الأطفال مثل الكبار يصابون بأمراض عديدة ومتنوعة وكذلك يصابون بأورام مختلفة منها الحميدة والأخرى خبيثة، وسنتحدث اليوم عن الأورام السليمة أو الحميدة وهي في الحقيقة كثيرة ولكن سنحاول الاختصار وسنركزعلى ما يهم القارئ معرفته لتحاشي بعض المضاعفات التي قد تحدث من جراء إهمال أو التأخير في اكتشاف تلك الأورام عن جهل أحياناً من قبل الأهل وأحياناً من قبل الطبيب فمثلاً حدوث بروز في الأطراف بدون ألم لدى الأطفال يمكن اكتشافه متأخراً لأن الطفل لم يخبر أهله ولم يلاحظه الأهل حينما يكون الطفل قد استقل وله خصوصيته.

تحد طبي :-

بعض الأورام الحميدة عند الرضع والأطفال تشكل تحدياً للطبيب حيث يصعب عليه أحياناً تشخيص بعضها ويحتاج إلى إجراء العديد من الفحوصات واستشارة زملائه في تشخيص وعلاج الكثير منها. كما أن العديد من الأورام قد يكون خطيراً ومهدداً للحياة رغم كونها من النوع الحميد نتيجة لموقعها ونوعها.

أنواعها :

أولاً : أورام العظام الحميدة والنواتئ العظمية الشبيهة بالأورام :

تعتبر آفات العظام السليمة ( الحميدة ) شائعة عند الأطفال وأحياناً يصعب على الطبيب التفريق بين الحميد والخبيث بمجرد الكشف على الطفل من أول مرة. كما أن أي نتوء أو بروز في أي جزء أو عضو من أعضاء الجسم يجب التعامل معه بحذر وتوقع كل شيء ممكن حدوثه. كما أن هناك بعض الحقائق يجب معرفتها بأن بعض الآفات الحميدة قد تكون مؤلمة أو غير مؤلمة خاصة بوجود كسر مرضي. كما أن الألم الذي يوقظ الطفل من النوم فربما تكون الآفة خبيثة. كما أن سرعة نمو ذلك الورم ربما تكون خبيثة أيضاً.
كما أن هناك حقيقة أخرى وهي أن العديد من أورام العظام الحميدة قد اكتشف صدفة بعد كسر مرضي كما أن من غير المعتاد أن يتداخل الورم العظمي الحميد في عملية شفاء الكسر كما أن الكسور نادراً ما تسبب تغيراً في سير أو شفاء الأورام الحميدة التي تعالج عادة بعد شفاء الكسر.
إن من أهم الفحوصات التي يجب على الطبيب عملها هي عمل الأشعة للعظام المشتبه بها ومن عدة جهات وأوضاع مختلفة لذلك العظم، ودراسة النتائج جيداً مع اخصائي الأشعة.

1- الورم الغضروفي العظمي :
هذا الورم أحد أشيع أورام العظام السليمة عند الأطفال. معدلات حدوثها غير معروفة. تتطور معظم هذه الأورام العظمية الغضروفية خلال الطفولة. وتنشأ من مشاش العظام الطويلة خاصة القسم البعيد للفخذ، والقسم القريب للعضد، والبعيد لعظمة الساق وتنمو هذه الأورام مع نمو الطفل وتكتشف في سن 5- 15حيث يلاحظ نشوء ( كتلة ) عظمية من قبل الطفل أو الأهل وقد تكتشف بعد جهد رياضي أو فيزيائي. ويمكن رؤية ذلك من خلال الأشعة.
هذا الورم الحميد لا يستأصل روتينياً مالم يسبب أعراضاً نتيجة لكبر حجمه أو مكانه، ويندر أن يتحول إلى ورم خبيث.

2- الغضروف الداخلي :
ورم حميد يصيب الغضروف الهاليني ومركز العظم. يصيب العظام الأنبوبية في اليدين والقدمين. يسبب كسوراً مرضية وغالباً يكتشف بالصدفة عند حدوث الكسر وفحصه. إذا كان كبيراً قد يصعف من بنية العظم. وإذا كان هناك عدة بؤر قد يسبب في قصر القامة وعدم التساوي في أطوال الأطراف وتشوهات في المفصل.

3- الورم الغضروفي الأرومي :
آفة نادرة تشاهد عادة في العظام الطويلة ومعظم المرضى في العقد الثاني من عمرهم حيث يشكون من ألم خفيف إلى متوسط في المفصل القريب من الورم وموقع الإصابة تكون في الورك، الكتف، الركبتين، وقد تكون العلامة الوحيدة هي ضمور في العضلات. والعلاج يتم بالاستئصال والتجريف ويندر أن يتحول إلى ورم خبيث.

4- الورم العظمي العظماني :
عبارة عن ورم عظمي حميد وصغير يشخص عادة في عمر 5- 20سنة ومن مميزاته أنه يسبب ألماً شديداً متواصلاً يزداد بالتدريج ويسوء ليلاً ويتحسن هذا الألم باستخدام الأسبرين ( مع أننا لا ننصح باستخدام الأسبرين ) . يكثر في الذكور وفي أي عظم، ولكن المواقع التي يشيع فيها هي النهاية القريبة للفخذ وعظمة الساق، يمكن رؤيته بالاشعة العادية ولكن أحياناً يضطر الطبيب لعمل الأشعة المقطعية بالكمبيوتر لتوضيح الورم إذا كان صغيراً. والعلاج يكون باستئصاله إذا كان عرضياً وفي بعض الأحيان يزول عفوياً بعد نضج الهيكل العظمي.

5- الورم العظمي " العرطل " :
هذا الورم مخرب ومدمر ينمو باستمرار. يصيب الفقرات خاصة ويمكن لأي عظم أن يصاب. وأحياناً يكتشف متأخراً حيث يعاني المريض من آلام متردة لعدة أشهر قبل أن يراه الطبيب يمكن لهذه الآفة إذا أصابت العمود الفقري أن تسبب اعراضاً عصبية أو خللاً (اضطراباً) عصبياً. بالاشعة قد لا يكون واضحاً وقد يسبب تنشؤا خبيثا مما يضطر الطبيب لعمل خزعة للتأكد من التشخيص وعلاجه باستئصال تلك الآفة وقد يضطر إلى ثبيت العمود الفقري جراحياً.

6- الأورام الليفية ( غير المتعظمة ) :
وهي عبارة عن آفات ليفية ضمن العظم. ومعظمها يكتشف صدفة عند إجراء صورة إشعاعية وربما يصاحبها كسور مرضية، وبعضها يتراجع عفوياً بعد نضج الهيكل العظمي.
أيضاً هناك أورام أخرى تصيب العظم، ولكن لا داعي لذكرها كلها وإنما يجب الانتباه إلى أن لكل ورمة أو بروز وخاصة في العظم له خاصية معينة ويجب أخذها بعين الاعتبار من الفحص الدقيق وإجراء الفحوصات حتى وإن اضطر إلى أخذ خزعة من العظم للتأكد من نوعية هذا الورم وطمأنة المريض.

ثانياً: الأورام الوعائية الدموية :
تعتبر الأورام الوعائية من أشيع أورام الرضع السليمة، وتوجد عند 1% من الولدان. ولا يحتاج معظمها للمعالجة. ومن صفات هذه الأورام نموها السريع خلال السنة الأولى ثم تمر بمرحلة نمو بطئ في السنوات الخمس التالية ثم تتراجع بعمر 10- 15سنة. وحوالي 10% من الأورام الوعائية بسبب مشكلة وأذية للطفل وحوالي 1% يمكن ان يهدد حياة الطفل عندما تنمو هذه الأورام حول الطرق الهوائية التي قد تسد مجرى الهواء وتسبب اختناقا للطفل ثم الوفاة.

ومن أخطار هذه الأورام :
1- انسداد المجاري التنفسية كما ذكرنا قبل قليل.
2- الأورام الكبيرة تسبب نقصاً في الصفائح الدموية.
3- فقر الدم الانحلالي حينما يحدث في الأوعية الصغيرة.
4- تجلطات نتيجة لتكدس الصفائح الدموية ويحدث هذا في ورمة تدعى كاسباخ ميريت.
وعلاج تلك الأورام يعتمد على حجمها وعادة تستخدم بعض الأودية وربما يضطر إلى استخدام الليزر والجراحة التجميلية.

ثالثاً : الأورام اللمفاوية الحميدة :
وأهم مقال على ذلك هو التشوه اللمفاوي التي ترى في الأطفال وتدعى الهيغروما الكبسية والتي تحدث في العنق وتبدو ورمة نسيجية لينة غير مؤلمة تبدو في الشهور الأولى من العمر. وهذه تحتاج إلى تدخل جراحي بأيدي خبيرة. حيث أنها لا تتراجع عفوية عادة.

رابعاً : الأورام الليفية الطفلية :
وهذه من الأورام النادرة، ويمكن أن يصادف التكاثر الليفي الأورمي " beaign fibro-blastic pooliferation " عملياً في أي مكان من الجسم. ولا يمكن التنبؤ بتطورها. ولا تنتقل عادة لكنها يمكن أن تصبح كبيرة جداً وتسبب أعراضا نتيجة للضغط على البنى المجاورة. وأفضل علاج لهذه الآفات هو الاستئصال الجراحي التام لمنع النكس الموضعي. وفي حالات نادرة يمكن علاجها بالاشعة إذا كان الورم كبيراً وغير قابل للاستئصال، ويمكن استخدام بعض الأدوية التي يصعب معرفة فائدتها حتى الآن.