السلام عليكم و رحمة الله و بركاته



خليل الموسوي


يقول الإمام علي رضى الله عنه : ((عود أذنك حسن الاستماع، و لا تصغ إلى ما لا يزيد في

صلاحك)).


الإصغاء للطرف الآخر فن يهمله قسم من الناس. فهؤلاء لا يهمهم ما يقول الطرف الآخر، بقدر ما

يهمهم أن يكونوا هم المتكلمين، و الماسكين بدقة الحديث. و لا يهمهم أيضاً أن يبقى الطرف الآخر

متابعاً، و مسترسلاً في الحديث، بل يهمهم أن يقاطعوه، و يجدعوا أنفه، ويبتروا حبل أفكاره.


و الإصغاء ليس مسألة صعبة، بل هو فن بسيط يعتمد على إتاحة الفرصة للطرف الآخر لأن يبدي

أفكاره، و يعتمد على الاتصاف بنوع من الإرادة في التحكم في اللسان، و عدم مقاطعة الطرف

الآخر في حديثه، حتى يتمه، أو حتى يتم الفكرة التي يعطينا بعدها إجازة إبداء الرأي و التعليق.


و مشكلة عدم إجاة فن الإصغاء و الاستماع موجودة في مجتمعاتنا. فقد يصادف أن تحضر مجلساً،

يتحدث فيه أكثر من شخص في نفس اللحظة، و يبدي الرأي و التعليق أكثر من شخص في نفس

اللحظة أيضاً، و يتحول المجلس إلى مقاطعات كلامية، فوضوية، تشبه الأصوات المتعددة الجهات

في سوق من أسواق الخضروات!


و هذه المشكلة ـ و للأسف ـ موجودة حتى في صفوف المثقفين.


قد يقول قائل: أن فن الإصغاء مطلوب ـ فقط ـ في الاجتماعات الرسمية. و لكن الحقيقة أنه مطلوب

في النقاش بل وحتى في الاجتماعات الأخوية العادية، و دردشات الاستراحة. فحينما تكون في

اجتماع أخوي عادي، ماذا يضرك لو أنك التزمت حالة تنظيمية في التحدث، بأن لا تتحدث وآخر

يتحدث، و أن تنتظر حتى ينتهي من كلامه؟


و بناء على ذلك يمكننا القول:

أن تصغي لمحدثك، يعني أن تقدم الاهتمام و التقدير لما يطرحه من أفكار، و قضايا، حتى لو كان

يختلف معك في الآراء، و لا تندهش حينما ترى محدثك يرتاح إليك، و يهتم بما تطرحه عليه. و هذا

هو السر في أن الخطباء يهتمون في توجيه نظراتهم، و الكلام إلى من يصغي إليهم جيداً، و يتلقى

الأفكار منهم بكل اهتمام.


و حتى أولئك الناس الذين يتصفون بالجفاف في الطباع، و الغلظة في الأقوال، فهم يلينون أمام

مستمع، جيد، صبور.


فإذا أردت أن تكسب الناس، كن حكيماً في أن تكون مستمعاً طيباً، مقدماً لمحدثك التشجيع على

الكلام ـ عموماً ـ وعن نفسه.