أبحاث أوروبيّة تدعو إلى تدابير وقائيّة
تأثير استخدام الجوال... الخطر القادم







تعكف مجموعة علمية فنلندية معنية بمراقبة الإشعاعات على دراسة تأثير الهاتف الجوال على البروتينات البشرية، وذلك بإجراء اختبارات مباشرة على عينة من المتطوعين بغية رصد مدى تأثير الإشعاعات الصادرة عن الجوال على صحتهم، ويتم ذلك بحسب أحد الباحثين عن طريق تعريض جزء صغير من بشرة أذرع متطوعين لإشعاع هاتف يماثل الإشعاع الصادر، خلال مكالمة هاتفيّة طويلة..!

وجد الباحثون أدلة على أن إشعاعات الهواتف الجوالة تسبب تغيرات في الخلية؛ مثل الانكماش، لكنها لم تكشف أية آثار صحية كبيرة في الوقت الراهن.

ويأمل فريق الباحثين في أن يرصد تأثيرًا للإشعاع على الموانع الطبيعية في الجسم، التي تمنع السموم والبروتينات الأخرى الخطيرة التي قد تكون موجودة في مجرى الدم من الوصول لخلايا المخ.

واستبعدوا وجود دلائل واضحة على وجود علاقة بين سرطان المخ واستخدام الهواتف الجوالة، معتبرين أنه إذا كانت البروتينات الضارة تتسرب للمخ، فقد يكون لذلك صلة غير مباشرة بالسرطان، لكن هذا مجرد افتراض.

تزايد حوادث الطرق

أكد خبراء أن استعمال السائقين للهاتف الجوال أثناء القيادة -حتى ولو استخدموا سماعات الأذن- يضاعف احتمالات وقوع حوادث بنسبة 400 بالمائة.

وتوصل الخبراء إلى تلك النتيجة بعد الاطلاع على فواتير الهواتف الجوالة لـ456 سائقا خضعوا لعلاج بالمستشفى، بعد تعرضهم لحوادث طرق بمدينة بيرث الأسترالية. وقدّر المختصون خطورة عدم التركيز الناتج عن الدخول في حوارات عبر الهاتف الجوال، بما يوازي خطورة القيادة في حال استهلاك الكحول بتركيز قدره خمسة في المائة 0.05 في الدم.

ومن جهة ثانية، أظهرت دراسة بريطانية وجود معدلات تُنذر بالخطر للإصابة بسرطان المخ بين بعض مستخدمي الهواتف الجوالة.

فقد أكد الطبيب (ألان بريس) رئيس قسم الفيزياء الحيوية في مركز بريستول أن وجود تأثير على المخ أصبح حقيقة قائمة.

وأرجع (بريس) السبب إلى أن الهاتف الجوال يقوم بتسريع زمن استجابة المخ بسبب بروتينات التوتر التي يحركها أحد الجينات.

ويشير أطباء المخ والأعصاب إلى أن الإشعاعات الكهرومغناطيسية بطيئة التأثير لكنها في نفس الوقت تراكمية الأثر.

ومن الثابت أن هذه الإشعاعات تتداخل مع الموجات الكهرومغناطيسية الخاصة بالمخ والجهاز العصبي للإنسان فتحدث أضرارها عليها، وذلك لأنهما أكثر أعضاء الإنسان حساسية، وتسبب أمراضًا خطيرة، مثل: التوتر العصبي، والصداع، والإرهاق، والحساسية، واضطراب الدورة الدموية، والضغط، والسرطان.

خلل القشرة المخية

ومن جهتهم يشير أطباء الأمراض النفسية والعصبية إلى أن الجوال هو جهاز يستخدم بالقرب من الجهاز العصبي المركزي، ولذلك فإن الذبذبة الكهرومغناطيسية التي تصدر منه تؤدي إلى حدوث خلل كيميائي في القشرة المخية، فتؤثر بوضوح على المخ.

وحذر مخترع رقائق الهاتف الجوال عالم الكيمياء الألماني (فرايدلهايم فولنهورست) من مخاطر ترك أجهزة الجوال مفتوحة في غرف النوم على الدماغ البشري، وقال: إن إبقاء تلك الأجهزة أو أية أجهزة إرسال أو استقبال فضائي في غرف النوم يسبب حالة من الأرق والقلق وانعدام النوم، وتلف في الدماغ؛ مما يؤدي -على المدى الطويل- إلى تدمير جهاز المناعة في الجسم؛ الذي يقوم بدور كبير في منع تحول بعض الخلايا العادية إلى خلايا سرطانية.

وأشار إلى ارتفاع نسبة التحول السرطاني في الخلايا من 5% إلى 5.9% عند تعرض خلايا المخ إلى الإشعاعات المنبعثة من الجوال.

فقدان الذاكرة

وأكد العلماء في جامعة واشنطن الأمريكية، صحة ما جاءت به الدراسات السابقة حول خطورة الهاتف الجوال على صحة وسلامة الدماغ وتأثيراته السلبية على الذاكرة والمهارات العقلية، محذرين من فقدان الذاكرة على المدى البعيد. وانتهى (مركز الطاقة الضوئية) بكلية العلوم جامعة عين شمس من دراسة حول (تأثيرات الهواتف الجوالة على وظائف الدماغ) إلى أن استخدام الهواتف الجوالة التي تتعامل في مدى التردد من 850 إلى 1900 (ميغاهيرتز) تفقد مستخدمها 45% من قدراته العقلية، بسبب تلف خلايا المخ.

وأوصت الدراسة بأن تكون المسافة الفاصلة بين الجهاز والعين 6 مللي للبالغين و7 مللي للأطفال في حالة التردد 900 (ميغاهيرتز)، و17 مللي للبالغين و24 مللي للأطفال إذا كان التردد 1800 (ميغاهي رتز)، مع عدم استخدام الجهاز لأكثر من ثلاث دقائق متواصلة أو 30 دقيقة متفرقة في اليوم.

صحة الأطفال في خطر

وفي الصدد نفسه أظهرت نتائج بحث علمي قامت به مجموعة بحثية في (مركز أبحاث التشخيص العصبي الإسباني) أن قيام الأطفال باستخدام الهاتف الجوال لدقائق قليلة يؤدي إلى خفض وظائف العقل لديهم لمدة ساعة تقريبا.

وتعد تلك الدراسة الأولى من نوعها التي تكشف كيفية تفاعل عقول الأطفال مع الهواتف الجوالة، بعد أن تمكن الباحثون - باستخدام ماسح ضوئي (إسكانر) من إعداد صور لكيفية تفاعل عقلي لطفلين أثناء استخدامهما الهاتف الجوال، ومقارنة النتائج مع اختبارات مماثلة أجريت على أشخاص بالغين. وكشفت الاختبارات أن نشاط العقل لدى الأطفال يكون أقل من الطبيعي في قطاعات كبيرة من المخ خلال 50 دقيقة من انتهاء المكالمة الهاتفية.

ويقول الدكتور (كولين بلاكمور) أخصائي الجهاز العصبي بجامعة (أوكسفورد)، في تصريح صحفي: (إذا كان من الممكن أن تسبب هذه الهواتف مخاطر في المستقبل، فإن الأطفال هم الأكثر عرضة لتلك المخاطر، نظرًا لعدم تطور جهازهم العصبي).


الكلى والأعضاء التناسلية

كما أطلقت (الجمعية الطبية البريطانية) عدة تحذيرات من التأثيرات السلبية للهواتف الجوالة، وبخاصة المستخدمة لتبادل نصوص الرسائل الإلكترونية، على الأعضاء التناسلية وأعضاء الجسم الأخرى.

وطالب الباحثون بإجراء دراسة مستفيضة للمخاطر المترتبة على استخدام الأجهزة الجوالة للمراسلة، لاسيما مع وضعها في منطقة الحزام، مما يؤثر سلبًا على الأعضاء الداخلية مثل الكليتين والأعضاء التناسلية؛ بسبب الموجات والإشعاعات المنبعثة منها.

السرطان وأشعة الجوال

وعلى جانب آخر حذرت دراسة علمية من التعرض للمجالات المغناطيسية الناتجة عن الأجهزة الحديثة، ومنها الهاتف الجوال، لتأثيراتها السلبية على صحة الإنسان خاصة بالنسبة للفتيات والسيدات الحوامل، نظراً لوجود تأثيرات بيولوجية ضارة على الثدي والجنين.

وذكرت الدراسة التي أجراها (مجلس بحوث العلوم الأساسية) بأكاديمية البحث العلمي والتقنية بمصر، أن التعرض للموجات المغناطيسية المستخدمة في البث الإذاعي وفي عمليات الاتصال، عن طريق الهاتف الجوال، يؤدي إلى أضرار واضحة في جدار الخلايا، خاصة كريات الدم.

وأضافت الدراسة أن التعرض لهذه الموجات يؤدي أيضا إلى حدوث خلل في إنزيمات الدم، والإصابة بسرطان الثدي عند النساء، مشيرة إلى أن هذه الأضرار تختلف باختلاف الكثافة التي يتم التعرض لها.

العين.. عرضة للإصابة

وحول تأثير الموجات القصيرة على العين البشرية يقول أخصائيو العيون إن العين البشرية تمر بها كميات دم محدودة، ولذلك فإن التعرض للموجات الكهرومغناطيسية عالية التردد يمكن أن يسبب عتامات لعدسة العين ومرض العتامة البيضاء المعروفة بال(كتاركت)، وتهتك قرنية العين وشبكية العين.

مجلة الاتصالات و العالم الرقمي