يولد الأطفال جميعاً بغريزة فطرية للإحسان، والتعاطف ومساعدة الغير، التربية وحدها هي من تعزز أو تقلل من هذه الغريزة، بالطبع نحن لا نرى هذه الغريزة في أطفالنا عندما نراهم يتشاجرون على لعبة ما، أو يتمسكون بقطعة من الحلوى وكأنها نهاية العالم، ولكن إذا أمعنا النظر والتدقيق سنرى علامات كثيرة تدل على ذلك، فقد تجدي طفلتك ذات العامين فقط تعطي طفلاً يبكي لعبتها لتهدئ من روعه، أو عندما تزورين صديقتك ويهرع إليكِ طفلها ويعطيكي أي شيء يراه مثل قطعة حلوى أو لعبته، فالأطفال بطبيعتهم يبحثون عن طرق لمساعدة الغير.

ولكن هل نحن نعطي أطفالنا الفرصة لينموا أو يمارسوا هذه الغريزة؟! طفلك لن يتعلم المشي إذا لم تتركيه يحرك عضلات رجله ويتعلم كيف يمشي، كذلك الإحسان، يجب أن تعطي طفلك الفرصة ليمرن عضلات إحسانه.

لا تستهيني بفكرة الإحسان ومساعدة الغير عند طفلك، فعندما تربين طفلك أن يكون مساعداً محسناً، فأنت تجعلين من الدنيا مكاناً أفضل للعيش فيه لكِ ولأطفالك.

إليكِ بعض الطرق التي ستساعدك:

• ليس فقط بالمال:
ترتبط فكرة الإحسان عند الكثير من البعض بإعطاء المال، ولكن الطفل الصغير ليس بالضروري أن يفهم أو يميز الإحسان عن طريق المال، فمن الأفضل أن يكون الإعطاء عيني وليس مادي، مثل توزيع الحلوى أو اللعب أو الملابس على الأطفال اليتامى مثلاً، عندها سيستوعب الطفل فكرة الإحسان أفضل بكثير.

• اتركي لطفلك القيادة أحيانا:
انصتي إلى ما يقوله لكِ طفلك من أفكار للإحسان، فكلما تدخل الطفل في العملية كلما كانت التجربة أكثر تشويقاً له، فإذا ما ذكر لكِ طفلك ذو الست سنوات أن الأطفال الفقراء لا يملكون الكثير من اللعب مثلا، فاهتمي بالفكرة ودعيه يفكر كيف لنا أن نساعد هؤلاء الأطفال، وفكري معه أيضاً في طرق للحصول على لعب وإعطائها لهؤلاء الأطفال.

• المصروف والأحسان:
علمي طفلك أن يستقطع جزء ولو صغير من مصروفه للفقراء والمحتاجين، فبذلك أنتِ تعلميه الإحسان والميزانية أيضاً.

• الملابس واللعب القديمة:
عودي طفلك على أن يتبرع بملابسه ولعبه القديمة «وليست البالية» للفقراء.

• لا تحاضري طفلك عن الإحسان:
لا تخصصي وقتا محددا لتكلمي طفلك عن الإحسان، بل اجعليه سلوكاً تسلكيه أمام طفلك، فالطفل يتعلم أكثر وأسرع بالنظر وليس بالسمع، فإذا كنتم بالطريق ورأيتم شخصاً فقيراً متسولا، انتهزي الفرصة وتكلمي مع طفلك بطريقة مبسطة عن أن هناك أناسا محتاجين حولنا، ونحن أكثر حظاً منهم، فمن واجبنا أن نساعدهم ونعطيهم لنخفف عنهم آلامهم، بذلك أنتِ لم تلقي عليه محاضرة بل الصدفة التي أتاحت له التعلم عن الإحسان.

• افعلي ما تقولي:
اجعلي طفلك يراك وأنتِ تقومين بأعمال خيرية، ليس بالضروري أن تدعيه في كل مرة، ولكن إذا كان هناك شيئاً قد يساعدك به في هذا العمل الخيري، دعيه يساعدك، بإمكانك أن تتبرعي بشيء أمامه وأنتم في طريق العودة من المدرسة، إذا كنتِ ستزورين صديقتك المريضة وأعددتي لها بعض الطعام، دعي طفلك يساعدك في حمله مثلاً.

الفكرة في تعليم طفلك الإحسان ليست فقط في تعريفه بأن هناك أناسا أقل منا حظاً، وأن العالم فيه المأسي والألام، بل أيضا في تعريف طفلك بأن لديه الطاقة والمقدرة على مساعدة الغير ويجب عليه استخدامها.

بعض الأمهات لا يريدن أن يعرضن أطفالهن الصغار لمواقف محزنة قد تؤثر عليهم وتحزنهم، ولكن يؤكد الخبراء أن السعادة التي يشعر بها الطفل بعد مساعدته لفقير تفوق ذلك الحزن بكثير.. لذا ربي طفلك على الإحسان، واجعلي منه شخصاُ معطاءا.