بإلهام من طفرة الغاز الصخري التي حولت الولايات المتحدة الأمريكية من بلد مستورد للغاز إلى بلد ناشئ في إنتاج الغاز، تسعى الرياض حاليا لتركيز جهودها في تصنيع الغاز لأسباب اقتصادية واضحة يأتي في مقدمتها الحد من استخدام احتياطيات النفط في الاستهلاك المحلي. كما أن المملكة تملك من الإمكانيات ما يؤهلها لتصبح عملاقا في إنتاج الغاز الصخري.



ويعد القرار الأخير في تحويل محطة رابغ2 من إنتاج زيت الوقود الثقيل إلى الغاز مثالا على جهود المملكة في الحفاظ على إمداداتها النفطية المربحة.



وتلقت الشركة السعودية للكهرباء (sec) دعوة بتصميم مشروع رابغ كمحطة للزيت المشتعل في شهر يناير الماضي وبعد حوالي ثلاثة أشهر اضطرت لتغيير خطتها لتعمل المحطة على تصنيع الغاز المشتعل.



وكانت شركة أرامكو قد صرحت عن عزمها تكثيف جهودها المستقبلية للاستثمار في إنتاج الغاز بدلا من التركيز على زيادة إنتاج النفط. ويعدّ هذا التحول أن الحاجة لإنتاج الغاز أصبحت ضرورة ملحة لذا تم تصميم جميع مصافي المملكة الجديدة لتكون قادرة على معالجة زيت الوقود الثقيل ولإنتاج منتجات ذات هامش أعلى لبيعها في السوق الدولية، ومع ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل تحاول "أرامكو" الاستفادة من هذا الارتفاع قدر المستطاع.



ووفقا لتقرير نشرته صحيفة بلومبيرغ فإن تحويل جميع أنظمة الطاقة إلى الغاز أمرا صعبا في الوقت الحالي لكن الحكومة السعودية تسعى قدما للدفع بمبادرات التصنيع الرئيسية مثل تخصيص 20 مليار دولار لمجمع صدارة للبتروكيماويات ومصنع معادن لصهر الألمونيوم كما أن هناك زيادة مطردة لتأمين الغاز ضمن برنامج التنمية في السعودية.



وقدر وزير النفط السعودي علي النعيمي في شهر مارس الماضي الاحتياطيات غير التقليدية للغاز بأكثر من 600 تريليون قدم مكعب أي أكثر من ضعفي الاحتياطيات التقليدية المؤكدة للمملكة، وهذه التقديرات تضع السعودية في المرتبة الخامسة في إطار تصنيف ضم 32 دولة تملك احتياطيات من الغاز الصخري أعد لصالح إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.



وقال النعيمي: "إن أرامكو ستحفز سبعة آبار تجريبية للغاز الصخري في عام 2013 إلى جانب تركيزها على الغاز التقليدي". كما تملك "أرامكو" مساحات شاسعة من الصحاري الخالية يمكنها الحفر فيها وبالتالي لن تواجه احتجاجات بيئية على غرار تلك التي تشهدها الولايات المتحدة وأوروبا.



لكن أليكس مانتون محلل الطاقة في الشرق الأوسط لدى ماكينزي وود في أدنبرة يقول: "إن الدولة تسيطر على قطاع الطاقة ولا توجد سوى شركة واحدة عاملة وأسعار الغاز تجعل تطوير هذا المورد غير ذي جدوى اقتصادية". بينما يؤكد بعض المحللين أنه يمكن الاستعانة بشركات كبرى لعبت دورا في طفرة الولايات المتحدة وبعض هذه الشركات أنشأت مكاتب تطوير في السعودية.



إن قرار التركيز على إنتاج الغاز ضمن مشاريع الطاقة السعودية للحفاظ على الاحتياط النفطي كان سهلا لكن التحدي الذي يواجه الحكومة هو وضع خطط تتميز بالاستمرارية لإنجاز المشاريع التصنيعية.



ومن أكبر معوقات نجاح هذا المشروع هو ندرة المياه في السعودية لذا تعتمد الاحتمالات الخاصة بالسعودية على تطوير تقنية تسمح باستخدام مياه البحر بشكل فعال لإنتاج الغاز الصخري أو باستخدام غاز النفط المسال وهي تقنية تطورها شركات في أمريكا الشمالية.