لعل تربية الأبناء هي رسالة الآباء منذ الصغر وعليها تتحدد شخصياتهم التي بدَورها
تحدّد سلوكياتهم ، ومن هنا كان لا بُدّ ان ألفت الإنتباه إلى أهمية تعليم الأبناء فنّ الحديث
والحِوار ، ومَنحهم حُريّة التّعبير عن كُل ما يجول في خاطرهم من عظائم الأمور ودقائقها
مع التّنبيه لآداب الحديث ، حيث يكون التركيز على إدراج الأفكار لا فَرضها والهيمَنة على
أذواق الآخَرين واستقطابهم .

إنّه حين نُقيّد أطفالنا ونُحدّد سلوكياتهم ومدارات حديثهم نكون نقمعهم ، ونقتل غرسة الحرية التي
مع ميلادهم وُلِدت واستقرّت في ، لربما ، صدورهم ، وبالتالي نَحول دونهم والتعبير عن كل ما يُفرِحهم
أو يغيظهم أو يُنفِّرهم أو حتى يستقطبهم ويغويهم ويَسكنهُم ، فيُمسوا ببعاواتٍ لا تعي ما تقول ونكون
أدخلناهم في دائرة الكَبت والقهر ، وعرّضناهم للتّأتأة في الكلام ، وسلَبناهم أبسط حقوقهم في التعبير
والنّفي والإقرار ، وهم الأبناء والغَدُ والأمل الواعِدُ ، وهم الأمانةُ وعنوان الرسالة التي عليها سنُحاسَبُ .

إنّه حين نَمنَح الإبنَ الحنان والحُب ونَحرمه الحُريّة نكون قد سلَبنا ه الحياةَ وأهازيجها الروحانيّة
وورودها الندِيّة ، وأدخلناه القفص ورَسَمنا لو حدود تحركاته بِتَقَنِيّة ، ومنحناه الإقامة الجبرية ، ونسينا
أن نُعطيه المِفتاح كي لا يشعر بالعبودية لأهوائنا ، أو لربما لمخاوفنا وإن كانت حقيقية ، وسلَبناه الإدراكَ
وإيجاد الحلول وإن كانت نظريّة .