تعد التنمية من أهم الموضوعات التي تشغل الأفراد والحكومات ، فالتنمية في حقيقتها عملية حضارية نظراً لشمولها مختلف أوجه النشاط في المجتمع بما يحقق رفاهية الانسان وتقدمه وهي أيضاً بناء للإنسان وتطوير لكفاءاته وإطلاق لقدراته


كما أنها اكتشاف لموارد المجتمع وتنميتها وحسن استثمارها 0 ويعتبر العنصر البشري قبل كل شيء هدف عملية التنمية ، لأنه أداة عملية التنمية ومن الضروري توفر الموارد البشرية بأعداد مناسبة وخبرات جيدة للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية ويعد تنظيم هذه الموارد وتدريبها وتأهيلها من أهم العوامل المساعدة في نجاح عملية التنمية ، وحتى تقبل الناس على التنمية يجب أن تكون الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها ملبية لاحتياجاتهم وتحقق مطالبهم ، لأن توفر الموارد الطبيعية من جهة وتوفر التكنولوجيا والتقنيات من جهة أخرى لا يضمن بالضرورة إحراز التقدم في عملية التنمية لأن العنصر المهم الذي ينظم عملية التنمية هو الانسان 0 ومن المهم الإشارة إلى أن عملية التنمية الشاملة تتطلب التوافق بين السياسات المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والسكانية ، وهذه المسألة هامة جداً لا تتحقق بسهولة ولا شك أن تنمية الطاقات البشرية هي عماد التنمية في أي مجتمع ولكنها تكتسب أهمية خاصة في بلدنا الغني جداً بالموارد البشرية حاضراً ومستقبلاً حيث يجب تنمية طاقاتهم بما يمكنهم من المشاركة الفاعلة في عملية التنمية المستدامة وبناء القدرات الفنية والمهنية لهذه الموارد وذلك عن طريق التعليم والتدريب بما يتفق والتطورات التقنية في وسائل الإنتاج وبما يؤدي إلى رفع مستوى إنتاجية العامل 0 ما نود الإشارة اليه أن التنمية لشعوب الدول النامية تعد الشغل الشاغل لهم ، حيث تعاني من التخلف ، فضلاً عن ذلك فإن النهضة الحضارية التي تعد مطمحاً أساسياً لدى هذه الشعوب لا يمكن أن تتحقق إلا عن طريق التنمية ، فليس ثمة خلاف حول أهميتها وجدواها في تحقيق النهضة وتحقيق التطور ، لكن الخلاف يكمن في كيفية التنمية ونوعيتها وأي المجالات أو الأنشطة تكون محلاً للتنمية 0 إن جوهر التنمية هو التغيير نحو الأفضل إنه التغيير الذي يؤدي إلىِ تفعيل وتحسين الأنظمة الاجتماعية القائمة باتجاه اشباع المزيد من الحاجات الحقيقية للبشر ، وبأقل تكلفة اقتصادية واجتماعية وبيئية ممكنة ، فأي تنمية سليمة لابد لها أن تهدف إلى زيادة الدخل القومي وتحقيق العدالة في توزيعه واشباع حاجات الأغلبية من السكان مع الحفاظ على التوازن البيئي وركزت الخطة الخمسية العاشرة التي شارفت على الإنتهاء على تنمية الموارد البشرية وتطويرها وحسن الاستفادة منها وحددت الخطة عدداً من الأولويات تركزت على رفع التنمية البشرية وتخفيف الفقر وذلك من خلال التحقيق المرحلي لأهداف التنمية الألفية ورفع المستوى التعليمي للفئات المهددة بالفقر وبناء شبكات الأمان الاجتماعي ولما كان تخطيط الموارد البشرية يعد جزءاً هاماً من مجمل عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية باعتبار أن الإنسان يمثل هدف التنمية وأداتها الأساسية في آن واحد فإن تحقيق أهداف الخطة من شأنه توسيع خيارات الناس في مختلف المجالات وتطوير مستوى حياة الأسرة اقتصادياً واجتماعياً وصحياً وتعليمياً وثقافياً وجعل أفراد المجتمع أكثر قدرة على المشاركة الفعالة في عملية التنمية وانجاح مسيرة التنمية الشاملة في القطاعات كافة ولهذا ركزت الخطة على تحسين مؤشرات التنمية البشرية في المجال الصحي والتعليمي والمعيشي وخلق تنمية متوازنة في المحافظات وهنا لا يفوتنا الإشارة إلى القانون رقم 26 للعام 2010 الذي صدر مؤخراً الخاص بتنظيم التخطيط والتطوير الاقليمي المكاني حيث حددت المادة الرابعة من مبادىء التخطيط الاقليمي والغاية منه إعداد الخطط الاقليمية المكانية هي قيادة وإدارة التنظيم المكاني في الاقليم بشكل متكامل ومتوازن بما يساهم في دعم عملية التنمية المستدامة بأطرها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية حسب اولوياتها ومتطلباتها 0 آراء متعددة من خلال ما تقدم نستنتج أن التنمية عامة تهدف إلى رفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي وحل المشاكل الناتجة عن التخلف ، وتهيئة فرص عمل جديدة للعاطلين عن العمل والانتفاع الكامل بكافة الإمكانيات والموارد ، وتهيئة طاقات أفراد المجتمع لاستثمار موارد بيئتهم وتنظيم علاقاتهم بعضهم ببعض أثناء العمل الجماعي الموجه لإحداث التغيير والملاحظ أن الآراء تعددت في تحديد أهداف التنمية فالبعض يرى أن أهداف التنمية تركز أساساً على أهمية التقدم الاجتماعي والاقتصادي واعتبار ذلك من أهم أهداف التنمية على أساس أن برامج ومشروعات التنمية تهدف إلى تحقيق مستويات أفضل للمعيشة ويرى أصحاب هذا الرأي أن تنمية المجتمعات الريفية تمثل أنسب الوسائل لرفع مستوى المعيشة في المجتمع على أساس أن مصادر الثروة ما زالت كافية في الريف ويرى البعض الآخر أنه يجب التركيز على عملية تنمية قدرات الأفراد للعمل والتفكير والابتكار والتجديد والإبداع باعتبارها جميعاً قدرات ضرورية لتحقيق أهداف التنمية الشاملة وعلى أساس أنهم لا يعتبرون التغيير المادي الهدف النهائي للتنمية التنمية المستدامة يقدم مفهوم التنمية المستدامة إطاراً للمجتمع بين سياسات التنمية واستراتيجيتها حيث يستخدم مصطلح التنمية بأوسع معانيه ليشير لعمليات التغير الاقتصادي والاجتماعي ويشير مفهوم التنمية المستدامة إلى تلبية حاجات وطموحات الحاضر دون الاخلال بالقدرة على تلبية حاجات المستقبل دون إيقاف لعمليات النمو الاقتصادي الذي يعني زيادة الانتاج أو الناتج القومي الإجمالي خلال فترة طويلة بحيث يتضمن بالإضافة إلى زيادة الناتج زيادة في الطاقة الإنتاجية 0 ونحن نتحدث عن التنمية يجب التركيز على نقطة مهمة جداً وهي استحالة فصل قضايا التنمية عن قضايا البيئة فالكثير من أشكال التنمية يستنزف موارد البيئة التي ينبغي أن تقوم عليها تلك التنمية كما أن تدهور البيئة يمكن أن يقوض التنمية الاقتصادية ويهتم البعد البيئي للتنمية المستدامة بتحقيق هدفين أساسيين الأول ترشيد استخدام الموارد البيئية المحلية في العمليات الانتاجية والهدف الثاني المحافظة على طاقة الحمل للأنساق البيئية والتي تعني قدرتها على تجديد هويتها 0 مؤشرات من المتعارف عليه أنه لا تستطيع جهة واحدة في المجتمع بمفردها تحقيق التنمية بمفهومها الشامل فالأمر يقتضي تنشيط وتعاون وتضافر جهود كافة الجهات والمؤسسات وإشراكها بشكل فعلي وجدي في اتخاذ وتنفيذ ومتابعة القرارات المتعلقة بالتنمية كما أن اتساع مفهوم التنمية وتعدد أبعاده وعناصره وما يترتب على ذلك من تعدد في الأهداف التنموية وتعدد في السياسات التنموية ، مما يعني أن المتابعة الجيدة لجهود التنمية وأهدافها يجب أن تستند إلى عدد كبير نسبياً من المؤشرات التنموية فلم يعد يكفي النظر إلى مؤشر واحد حتى ولو كان مؤشراً مركباً بل أن هناك حاجة للنظر في مجموعة مؤشرات تتضافر سنوياً لرسم صورة جيدة عن مدى التقدم في تحقيق أهداف التنمية ، أو حتى عن مدى التقدم في تطبيق بعض الوسائل التي تؤدي إلى هذه الأهداف ولو بعد حين يعيق تطور التنمية لقد باتت ظاهرة الانفجار السكاني إحدى معوقات تحقيق التنمية 0 حيث أن الزيادة السكانية تؤدي إلى زيادة الضغط على النمو الاقتصادي والاجتماعي واستنزاف نسبة عالية من الموارد المائية والطبيعية والاقتصادية وهذا الانفجار الديموغرافي يعتبر من أهم أسباب تأخر مستوى التنمية لأن الارتفاع المتسارع في عدد السكان يعيق تطور المجتمع ويعرقل نموه ، فهو يؤثر على مستوى التنمية والتشغيل والتعليم ويساهم في انتشار الفقر والجهل وتدهور الوضع الصحي والاجتماعي ، لأنه يستنزف كل المدخرات الاقتصادية والموارد الطبيعية ، حيث تؤدي زيادة عدد السكان إلى انخفاض معدل النمو الاقتصادي والدخل الفردي ، وتؤثر سلباً على خلق التراكمات اللازمة لعملية التنمية كما أن ارتفاع عدد السكان يؤدي إلى زيادة المواليد في المجتمع وهذا يؤدي في المستقبل إلى عدة مشاكل أخرى بدءاً من توفير الغذاء مروراً بمستوى التعليم وصولاً إلى ارتفاع نسبة البطالة وهنا ننوه أن ارتفاع عدد السكان لدينا جاء نتيجة لتحسن الخدمات الصحية وأدى بالتالي إلى ارتفاع نسب الولادة ومن تحديات التنمية الأخرى الهجرة الداخلية غير المنظمة والضغط المتزايد على الخدمات الاجتماعية في المدن ومشكلة البطالة حيث اتخذت الدولة العديد من الإجراءات للحد منها كإحداث هيئة مكافحة البطالة التي تحولت فيما بعد إلى الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات وتشجيع إقامة المشاريع الاستثمارية عبر تقديم المزيد من التسهيلات للمستثمرين إضافة لتعزيز دور القطاع الخاص ومساهمته في عملية التنمية واتخاذ كل ما من شأنه جعل اقتصادنا قوياً وتنافسياً يحقق أكبر معدلات للنمو الاقتصادي وبالتالي تحقيق التنمية التي ستنعكس نتائجها الايجابية على الفرد والمجتمع بآن معاً