الخبيثون للخبيثات قرأتُ خبراً في إحدى الصحف المحلية بأن المملكة الرابعة عالمياً في استهلاك "التبغ" بإنفاق قدره 12 مليار ريال سعودي سنوياً، ولم يُشِر الخبر إلى أن هذا الترتيب -الرابع عالمياً- رقمياً أم نِسبة إلى عدد السكان!!، والخبر الآخر أيضاً يخص "التبغ" وهي التوصية التي خرج بها باحثون سعوديون وأجانب في مجال مكافحة التدخين برفع الرسوم الجمركية على التبغ ومشتقاته 300% للتقليل من استهلاكه محلياً، إضافة إلى وضع آليات فاعلة لمقاضاة شركات التبغ بتهمة تسببها في الأمراض الخطيرة للناس على حد قولهم، وتضمنت التوصيات تحمل تجار التبغ ومشتقاته في المملكة الرعاية الصحية للمرضى المصابين بأمراض ناتجة عن تعاطي التبغ بشكل مباشر أو غير مباشر، وهناك توصيات أخرى بإنشاء مركز متخصص لأبحاث التبغ والعمل على رفع مستوى الوعي الاجتماعي... الخ. حقيقة إن واقعنا مؤسف، معدل إنتاجنا من أقل النسب عالمياً، ومعدل إضرارنا للبيئة ولأنفسنا من أعلى النسب في العالم، وما هو أشد أسفاً بأن مقاضاة شركات التبغ في جميع دول العالم لم تفلح ولم تأت بأي نتيجة، فهذه الشركات تدعمها دول عظمى ومافيات عالمية، ورغم ذلك نجد من يتحدث عن هذه الآلية، كذلك مقاضاتهم في الداخل، وإلاّ فما مصير الدعوى التي قام برفعها أحد المرضى قبل فترة ضد بعض شركات التبغ ووكلائهم؟! وفي رأيي المتواضع قد يكون رفع الرسوم الجمركية 300% هو الحل الأنسب أو الأقرب إلى الواقعية وقد يساهم في الحد من أعداد المدخنين، لكن المشكلة التي قد يثيرها البعض بأن هذا المُنتج خبيث وبالتالي عائداته من الضريبة المفترضة والتي قد تفوق الـ100 مليار ريال خبيثة أيضاً، ولا يجوز أن تنفق على علاج المتضررين المباشرين أو أن توظف لمصلحة الصحة والبيئة بشكل عام، لأن الله طيباً لا يقبل إلاّ طيباً، لذلك فالحل الوحيد من وجهة نظري أن تُصرف تلك العوائد الخبيثة على مشاريع يتصف جوهرها بالخبث، كتمديدات شبكة "المجاري" والمياه "الآسنة" والتي حُرِم منها المواطنون 50 عاماً، أو في تنقية الهواء والبيئة من الملوثات الصناعية والتي جعلت بعض مدننا الأكثر تلوثاً في العالم، أو على الأقل إصلاح الحفر وإخفائها بمادة "الزفت" لتتخلى الشوارع والطرق في بلادنا عن الصدارة في موسوعة "جينس" للأرقام القياسية.