إن وسائل تنمية الموارد البشرية تعد مدخلاً لإيجاد العناصرالجيدة القادرة على القيام بأدوارها الإنسانية في مختلف الوظائف والإدارة, ولا شكأن الإنسان يمر في عصر تطورت فيه الوسائل، وتعددت الأساليب مع تطور الحياة البشرية، وتعدد صورها، ودخول عناصر جديدة أثرت على حياة الإنسان، مثل التأثير الكبير والمكثف لعوامل التقنية وأساليبها، كما أن التواصل الإنساني والانفتاح على الآخر، وضع الموارد البشرية أمام تحد آخر، وهو قدرة الإنسان على استيعاب المتغيرات الاقتصادية والمعرفية المتجددة، إذ لم تعد متطلبات التنمية المحلية هي الوحيدة التي تفرض شروطها على أساليب تنمية الموارد البشرية، بل أصبح الإنسان مطالبا بشروط جديدة أدخلتها العولمة السائدة في العالم بحيث فرضت صوراً جديدة لماهو مطلوب في تنمية الموارد البشرية.فمتطلبات العولمة في تنمية الموارد البشرية تدفع بالدول والقائمين على برامج التنمية والتطوير إلى الأخذ بأحدث أساليب التعليم والتدريب وبنوعية جيدة منه، وتبرزالمواهب والإبداع، وتحفز المهارات الإنسانية، وتشجع أخذ المبادرات الفردية والجماعية من أجل المنافسة, كما تدفع متطلبات العولمة إلى تطوير المهارات التقنية للإنسان، ورفع كفاءته في استخدام التقنية وتشجيع البحث العلميا لخادم للعملية التنموية، وتطوير المهارات التطبيقية للفرد، كما تهيئه للتعامل مع المتغيرات الاقتصادية وتقلباتها، إذ المطلوب من برامج تنمية المواردالبشرية أن تخرج إنسانا قادرا على التكيف مع متطلبات العمل، والتأثيرات الاقتصادية العالمية، بحيث تكون لديه المرونة للتعامل مع فرص العمل وصورها المتعددة في حال تغيرت الظروف الاقتصادية، ولذا فإن أصحاب المهارات الضعيفة أو المحدودة أوالضعيفة لن يجدوا فرصة لهم في عالم يتغير تغيراً سريعا، ومن هنا وجب إعدادهم لتلك المتغيرات، فالأخذ بأساليب ووسائل التنمية البشرية الحديثة والمتوافقة مع قواعدالإسلام وأحكامه ومبادئه الهامة هو السبيل للولوج في عالم اليوم برؤية إسلامية تجمع بين الأصالة والمعاصرة، ومن أبرز وسائل التنمية البشرية:
الإدارة وهي المدخل الرئيسي لعملية تنمية الموارد البشرية، وقد اهتمالإسلام بتكوين مهارات الإنسان وحث على ذلك، ولقد كانت سيرة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وصحابته الكرام نموذجاً للإدارة الناجحة، وإذا كانت المهارات الفردية والجماعية تنبع من قدرة الإنسان على استيعاب ما يتلقاه، فإن الإسلام اهتم بالإنسان ذاته, فحثه على العمل ورغبه فيه، بل جعل العمل عبادة يؤجر عليها المسلم إذا أخلص فيها، وأتقن أداءها، فقال تعالى {وَقُلِ اعْمَلُوافَسَيَرَى اللَّهُعَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْب ِوَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }(التوبة - 105)
وقد حث النبي (صلى الله عليه وسلم) على العمل، فعن أبي هريرة قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: «لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره، خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه» (البخاري).
وأمر عليه الصلاة والسلام بإتقان العمل فعن عائشة - رضي الله عنها: «أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» (البيهقي).
وإذا كان هذا شأن العمل بصفة عامة، فإن إدارة هذا العمل لها شأن خاص، إذ عليها المعول في تحقيق أهدافه،والسير به بصورة صحيحة, ولذلك فإن أهمية إدارة العمل لا تقل عن العمل ذاته، وقد عرف الباحثون الإدارة في الإسلام بأنها «تنظيم وإدارة القوى البشرية لتحقيق أهداف الدولة الإسلامية في إطار أحكام الشرع» (1).
وعرفت كذلك بأنها: الإدارة التي يقوم أفرادها بتنفيذ الجوانب المختلفة للعملية الإدارية على جميع المستويات وفق اللسياسة الشرعية.
وبهذه التعريفات فإن الإدارة الإسلامية في مجال تنمية الموارد البشرية تحتاج إلى صفات عدة من أبرزها:(التخطيط_القيادة)