موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
اجعل نفسك مستمعاً طيباً ولا تنس تشجيع محدثك على الكلام نفسه
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
خليل الموسوي
يقول الإمام علي رضى الله عنه : ((عود أذنك حسن الاستماع، و لا تصغ إلى ما لا يزيد في
صلاحك)).
الإصغاء للطرف الآخر فن يهمله قسم من الناس. فهؤلاء لا يهمهم ما يقول الطرف الآخر، بقدر ما
يهمهم أن يكونوا هم المتكلمين، و الماسكين بدقة الحديث. و لا يهمهم أيضاً أن يبقى الطرف الآخر
متابعاً، و مسترسلاً في الحديث، بل يهمهم أن يقاطعوه، و يجدعوا أنفه، ويبتروا حبل أفكاره.
و الإصغاء ليس مسألة صعبة، بل هو فن بسيط يعتمد على إتاحة الفرصة للطرف الآخر لأن يبدي
أفكاره، و يعتمد على الاتصاف بنوع من الإرادة في التحكم في اللسان، و عدم مقاطعة الطرف
الآخر في حديثه، حتى يتمه، أو حتى يتم الفكرة التي يعطينا بعدها إجازة إبداء الرأي و التعليق.
و مشكلة عدم إجاة فن الإصغاء و الاستماع موجودة في مجتمعاتنا. فقد يصادف أن تحضر مجلساً،
يتحدث فيه أكثر من شخص في نفس اللحظة، و يبدي الرأي و التعليق أكثر من شخص في نفس
اللحظة أيضاً، و يتحول المجلس إلى مقاطعات كلامية، فوضوية، تشبه الأصوات المتعددة الجهات
في سوق من أسواق الخضروات!
و هذه المشكلة ـ و للأسف ـ موجودة حتى في صفوف المثقفين.
قد يقول قائل: أن فن الإصغاء مطلوب ـ فقط ـ في الاجتماعات الرسمية. و لكن الحقيقة أنه مطلوب
في النقاش بل وحتى في الاجتماعات الأخوية العادية، و دردشات الاستراحة. فحينما تكون في
اجتماع أخوي عادي، ماذا يضرك لو أنك التزمت حالة تنظيمية في التحدث، بأن لا تتحدث وآخر
يتحدث، و أن تنتظر حتى ينتهي من كلامه؟
و بناء على ذلك يمكننا القول:
أن تصغي لمحدثك، يعني أن تقدم الاهتمام و التقدير لما يطرحه من أفكار، و قضايا، حتى لو كان
يختلف معك في الآراء، و لا تندهش حينما ترى محدثك يرتاح إليك، و يهتم بما تطرحه عليه. و هذا
هو السر في أن الخطباء يهتمون في توجيه نظراتهم، و الكلام إلى من يصغي إليهم جيداً، و يتلقى
الأفكار منهم بكل اهتمام.
و حتى أولئك الناس الذين يتصفون بالجفاف في الطباع، و الغلظة في الأقوال، فهم يلينون أمام
مستمع، جيد، صبور.
فإذا أردت أن تكسب الناس، كن حكيماً في أن تكون مستمعاً طيباً، مقدماً لمحدثك التشجيع على
الكلام ـ عموماً ـ وعن نفسه.
المفضلات