في عمر الثانية تكون انفعالات الطفل حادة وواضحة فقد تصعد الى الأعلى ثم تهبط الى الأسفل بسرعة كبيرة، فقد يكون الطفل يقفز فرحا وفي لحظة وبسبب شيء ما تبدأ دموعه بالانهمار ويصبح حزينا، فبين عمر السنتين والثلاث يقوم طفلك بقفزات كبيرة في تصنيف وفهم مشاعره ولكن قدرته على التعامل مع تأرجحها صعودا وهبوطا مازالت محدودة وغير ثابتة. دورك كأم في هذه المرحلة المهمة والحساسة من التطور العاطفي أن تجري معه الكثير من المحادثات عن مشاعره ومشاعرك، فالأطفال الذين يتحدث معهم ذووهم تكون مهاراتهم الاجتماعية أفضل. وبمجرد أن تفتحي معه حوارا يمكن أن تشتغلي على المواقف المتوقعة التي تطلق شرارات الانفعالات المختلفة وطرق التعبير المقبولة عن النفس خلالها.
السعادة
أنت ترين طفلك يقفز فرحا عندما تعطيه قطعة من الحلوى المفضلة لديه، أو ترينه يقهقه عندما يلتقي صديقه المفضل. اشرحي له أنه سعيد لأنه يفعل شيئا يحبه فهذا يساعده على فهم الرابط بين السعادة وبين ما يحدث في العالم ويعلمه أن بإمكانه أن يجعل نفسه سعيدا. في عمر الثانية والنصف تقريبا يبدأ الطفل بإظهار علامات التعاطف لذلك شجعيه على أن ينمي هذا الشعور بالتفكير بطرق بارعة لإسعاد صديقه الحزين.
الحزن
ترين هذا الشعور واضحا عليه عندما لا يجد لعبته المفضلة مثلا، فيعبس وجهه ويبدأ بالبكاء، أو رفس الأرض برجليه عندما يحين وقت الانصراف من زيارة أحد أصدقائه، أو عندما تنهرينه بسبب إحداثه فوضى في المنزل. اشرحي له سبب شعوره بالحزن وقولي له إن الناس جميعا يشعرون بالحزن أحيانا وهذا شيء طبيعي، ولكن دعنا نحدد كيف نعالج هذه المشكلة. من المهم توضيح فكرة أن الجميع يحزن من حين إلى آخر لأن الحياة لا تجري مثلما نشتهي ولكن هناك طرق لأن نشعر بشعور أفضل. ومن الضروري أيضا أن تشرحي لطفلك المشاعر السلبية حتى لايظن أنها خاطئة وتستدعي الخوف منها. حزن الطفل في هذا العمر مثل الثقب الأسود يسحبه الى الأسفل بسرعة وبشكل كبير، دورك هنا أن تحسني مزاجه وأن تعطيه الأدوات للتغلب على هذا الشعور بطرح أسئلة مثل: هل لو احتضنتك ستشعر أفضل؟ هل سيساعدك أن نخرج الى مكان للعب؟
الغضب
كلما رفضت لطفلك طلبا يبدأ بالصراخ ويتحول إلى وحش هائج ومتمرد، فقولي له ساعتها أنه يشعر بالغضب لأنك لا تعطينه ما يريد، وابقي هادئة فقد يقودك غضبه وصراخه الى الإحباط والغضب أيضا. التزمي بقواعدك ورفضك لأنك لو لبّيت رغباته فسيتعلم أنه عندما يصرخ ويرفس أكثر سيحصل على ما يريد . قولي له إنك تعلمين أنه غاضب وأنك ستكونين سعيدة لاحتضانه عندما يهدأ. فهو يعتمد عليك لنزع فتيل غضبه بشكل مباشر أو غير مباشر. استغلي مواقف الغضب لتعليمه ضبط سلوكه بنفسه حتى يكون قادرا على التعامل مع خيبات الأمل في الحياة عندما يكبر بصبر. بإمكانك للتنفيس عن غضبه أن تعطيه لعبة يمكنه أن يصرخ في وجهها عندما يغضب، أو تخصيص زاوية في البيت للغضب ينفس فيها عن شعوره عندما لا يستطيع السيطرة عليه. وعندما تنتهي النوبة بإمكانك الحديث معه عن طرق أفضل للتعامل مع خيبة الأمل وقولي مثلا: من الطبيعي أن تغضب لأن أخاك لم يسمح لك باللعب بقطاره، ولكن ما الذي كان من الأفضل أن تفعله بدلا من أن تعضه وتضربه؟!
الخوف
ترين على وجهه تعابير الخوف عندما يواجه شخصا أو مكانا أو نشاطا جديدا، ويبدأ بالتراجع ويبدو قلقا. وقد يبدو عليه الخوف من أشياء لم يكن يخاف منها قبل الذهاب الى غرفته للنوم أو ركوب المصعد ويخاف فجأة من التزحلق على الزحلاقة الطويلة. اشرحي له أنه خائف لأنه يخشى أن يحدث شيئا سيئا وصادقي على شعوره ولكن اشرحي أنه غير واقعي ومرتبط بالتحديد بمواجهته لموقف جديد أو مجهول بالنسبة له. أكدي له أنه آمن عبر إخباره عن تجربتك الشخصية عندما كنت طفلة، على سبيل المثال قولي له: كنت أخاف من الوحوش ولكنني لم أرهم في الواقع، هي مجرد شخصيات خيالية في القصص والأفلام. والأهم من هذا علمي طفلك ألا يسهب في مخاوفه وأن يستحضر الأشياء التي تجعله يشعر بأنه قوي وواثق بنفسه، وعندما يشعر بأنه خائف شجعيه على أن يلتقط لعبته المفضلة أو يجلس بجانب صديقه المفضل أو تذكر الأحداث المضحكة والمفرحة وذكّريه بالأوقات السابقة التي تعامل فيها مع خوفه. بمعونتك وارشادك يستطيع طفلك أن يتعلم التعامل مع مشاعره المبالغ فيها وفهم الحياة أكثر.