موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
قبل أن تلتحق بدورة تدريبية
بندر المحيميد - الرياض
قبل أن تلتحق
بدورة تدريبية
إن حرص الأفراد على تنمية ذواتهم وتطوير قدراتهم لم يأت من فراغ، وليست حمى أصابت وتصيب المجتمعات للنظر في كل وارد جديد أو أنه فراغ تشغل به الأوقات أو أنها أموال فاضت في أرصدة أصحابها فوجدوا في الدورات التدريبية متنفسًا لها، أو أنها في نظر شريحة من المجتمع علامة على مستوى ثقافي وصل إليه المتدرب. ليست هذه الأسباب هي الدافع لأكثر ولا لكثير من الناس نحو التدريب وإن كانت دافعًا لنزر يسير منهم.
بندر المحيميد ❊- الرياض
إن الشعور بأهمية التدريب أمارة استيقاظ الأمة من غفوتها وزوال الغشاوة عن مستقبلها المشرق بإذن الله تعالى، لما أن يحس الفرد بمسؤوليته تجاه أمته وبمسؤوليته تجاه أسرته ومجتمعه يتحرك نحو تطوير نفسه ليرقى بها وبأسرته ومجتمعه وأمته ليضعها في مكانها الحقيقي الذي تنحت عنه زمنًا طويلًا.
إن شعور الفرد بأن المؤسسات الرسمية لم تقدم له شيئًا يتوق إليه ينمي قدراته ويرعى مواهبه قبل أن تضمر جعله يبادر هو لاستثمار ما يخشى زواله.
وإن رؤية الفرد لما يستورد من عقول تدبر شؤون المجتمعات الإسلامية جعله يشعر بشيء من الذل والدونية التي طالما انتظرها ترتفع ولم يورث انتظاره شيئًا يذكر فما كان منه إلا أن نفض الغبار ودفع المال ولو المستدان ليشعل جذوة نار تورث نورًا في مستقبل الأمة.
وأمام هذه النفوس الكبيرة يأتي من لم يفكر يومًا أن يغير من نمط حياته ورضي بالواقع الذي يعيشه والذي لم يستطيع هو فهمه ابتداء على حقيقته فضلًا عن أن يسلك طريقًا من طرق الإصلاح الحقيقي لهذا الواقع، يأتي ويجلب بخيله ورجله على هؤلاء الذين اعتنوا بأنفسهم وحملوا همّ أمتهم بنقد كنا نتمنى أن كان بناء ولكن في غالبه شحنات تفريغ خالية من النقد المنهجي البناء الذي يقبل بشروط. قابل هذه الهجمات الموجهة للتدريب والنفور عنه إقبال غير واضح الأهداف وغيرمدروس عامته ينصب في حقل المعرفة وطلب الكمال الفردي ثم المجتمعي. غير أن هذا الإقبال المحمود في أصله وغايته يحتاج إلى شيء من الوقفات التي لا يستغني عنها واقع التدريب حتى يبقى على هدفه السامي وتجنى ثماره اليانعة.
أولها فيما يخص المتدرب
وهو وضوح الهدف المرجو من كل دورة يقدم عليها، ويعرف موقعها من بنائه المعرفي والمهاري وهل هو يريد معلومة أو مهارة، فالأولى تحصل في دورة تعليمية والثانية في دورة مهارية والأخيرة هي المقصودة لكثيرين، ولكن اللبس يحصل فيها لعدم تفريقهم بين التعليم والتدريب، وأبرز الفروق بينهما:
- أن التعليم هو نقل المعلومة من المعلم إلى المتعلم بخلاف التدريب فإن المقصود منه هو نقل المهارة من المدرب إلى المتدرب، فمتى ما انقلب التدريب تعليمًا استطاع المتدرب أن يقرأ هذه المعلومة وأضعافها من الكتب التي غالبًا لا تمنح مهارة بقدر ما تمنح معلومة وصار حضوره لهذه الدورة مجرد تحصيل معلومات جامدة والإنسان - كما هو معلوم -يسمع فينسى ويرى فيتذكر ويطبق فيتقن.
وعلى من أراد اكتساب مهارة أن يتأكد من كون الدورة تدريبية وذلك بمعرفة التالي:
1- عدد المشاركين فيها، فإن كثرة العدد تعيق المدرب غالبًا عن إجراء تدريبات وعن الإشراف عليها فبالتالي سيقتصر على سرد المعلومات لعدم كفاية الوقت للتدريب فالدورات الجماهيرية هي محاضرات لا دورات.
2 - عدد ساعات التدريب وهل هي متوافقة مع المهارات التي يراد نقلها للمتدرب ؟
3 - مدى امتلاك المدرب لهذه المهارة التي يقوم بالتدريب عليها.
4 -مدى قدراته على إكساب المهارة ونقلها للمتدرب.
5 - مناسبة المكان لإقامة التدريبات اللازمة لإتقان هذه المهارة.
- إذا تحققت من ذلك فالدورة التدريبية تستحق أن يمضي المتدرب فيها شيئًا من وقته وينفق فيها ماله.
وإن أراد الفرد دورة علمية لا مهارية له فحاجته غير ما ذكرنا.
فوضوح الهدف إذًا أمر مهم جدًا لتحصل الاستفادة من هذه الدورات بشرط أن يكون الهدف:
1 - محددًا.
2 - مكتوبًا.
3 - بصيغة إيجابية.
4 - يمكن قياسه في نهاية الدورة.
ونتذكر دائمًا أن من لم يكن عنده هدف صار هو الهدف.
ثانيها ما يخص غالب مراكز التدريب.
نعلم جميعًا أن مراكز التدريب خاصة التجاري منها وأكثرها كذلك عندما ينشأ فإنه لن يستطيع أن يبني أهدافه بعيدًا عن كسبه المادي والذي يكون المستهدف فيه المتدرب لا غير.
فبالتالي نسمع عن لقاءات اليوم الواحد وإن شئت فقل لقاء الساعتين فإن كان بمقابل فهو في غالبه تسويق أو إن أحسنا الظن فهو محاضرة عامة يستغني الفرد عنها بما هو خير منها، فالمعلومة لم يكن الوصول إليها في زمن متيسرًا كما هو الواقع في عصرنا هذا.
وإن كان لقاء الساعتين بلا مقابل فهو في غالبه يسلك مسلك الإثارة تشويقًا وتسويقًا لما بعده من دورات.
وانظر من جهة أخرى إلى عناوين بعض الدورات والتعريف بها تجد أمورًا خارقة تجعل الضحية سهلة المنال المنخدعة ببريق تلك العناوين وروعة تلك الأهداف التي سيحققها في هذه الدورة، ثم هو يصطدم بواقع هذه الدورة - إن عاد إلى وعيه- وإن لم يعد إلى وعيه فإن المدرب ما زال يشعره بتحقق كل ما قرأ حتى يصطدم يومًا بواقعه هو وأن جزء كبيرًا مما قرأ كان ضربًا من خيال وسرًا غابت شمسه.
ثالثها مايخص المدرب
ما زلنا معترفين ـ أيا المدرب القدير ــ بسعيك لتطوير مهاراتك وقدراتك ونقر ببذلك مالك وجهدك ما يجعلنا نشكر ذلك لك ويفرض علينا تقديمكم لنفض الغبار عن قدرات كامنة في أمة المليار، غير أنه أفسد عليكم قوم جعلوا كل ما اكتسبوه من مهارات وقدرات أداة كسب وتحصيل لأموال المتدربين بأي طريقة، فهي لا تعوزهم فعندهم من مهارات التفكير والإبداع والاتصال بالآخرين وقدرة التأثير عليهم ما يجعل ذلك سهل المنال.
فنجد لقاءات التسويق الشريك الأكبر. ونجد تلك الأوصاف والألقاب التي تمنح للمدرب بدءًا من الإعلان عن الدورة وفي ثنايا الدورة ينصب جل الحديث فيها عن ذلك المدرب العظيم في مدح وإطراء للنفس مما يجعله منبوذًا من جهة ولكن أين المفر وقد أخذ يتلاعب بعقول ومشاعر المتدربين، ويمنيهم ذلك الشعور بأنهم سيكونون مثله في يوم ما ولا نجد لذلك سبيلًا لا في مادة علمية مقدمة مطبوعة - إذ إنها رأس مال المدرب فكيف يبث فيها كل ما عنده - ولا في أسلوب التدريب.
ومما ينبغي التأكيد عليه أن كثيرًا من الألقاب الممنوحة لبعض المدربين تنصب في كونه يحمل شهادات كذا وكذا - من الدورات- ونعلم جميعًا أن أكثر الدورات تمنح فيها شهادات حضور لا شهادات اجتياز!
ومما يوصف به البعض أنه عضو في جمعية كذا وجمعية كذا وينبغي أن يعلم أن بعض الجمعيات يقتصر كون الفرد عضوًا فيها على بعض المطبوعات التي تصل بين الفرد والجمعية ويلزم أحيانًا لعضوية بعض الجمعيات اشتراك سنوي بثمن بخس دراهم معدودة.
وأحيانًا يوصف المدرب بأوصاف عامة يصعب فهمها والتعامل معها مثل (خبير في........) قدم عددًا من الدورات، شارك في كثير من الندوات، حضر كثيرًا من الدورات ......إلخ مما يخدع كثيرًا من الناس ممن لا يفهم أن التجارة إبداع ومهارة.
هذا كله وغيره جعل بعض من حضر هذه الدورات وأخذت أمواله بلا مقابل يستحق - ناقمًا عليها فلا تجده إلا يتهم الجميع بجناية البعض الذي يتحمل تبعات صدود عدد من المتدربين عن الدورات المهارية التي لا ولن تستغني الأمة بمجموعها عنها.
ومثل هؤلاء دنسوا شرف التدريب ورسالته العظيمة، ونقول لهم: بإبداعكم وأموالنا أصلحوا ما أفسدتم.
وعندما تقول مراكز التدريب: إن التدريب للتدريب والمال تبع ويعلنها صريحة ذلك المدرب بلسان حاله قبل لسان خطابه. حينها ترقى الأمة وتسمو بأفرادها الذين حملوا همها وراحوا هنا وهناك يستثمرون ما أودع الله فيهم من أسباب القوة
المفضلات