الحمد لله الذي أباح لعباده الطيبات ..وحرم عليهم الخبائث والمضرات... أشهد أن لا إله إلا الله..وحده لا شريك له.. أكرم الإنسان بمكارم لا تحد.. وأنعم عليه بنعم لا تعد .. و أشهد أن سيدنا و حبيب قلوبنا..و ضياء أبصارنا و نور بصائرنا..محمدا عبده و رسوله.. نبي الهدى ..و إمام أهل الطاعة و التقى.. اللهم صل عليه وعلى آله و صحابته..واجزه عنا خير ما جازيت نبيا عن أمته..و يسر لنا اتباع نهجه والتزام سنته.. و لا تحرمنا يوم القيامة من قربه و حوضه و نيل شفاعته
أما بعد.. إخوة الإيمان و العقيدة..
ما أسعدنا بخالقنا الكريم..و ما أحوجنا إلى ربنا الرحيم.. فهو الذي خلقنا فأبدع ما خلق..وهو الذي كرمنا من غير حد..وهو الذي أنعم علينا بنعم لا تحصى و لا تعد..دلنا بفضله على الهداية.. فاهتدينا إلى شرائع دينه العظيم .. فنحن الموحدون .. ولا في الدنيا من غيرنا موحد.. فمن أعظم النعم..أننا عرفنا الله.. و من أعظم النعم ..أننا اتبعنا من أرسله بنوره و هداه.. يقول الله جل في علاه .. قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ .. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ .. وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ..جاء الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.. يحمل رسالةالله..إلى الناس كافة.. أمره الله جل جلاله..أن ينادي في الناس..فقال له عز وجل.. قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ.. إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ..لأنه خاتم المرسلين.. وما جاء به هو الدين الحق.. ولا دين سواه.. قال تبارك و تعالى .. وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُوَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ.. هذه الرسالة العصماء.. أساسُها أن الله خلق خلقه.. ليكونوا سعداء في الدنيا و الآخرة.. ما خلق الله ليُعذ ّب.. إنما خَلق ليـُنعم.. و مهـّد لعباده طريق الحق.. ليسلكوها بأمان و اطمئنان.. بناها على الطهارة.. طهارة الأنفس و الأبدان.. وفرض عبادته على عباده.. ليطهروا.. و ليزكوا.. يقول جل وعلا .. لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ.. يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ.. من أجل ذلك , لا يقبل الله عملا أو قولا إلا من طاهر.. إلا من نقي في النفس ..زكي في السريرة.. و أنار الله طريق الطهر بفوانيس الحلال.. و حصنها بالطيـّب من كل قول وعمل..فقال جل جلاله لحبيبه و مصطفاه.. يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّلَكُمُ الطَّيِّبَاتُ..فالخمرة خبيثة..من أجل ذلك حرمها الله..والدم يحمل فضلات البدن و زوائده إلى الكبد ..الذي يحولها إلى مواد قابلة للذوبان في الماء..ثم يدفعها الكبد إلى الكليتين.. لتتخلص منها عبر البول.. من أجل ذلك حرمه الله.. وهكذا كل الحرام.. حرمه الله ..لأنه يحمل الأذى و المضرة للإنسان..فليس هناك حرام نافع.. كما لم يعط الله للإنسان حق التصرف في جسده كيف يشاء.. لأن الجسد أمانة الله..و وديعته عند عبده.. أجاز له أن يتصرف فيه بما جعله الله حلالا..و منع عليه أن يستعمله في الحرام .. فلا يجوز للإنسان قتل نفسه.. لأنه تصرف أحادي..لم يأذن به الله.. قال تبارك و تعالى..وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ..وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا ..فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا.. وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا..من أجل ذلك..تجلت رحمة الله على المؤمنين ..فأحل لهم كل طيب.. و حرم عليهم كل خبيث.. يقول جل وعلا.. وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ .. الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ.. فيا أيها المؤمن المدخن..أين تضع السيجارة..إن لم تستطع وضعها.. تحت الطيبات..أو تحت الخبائث..إسأل ابنك الصغير .. إسأل زوجتك.. إسأل أي عابر في الطريق..أين يضع السيجارة .. فليس في الوجود من يضعها تحت الطيبات.. ودعني أسألك.. هل حين تشعل السيجارة.. تقول بسم الله؟ هل حين تنهيها تقول الحمد لله؟.. ستقول لا ..وأقول لك السبب.. لأنها ليست نعمة .. لأنها نقمة..قد يختفي أثرها إلى حين..ليظهر في أشكال مخيفة من الأمراض و الأسقام.. يعرف الجميع خطورتها و نهاياتها المحزنة..و أنت أيها الشاب المدخن..دعني أسألك أيضا..لماذا لا تدخن أمام الوالد..أو أمام العم..لماذا لا تدخن أمام من تكن له التقدير و الإحترام..؟ والجواب..لأنك تعلم أنك على خطإ..و أن الذي بين أصابعك و فمك..ضرر يهدد كيانك.. فتخاف أن يراك الوالد , ومن تحترم..
وإذا قلت أن التدخين عادة.. يصعب تركها..والإنسان على ما تعود.. أقول لك أين عزيمة المؤمن.. وأين إرادة الله التي بثها فيك يا خليفة الله.. أتصغر أمام وسوسات واهية .. قد يصور لك الشيطان.. أن الإقلاع عن التدخين مستحيل..و يخنس عند دواخل نفسك ..ليهمس في أعماقك.. كيف تعيش بلا دخان.. كيف يمر اليوم..كيف تحتسي الشاي و القهوة.. كل ذلك يتلاشى حين تقرر.. حين تفتح باب الإرادة.. حين تعلم انك السيد .. و انك حر في اتخاذ القرار..وأن الله الذي خلقك..جعلك المكرم و المفضل.. وسخر لك الوجود بأسره..وبث فيك الإرادة..لتقهر الصعاب.. فتصرع الدخان و التدخين.. وتراه حقيرا.. لا قدرة له و لا قيمة .. أمام صدق العزيمة.. و مع ذلك إحذر.. إحذر أن تقلع عن التدخين خوفا و هلعا من الموت.. نعم.. إحذر ان تلغي الدخان حفاظا على الصحة.. إنما تخلص منه بإرادتك , إنتصر على الدخان و التدخين.. طاعة لله.. أتركه خضوعا و رجوعا إلى الله..
تضرع إليه في سكنات الليل.. فمن لك غير الله.. أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ.. وَيَكْشِفُ السُّوءَ.. ناد في الأسحار.. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم..و الحديث من صحيح الترغيب.. فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط.. إلا استجاب الله له.. لا إله إلا أنت ..سبحانك.. إني كنت من الظالمين ..توجه بها إلى الله.. في خشوع و إنابة.. يفرج الله لك بها كل هم وغم..
اللهم فرج كربنا..واغفر ذنبنا.. واجْعَلْ قوّتنا فِي طَاعَتِكَ ، وَ نَشَاطنا فِي عِبَادَتِكَ ، واكتبنا من عبادك الصالحين ..
أقول قولي هذا و أستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم