم و واجهة الاستخدام user-interface الوسيطة التي تمكن المتعلم من التفاعل من خلالها مع المحتوى التعليمي. لذلك اقترح هيلمان نوعاً رابعاً من أنواع التفاعل أطلق عليه تفاعل المتعلم-واجهة المستخدم learner-interface interaction. فعلي سبيل المثال، يتطلب كتابة رسالة نصية وإرسالها عبر البريد الإلكتروني تعامل المتعلم مع واجهة استخدام رسومية graphical user-interface لنظام التشغيل وبرنامج معالجة وإرسال الرسالة لإلكترونية. وبدون اكتساب المتعلم لمهارات التفاعل مع واجهة المستخدم لا يمكنه المشاركة بإيجابية في البرنامج التعليمي.
يتضح مما سبق أن الاستفادة من أنواع التفاعل السابقة في برامج التعليم عن بعد يتطلب توفير التكنولوجيا المناسبة التي تدعم هذه الأنواع من التفاعل.
فعلي سبيل المثال، بالرغم أنه يمكن للمتعلم التفاعل مع المحتوي التعليمي learner-content interaction باستخدام أدوات وتكنولوجيا تقليدية كالمواد المطبوعة أو المسجلة صوتياً، فإن استخدام أنواع أخرى من التفاعل يتطلب استخدام تكنولوجيا اتصال تفاعلية ذات اتجاهين two-way كالمؤتمرات الصوتية والفيديوية والويب.
هذا الاتصال التفاعلي ثنائي الاتجاه بين فردين أو اكثر يمكن أن يتم في نفس التوقيت ولحظياً (آني synchronous)، كما يحدث باستخدام التليفون و المؤتمرات الفيديوية أو يتم بشكل مستقل عن توقيت الاتصال time-independent (مؤجل asynchronous)، كما يحدث باستخدام البريد الإلكتروني أو أشرطة الفيديو المسجلة.
وبالرغم من التطور التكنولوجي في مجال الاتصالات، فإن مجرد توفير هذه التكنولوجيا ليس كافياً، إذ لابد من دراسة و استخدام إستراتيجيات وأنشطة مهارات التفاعل الفعال بين المتعلم و بقية عناصر مجال التعلم لضمان استخدام فعال لهذه التكنولوجيا.
خصائص وسائط و تكنولوجيا التعليم عن بعـد :
مما سبق يتضح أن نظم التعليم عن بعد تعتمد بشكل كبير علي استخدام وسائط نقل المعلومات وتكنولوجيا الاتصال لنقل المحتوي التعليمي للطلاب عن بعد. وفي هذا المجال يؤكد العديد من علماء التعليم عن بعد علي أهمية التمييز بين مصطلحي وسيط medium ، تكنولوجيا technology. حيث يعرف الوسيط علي أنه طريقة أو اكثر لتقديم المعرفة بالاستعانة بأسلوب أو أكثر من أساليب الاتصال.
هذا الوسيط يمكن أن يتم حمله و توزيعه بأشكال مختلفة. فعلي سبيل المثال، يعتبر النص المكتوب أحد الوسائط المستخدمة لتقديم اللغة و الاتصال مع الآخرين. هذا النص المكتوب يمكن نقله باستخدام أشكال مختلفة كالكتاب المطبوع والأقراص المدمجة (تكنولوجيا).
وقد تعددت محاولات دراسة ووصف وتصنيف خصائص وسائط وتكنولوجيا التعليم عن بعد بداية من الكلمة المكتوبة المطبوعة ومروراً بالإذاعة والتلفزيون التعليميين، شرائط الفيديو التعليمية، الحقائب التعليمية، مؤتمرات الفيديو التعليمية، الأقمار الصناعية، العروض المتعددة، الكمبيوتر وشبكات الاتصال. حيث يجمع الكثيرين أن أهم ما يميز تكنولوجيا التعليم عن بعد هو قدرتها علي توفير قناة اتصال (ذات اتجاه أو اتجاهين) ، نقل عروض الوسائط المتعددة، دعم التعلم لجماعي والفردي، دعم التعلم النشط من قبل المتعلم، السرعة، المرونة، الوصول إلي عدد كبير من المتعلمين عن بعد بالإضافة إلي التكلفة الفعالة.
نموذج آكشنس ACTIONS Model
من أبرز محاولات دراسة و وصف وسائط و تكنولوجيا التعليم عن بعد تلك التي قدمها "بيتس Bates" عام 1995 في كتابه Technology, Open Learning and Distance Education والذي اقترح فيه نموذجه المعروف باسم "نموذج آكشنس ACTIONS Model" للمساعدة في فهم وتحليل واختيار الوسائط و التكنولوجيا المناسبة للتعليم عن بعد، حيث يرمز اسم النموذج ACTIONS إلي الحروف الأولى من الكلمات التالية:
Access الوصول·
Costs التكلفة·
Teaching· & learning التعليم و التعلم
Interactivity· & user-friendlinessو سهولة الاستخدام التفاعل
Organisational issues الأمور التنظيمية·
Novelty الابتكارية·
Speed السرعة·
حيث تشير خاصية "الوصولAccess " إلي قدرة التكنولوجيا المستخدمة (متضمنة مصادر التعلم، المعلم) علي الوصول إلي المتعلمين أو قدرة المتعلمين علي استقبال البرنامج التعليمي عبر التكنولوجيا المستخدمة. وهناك عدة عوامل ترتبط بهذه الخاصية كدرجة توافر التكنولوجيا وانتشارها في المجتمع، سهولة و إمكانية استخدامها، توافق التكنولوجيا المستخدمة مع التكنولوجيا المتوافرة في البيئة المحلية (standardisation)، إمكانية الاتصال بالمعلم عن بعد وكذلك المستوى الاقتصادي والظروف السياسية السائدة.
فعلي سبيل المثال، يمكن للطلاب استقبال برامج التليفزيون التعليمي عبر الأقمار الصناعية باستخدام الأطباق اللاقطة في كافة أنحاء العالم بصرف النظر عن أنظمة البث التلفزيوني المحلية و النظام التعليمي أو السياسي للدولة.
كما يمكن للمتعلمين عن بعد استخدام الأقراص المدمجة CD-ROM و الاتصال بالمعلم عبر شبكة الإنترنت طالما توافر جهاز كمبيوتر مزود بمحرك أقراص مدمجة وإمكانات العروض المتعددة multimedia و برامج مكونات الاتصال بشبكة الإنترنت عبر خطوط الهاتف المنزلية أو بطرق أخرى. بينما قد لا يتمكن العديد من المتعلمين استقبال نفس هذه البرامج إذا استخدمت أنظمة بث أو أنظمة تشغيل لا تتوافق مع الأجهزة التي يمتلكها أو يستخدمها الطلاب.
كما تشير خاصية "التكلفة Costs" إلي التكلفة النسبية للتكنولوجيا المستخدمة مقارنة بالعائد من استخدامها cost-effectiveness والعوامل التي تؤثر في خفض أو رفع هذه التكلفة و تكلفة الوحدة التعليمية لكل متعلم unit cost per learner. كما تشير خاصية "التعليم والتعلم Teaching & learning" إلي مدى قدرة التكنولوجيا المستخدمة علي تحقيق أهداف البرنامج التعليمية، نقل المحتوى العلمي بوضوح، توفير مواد و مصادر التعلم، توظيف أساليب التعلم المناسبة وحل مشكلات مرتبطة بإنجاز المتعلمين. أما "التفاعل وسهولة الاستخدام Interactivity & user-friendliness" أو التفاعل و قابلية المستخدم للتكنولوجيا فتهتم بإمكانات وجودة التعلم التفاعلي المتوافرة في التكنولوجيا (تفاعل مع المحتوي، تفاعل مع الآلة، تفاعل مع المعلم…) و كذلك سهولة وسرعة استخدامها.
أما "الأمور التنظيمية Organisational issues" فتهتم بكيفية استخدام وإدارة البرنامج التعليمي عبر التكنولوجيا المستخدمة، أدوار المعلمين و الطلاب و العوامل التي يمكن أن تؤثر علي نجاح أو فشل البرنامج التعليمي.
بينما تهتم خاصية "الابتكارية Novelty" بعوامل التميز في التكنولوجيا المستخدمة و قدرتها علي توفير حلول غير تقليدية لمشكلات المتعلمين. أما الخاصية الأخيرة وهي "السرعة Speed" فتهتم بقدرة التكنولوجيا علي المساعدة في تصميم وتطوير و نقل المواد التعليمية وتيسير التفاعل بين المتعلمين و المعلم بسرعة.
نموذج خواص الوسائط Media Attributes Model
اقترح سميس و ديلون Smith & Dillon في عام 1999 إطار عام يهدف إلي وصف ومقارنة المتغيرات والخصائص المختلفة لتكنولوجيا التعليم عن بعد. ومما يميز هذا النموذج اهتمامه بالخصائص المتطورة للتكنولوجيا الحديثة وعلاقتها
بتوفير بيئة تعليم أفضل. صنف سميس وديلون هذه الخصائص إلي ثلاث مجموعات:
Realism/bandwidth الواقعية/السعة·
Feedback/interactivity التغذية الراجعة/التفاعلية·
Branching/interface· التفرع/واجهة المستخدم
تشير خاصية الواقعية/السعة إلي مدي قدرة التكنولوجيا علي تقديم خبرة تعلم مباشرة أو ملموسة وإلى كم المعلومات التي يمكن أن يحملها وينقلها إلي المتعلم. ومن أمثلة الوسائط و التكنولوجيا التي تنتمي لهذه المجموعة الصور، الرسوم المتحركة، الأفلام ومؤتمرات الفيديو والتي يمكن أن تقدم صور وأشكال واقعية، خبرة تعلم سريعة و غنية.
وتشير خاصية التغذية الراجعة/التفاعلية إلي قدرة التكنولوجيا علي تقديم الأسئلة والحصول علي الإجابات من المتعلم والقدرة علي توفير التفاعل في اتجاهين two-wayما بين المعلم والمتعلم و بين المتعلمين أنفسهم. ومن أمثلة الوسائط والتكنولوجيا المستخدمة في هذه المجموعة والتي تتوافر فيها هذه الخواص التليفون، البريد الإلكتروني مجموعات المناقشة عبر الإنترنت.
تتميز هذه التكنولوجيا بالقدرة علي تصحيح أخطاء المتعلم عن بعد وتعزيز التعلم الناجح، الارتقاء بمستوى الفهم وتحقيق مستويات أهداف متقدمة (التحليل، حل المشكلات…) وحفز الطلاب علي التعلم.
وتشير خاصية التفرع/واجهة المستخدم إلي قدرة المتعلم علي اختيار أسلوب أو مسار التعلم المناسب له في البرنامج وتوافر العديد من الاختيارات التي تسمح له التفاعل مع مصادر التعلم ومكونات التكنولوجيا المستخدمة. ومن أمثلة ذلك الأقراص المدمجة التفاعلية وشبكة الويب World-Wide Web. وتستخدم تكنولوجيا هذه المجموعة في المواقف التي تتطلب تفريد عملية التعلم، تحكم المتعلم في مسار عملية التعلم وتشجيع المتعلم علي أخذ دور إيجابي و نشط.
وفي ضوء هذين النموذجين سوف يتم تقييم بعض الوسائط و التكنولوجيا المستخدمة في بعض برامج التعليم عن بعد للوقف علي نقاط القوة و نقاط الضعف فيها للاستفادة منها في الوصول إلي تصور عام للوسائط والتكنولوجيا المناسبة لبرامج التعليم عن بعد.
د. علاء صادق
مدرس تكنولوجيا التعليم، كلية التربية بقنا –
جامعة جنوب - الوادي، مصر
بواسطة: نادية أمال شرقي
موسوعة التعليم والتدريب
http://www.edutrapedia.illaf.net/arabic/show_article.thtml?id=692
life is either bold adventure or nothing at all
المفضلات