- علم الصحة النفسية Mental Hygiene
علم الصحة النفسية هو الدراسة العلمية للصحة النفسية وعملية التوافق النفسي , ما يؤدي اليها وما يحققها , وما يعوقها , وما يحدث من مشكلات وضطرابات وامراض نفسية , ودراسة اسبابها وتشخيصها وعلاجها والوقاية منها .
ان علم النفس بصفة عامة يدرس السلوك في سوائه وانحرافة . وعلم النفس يخدم علم الصحة النفسية من خلال دراساته العملية عن طريق الوقاية والعلاج , ويمكن النظر الى علم النفس على انه "علم صحة" حيث انه يقدم خدماته في مجال الصحة , وخاصة الصحة النفسية والعلاج النفسي حيث تطبق كل مبادئ وطرق علم النفس في علاج المشكلات والاضطرابات السلوكية والامراض النفسية . وان فروع علم النفس المرضي وعلم النفس العلاجي وعلم النفس التحليلي والعلاج النفسي وما تتناوله من موضوعات ومجالات لخير دليل على العلاقة بين علم النفس والصحة .الصحة النفسية Mental Health :
يمكن تعريف الصحة النفسية بانها حالة دائمة نسبيا , يكون فيها الفرد متوافقا نفسيا (شخصيا وانفعاليا واجتماعيا اي مع نفسه ومع بيئته) , ويشعر فيها بالسعادة مع نفسه , ومع الاخرين , ويكون قادرا على تحقيق ذاته واستغلال قدراته وامكانياته الى اقصى حد ممكن , ويكون قادرا على مواجهة مطالب الحياة , وتكون شخصيته متكاملة سوية , ويكون سلوكه عاديا .
والصحة النفسية حالة ايجابية تتضمن التمتع بصحة العقل والجسم , وليست مجرد غياب او خلو من اعراض المرض النفسي .
وللصحة النفسية شقان : اولهما شق نظري علمي يتناول الشخصية والدوافع والحاجات واسباب الامراض النفسية واعراضها وحيل الدفاع النفسي والتوافق , وتعليم الناس وتصحيح المفاهيم الخاطئة , واعداد وتدريب الاخصائيين والقيام بالبحوث العملية . والشق الثاني تطبيقي عملي يتناول الوقاية من المرض النفسي وتشخيص وعلاج الامراض النفسية .

- ملاحظات على الصحة النفسية والمرض النفسي :
الصحة النفسية والمرض النفسي مفهومان لا يفهم احدهما الا بالرجوع الى الاخر .
والاختلاف بين الصحة النفسية والمرض النفسي مجرد اختلاف في الدرجة وليس في النوع .
أ – السوية (العادية) :
السوية هي القدرة على توافق الفرد مع نفسه ومع بيئته والشعور بالسعادة وتحديد اهداف وفلسفة سليمة للحياة يسعى لتحقيقها .
والسلوك السوي هو السلوك العادي اي المالوف والغالب على حياة غالبية الناس .
والشخص السوي هو الشخص الذي يتطابق سلوكه مع سلوك الشخص العادي في تفكيره ومشاعره ونشاطه ويكون سعيدا ومتوافقا شخصيا وانفعاليا واجتماعيا .

ب – اللاسوية _الشذوذ) :
اللاسوية هي الانحراف عما هو عادي والشذوذ عما هو سوي .
واللاسوية حالة مرضية فيها خطر على الفرد نفسه او على المجتمع تتطلب التدخل لحماية الفرد وحماية المجتمع منه .
والشخص اللاسوي هو الشخص اللذي ينحرف سلوكه عن سلوك الشخص العادي في تفكيره ومشاعره ونشاطه ويكون غير سعيد وغير متوافق شخصيا وانفعاليا واجتماعيا .- معايير السوية واللاسوية :
يعتبر السلوك سويا او لا سوي حسب المعايير التالية :
1 – المعيار الذاتي : حيث يتخذ الفرد من ذاته اطارا مرجعيا يرجع اليه في الحكم على السلوك بالسوية واللاسوية .

2 – المعيار الاجتماعي : حيث يتخذ من مسايرة المعايير الاجتماعية اساسا للحكم على السلوك بالسوية او اللاسوية . فالسوي هو المتوافق اجتماعيا واللاسوي هو غير المتوافق اجتماعيا .3 – المعيار الاحصائي : حيث يتخذ المتوسط او المنوال او الشائع معيارا يمثل السوية وتكون اللاسوية هي الانحراف عن هذا المتوسط بالزائد او الناقص .4 – المعيار المثالي : حيث يعتبر السوية هي المثالية او الكمال او ما يقرب منه , واللاسوية هي الانحراف عن المثل الاعلى او الكمال .- ملاحظات على السوية واللاسوية :
السوية واللاسوية مفهومان لا يفهم احدهما الا بالرجوع الى الاخر . والفرق في الدرجة (وليس في النوع) بين السوي واللاسوي او بين العادي و الشاذ او بين الصحة والصحة النفسية والمرض النفسي . اي ان الافراد يمكن ترتيبهم على متصل مستمر بين السوية واللاسوية وبين العادية والشذوذ وبين الصحة النفسية والمرض النفسي . يقول صلاح مخيمر (1977) مؤكدا هذا المعنى : "اذا كانت السوية حلولا انشائية ايجابية تبلغ الى الابتكار احيانا" لمشكلات الحياة .
ويلاحظ ان السوية واللاسوية مفهومان نسبيان في مراحل العمر المختلفة وفي الازمنة المختلفة وفي الثقافات المختلفة .وصفت الصحة النفسية من قبل الصحة العالمية كما يلي :
حالة من العافية التي يحقق فيها الفرد قدراته الخاصة , ويمكن أن يتغلب من خلالها على الاجهادات العادية في الحياة , ويمكن أن يعمل بانتاجية مثمرة , ويستطيع المساهمة في مجتمعة .
ان هذا الاحساس الايجابي الصحي النفسي هو الاساس للعافية والوظيفية الفعالة من أجل الفرد والمجتمع , يتوافق هذا المفهوم الجوهري للصحة النفسية مع مجال متفاوت من التفسيرات في مختلف الثقافات .وتمر الشخصية بخمس مراحل حتى تصل الى مرحلة النضج (أح وهي كالتالي :
( أ ) مرحلة الرضاعة : وتشمل الفترة من الولادة حتى سن الثالثة , وهي فترة اعتماد كلي على الام والبيئة ,
وتتأثر الشخصية في هذه الفترة بالعلاقة الدافئة المنتظمة بين الام وطفلها , والاستقرار والأمن الأسري , بل ويعتقد بعض العلماء أن الأضطراب الأنفعالي في هذه الفترة من جراء غياب الأم , أو عدم عطفها , يؤدي الى ندبة دائمية في شخصية الفرد , ويتبع الطفل في هذه المرحلة مذهب الارضاء والاشباع الذاتي .( ب ) مرحلة الطفولة : وتبدأ مرحلة الطفولة بالقدرة على الكلام , واكتساب عادات من يحيطون به , وتمتد من سن الثالثة حتى سن السادسة , فأذا كان الوالدان سويين اكتسب الطفل عادات وتقاليد ناضجة متزنة , أما أذا كانا مضطربين اضطرابا فهنا سيتقمص الطفل هذا الأضطراب , وينشأ هذا الطفل مضطربا واضحا في شخصيتة , أو يصاب بأعراض عصابية .( ج ) المرحلة الأجتماعية : وتمتد هذه المرحلة من سن السادسة حتى البلوغ أي حوالي الثانية عشرة , وهنا يتضح تأثير المدرسة , والزملاء , والأقرباء , والأصدقاء وأبطال التاريخ والسينما والتلفزيون , فيكتسب الفرد في هذه المرحلة , التقاليد الأجتماعية , ويتقمص أخلاق ذويه , ويقلد مثلهم الاعلى .( د ) مرحلة المراهقة : تبدأ بالبلوغ في سن الثانية عشرة وتمتد للثامنة عشرة وأحيانا الى سن العشرين , ويبدا المراهق في الأهتمام بنفس الجنس ويختار كل أصدقائه من جنسه , فنجد الصبية يكونون جماعات مع بعضهم , ويتعلقون بشدة بعضهم البعض , ونجد الفتاة تميل الى صاحبتها أو الى مدرستها , وترسل لها الأزهار والشعر , ويهتم المراهق هنا برأي الناس فيه , ويحاول جاهدا الأستقلال , والأحساس بذاتة والبحث عن شخصية سائدة , ويبدأ الصراع بين اعتماده وحاجته للوالدين ورغبته في الاستقلال عنهما , مما يجعله عنيدا صلبا , وأحيانا عدوانيا , مجادلا لا يريد الأقتناع برأي الغير , ويعترض بعض الأحيان على أراء الكبار , ويعتبرهم متخلفين اجتماعيا , ومن خلال هذه الصراعات وموقف الوالدين السوي تجاه الصراعات , تنضج شخصية المراهق ليتحمل المسئولية كاملة بعد ذلك تمهيدا للدخول في مرحلة نضوج الشخصية .( ه ) مرحلة نضوج الشخصية : لا يعتمد نضوج الشخصية على سن معينة , بل يعتمد على توافر العوامل البيئية اوالوراثية لتعزيز عملية النضوج , ونعتبر الشخص ناضجا اذا ما تحمل المسؤلية تجاه العائلة وكفل لهم الحياة السهلة والذي يحاول التضحية في سبيل الأخرين وليس في سبيل السيطرة والسيادة وحب الذات والأنانية.
ويمر الشخص الناضج بالمراحل السابقة بطريقة سوية , دون حدوث مشكلة ما قد تتعلق بالكبت . او عدم اشباع الحاجات المرضية أو المشروعة , هنا يستطيع الأنطلاق للحياة بشخصية متزنة متوافقة مع الجميع.
ويمكن القول بأن الشخصية تتكون من خلال تفاعل الشخصية الطفولية , مع شخصية المراهق , مع الشخصية الناضجة وايضا من خلال تفاعلها جميعا مع المجتمع الخارجي بمؤسساته المختلفة الاسرية والمدرسية والمجتمعية