حان وقت الانصراف من النادى الذى بدأ يغلق أنواره، وطفلها الصغير مُصر على البقاء، لم تعرف كيف تتصرف، أكل الكثير من الحلوى ومُصر على المزيد، عنده مدرسة فى الصباح التالى ويريد أن يشاهد التليفزيون، كلها أمثلة للعناد الذى تعانى منه كثير من الأمهات مع أبنائهن، والعناد مشكلة صعبة حتى قيل: «العناد يورث الكفر».. ما هى أسباب العناد عند الأطفال؟ كيف يمكن التعامل معه؟ ما هى أنواعه، ومتى يصبح طبيعياً بل محموداً، ومتى يصبح مذموماً؟
مشكلة العناد هى..

اضطراب سلوكى ينتشر بين الأطفال فى مرحلة معينة من الطفولة، وينتج عن تصادم رغبات الطفل وأوامر الكبار ونواهيهم، فلا ينفذ الطفل أوامر الكبار، ويصر على تصرفاته، وعندما يجبر يظل محتفظاً بموقفه داخلياً.
متى يصبح العناد مشكلة؟

العناد طبيعى فى مراحل الطفولة المبكرة، ففى مرحلة رياض الأطفال.. تنمو لدى الطفل الرغبة فى الاعتماد على الذات، لا يهتم بما يقوله أو يفعله الآخرون إلا إذا كان له علاقة به، وخلو هذه المرحلة من العناد قد يؤدى إلى ضعف الإرادة فى المراحل التالية من عمره. المشكلة عندما يستمر هذا العناد إلى ما بعد سن الثامنة، ويتحول إلى عنف، وينقلب إلى تحدٍ شديد عند الطفل، فيجادل الكبار ويتحداهم، ويفقد هدوءه بسرعة، ويتعمد استفزاز الآخرين، ويكون شديد العناد مقارنة بالأطفال الآخرين فى نفس السن، فقد يصبح هذا مؤشراً لظاهرة مرضية نفسية.
أنواع العناد:

  1. عناد يدل على الإصرار وقوة الإرادة عندما يفشل مثلاً فى تركيب لعبة ويصر على تكرار المحاولة حتى ينجح، وهذا النوع من العناد يجب تشجيعه.
  2. عناد غير منطقى: عندما يصر الطفل مثلاً على الذهاب إلى النادى رغم هطول الأمطار وتأخر الوقت، ورغم محاولات إقناعه بتأجيل الخروج.
  3. العناد مع النفس: عندما يمتنع عن الأكل مثلاً رغم جوعه لغضبه من أمه، وغالبا ما يتنازل فى نهاية الأمر عن إصراره بعد أول محاولة من الكبير لمصالحته.
  4. العناد كاضطراب سلوكى: عندما يصبح العناد نمطاً ثابتاً فى سلوكه، قد يؤدى إلى اضطراب فى أفكار ومشاعر وسلوكيات الطفل، وفى هذا الوضع يكون الوضع بحاجة إلى استشارة من المتخصصين.
  5. عناد فسيولوجى: بعض الإصابات العضوية بالدماغ كالتخلف العقلى يمكن أن تجعل الطفل يظهر فى مظهر المعاند.

أسباب العناد:

  1. أحلام اليقظة: عم قدرة الطفل على التفرقة بين الواقع والخيال.
  2. رغبة الطفل فى تأكيد ذاته: عندما يكون ذلك غير مبالغ فيه وفى مرحلة معينة من عمره، فإنه يكتشف نفسه وقدراته ويتعلم قوة الإرادة.
  3. الحماية الزائدة من الوالدين كفرض القيود عليه عند اللعب والتدخل المستمر فى شئونه فى كل صغيرة وكبيرة.
  4. رد فعل ضد الشعور بالعجز الذى يعانى منه نتيجة لخبرات سلبية سابقة أو تعرضه لصدمات أو إصابته بإعاقات مزمنة.
  5. عدم إنصات الآباء للأبناء وعدم شرح الأسباب وراء أوامرهم، مما يشعر الطفل بالظلم والإهانة، أو يدفعه إلى تقليدهم.
  6. التذبذب فى المعاملة بين اللين والقسوة مما يضع الطفل فى حيرة ويتسبب فى حالة من العناد.
  7. تفضيل الأبوين لأحد الأبناء مما يدفع به إلى محاولة لفت أنظار الكبار إليه.
  8. الشجار بين الأبوين، وحالات الإحباط والتوتر التى يمر بها الطفل.


10 نصائح لعلاج العناد:

  1. حكى القصص التربوية والابتعاد عن القصص الخيالية التى يحل أبطالها مشاكلهم بالخيال.
  2. التحايل وتحويل الانتباه، مثلاً إذا أصر الطفل على إصدار أصوات عالية، فيمكن تشتيت انتباهه بأن يطلب منه تقليد أصوات حيوانات، وليس هذا ضعفاً من الأبوين، لكنه حماية من وصولنا إلى مرحلة العناد أمام أطفالنا.
  3. التقليل من التعليق على سلوكياته، والتغاضى عن بعض الأخطاء أو الاكتفاء بنظرة حادة أو كلمة بسيطة.
  4. عند إصدار الأوامر والنواهى، يراعى أن يكون أمراً واحداً، واضحاً، حازماً، مفهوماً، معقولاً.
  5. توثيق العلاقات مع الأبناء من خلال الرحلات واللعب، وتخصيص وقت للحديث مع كل طفل على حدة، لكن يجب مراعاة الاستماع إليه والحذر من تحول هذا الحديث إلى درس تعليمى، وإن ظهر ما يحتاج إلى تقويمه فإن ذلك يتم فى المواقف العادية.
  6. تكليف الطفل ببعض الأعمال المنزلية ليتعلم تحمل المسئولية ويكون لديه ما يوجه له اهتمامه.
  7. تصفية المشكلات بالمودة واللين.
  8. مكافأة الطفل عندما يحسن.
  9. التنسيق بين الوالدين فى التربية والأقوال والأفعال.
  10. التأكيد للطفل أن سلوك العناد هو المرفوض، لكنه هو فى ذاته محبوب وسيظل كذلك مهما حدث.


محاذير يجب تجنبها:

  1. مقاطعة الطفل العنيد.
  2. إعلان مساوئه أمام الآخرين.
  3. اللجوء إلى التدليل المفسد أو الرشوة.
  4. الانفعال الذى يؤدى إلى غياب الحكمة.
  5. تلبية مطالب الطفل نتيجة للعناد لأنها ستدعم هذا السلوك.
  6. الضرب لأنه سيؤدى إلى الخوف أو ربما زيادة العناد، ويعلمه أن العنف يمكن أن يكون وسيلة للتعامل مع الآخرين.

إن كلمة «تربية» فى اللغة مأخوذة من الفعل «يربو» أى يعلو، ولنعلو بأبنائنا ونرتقى بهم علينا بالصبر والرفق.. فالعنف يهدم والرفق يبنى.