إن التدخين يعتبر من العوامل المؤثرة في تأخير الإنجاب وإن لم يكن سبباً مباشراً للعقم, بالإضافة إلى ما يحتويه من مواد سامة تلعب دوراً غير مباشراً على الخصوبة والقدرة على الإنجاب وبلوغ المرأة سن اليأس "Menopause" في سن مبكرة.

وقد أجريت دراسات إحصائية كثيرة على هذا الصعيد كان من نتائجها أن النساء المدخنات يبلغن سن اليأس في وقت أبكر من غير المدخنات، والسيدات اللواتي يدخن منذ سن مبكرة ( قبل عمر 18 سنة ) هنّ عرضة لبلوغ سن اليأس قبل الأربعين بثلاث أضعاف غير المدخنات. وتتأثر الأجنة الإناث للأمهات المدخنات سلبيا من حيث الخصوبة وبلوغ سن اليأس المبكر بنفس الطريقة. وفرص نجاح عملية اطفال الانابيب للمدخنات هي نصف النسبة لدى غير المدخنات.

وأثبتت الأبحاث بأن المواد السامة التي يحتويها التبغ وخلاصته مثل Nicotine و Anabasine تؤثر على هرمون الاستروجين بالتأثير على تصنيعه وإنتاجه أو بالتأثير على نتائجه لتكون أقل فاعليّة, كما أن تلك المكونات السامة تؤثر على قابلية البويضة للتلقيح بحيث تقللها. ومن جهة أخرى، فإنها تؤدي إلى ارتفاع هرمون FSH والذي يؤدي ارتفاعه قبل البدء ببرنامج التنشيط لعملية اطفال الانابيب إلى فشل العملية.

وهناك أبحاث كثيرة أثبتت تأثر نسب نجاح عملية اطفال الانابيب بتدخين الزوجة, وتلخص هذه الأبحاث بما يلي:

• تأثير النيكوتين على نضوج البويضة والقدرة على حدوث التلقيح وذلك بسبب حدوث اختلالات كروموسومية في البويضة نفسها.

• التأثير على عدد الحويصلات المنشطة والتي تكون أقل لدى المدخنات.

• عدد البويضات المستخلصة من الحويصلات بعد عملية السحب كذلك تكون أقل.

• إمكانية تلقيح البويضات أضعف، بالإضافة إلى أن المدخنات لديهن احتمالية أعلى لإجهاض الحمل بعد حدوثه من غير المدخنات.

كل ذلك بالإضافة إلى ما ذكرنا من ارتفاع هرمون FSH ونقصان هرمون Estradiol واختصار ما ذكر هو أن استجابة المدخنة لتحريض الإباضة تكون أقل, وقابلية البويضة للتلقيح أضعف بالإضافة إلى فرصة ثبات الحمل تكون أضعف كذلك.

وللتدخين أثر على قنوات فالوب بتأثيره على الأهداب وبالتالي تأثيره على قدرة القنوات للقيام بوظائفها في نقل البويضة سواء الملقحة أو غير الملقحة، وقد وجدت علاقة بين التهابات الحوض المزمنة (Pelvic Inflamatory Disease) والتدخين فاحتمالية اصابة المدخنات بهذه الأمراض تفوق غير المدخنات بنسبة 70%.

وتؤثر المواد السامة على افرازات عنق الرحم, بحيث تستقر خلاصة التبغ في هذه الافرازات الأمر الذي يؤثر على الحيوانات المنويه, ونستنتج من كل ما سبق ذكره أن التدخين يؤثر على خصوبة المرأة ويجعلها عرضة للعقم لتأثيره على عنق الرحم, قنوات فالوب, الاتزان الهرموني, وكذلك عجز المبايض المبكر, وفرصة أضعف لنجاح عمليات اطفال الأنابيب.

وقد لا تواجه بعض السيدات المدخنات أي مشاكل في الخصوبة بل على العكس فبعضهن لديهن القدرة على الحمل حتى بداية الأربعينات, الأمر الذي يجعلهن يهملن ما سبق ذكره... لهؤلاء نوّد التحذير بأنه على أثر دراسة قام بها الدكتور "جوناثان نيللي" على فئران المختبر تبين أن المادة السامةPolycyclic Aromatic Hydrocarbons التي يحتويها التبغ تعمل على قتل البويضات في مراحل النضوج الأولى لدى أجنة الفئران, كما قام بدراسة تبين خلالها أن أطوار نمو البويضة لدى الفئران هي نفسها لدى أنثى الإنسان وبناء عليه كان هناك دليل واضح على تأثر الأجنة الإناث بالمواد السامة التي يحتويها التبغ من الأمهات المدخنات, فتولد الإناث بعدد أقل من البويضات المختزنة, وبالتالي يكن أكثر عرضة لبلوغ سن اليأس في عمر مبكرة حتى وإن لم يكن أنفسهن مدخنات.

هذا بالإضافة إلى الآثار الجانبية المعروفة مثل انخفاض وزن الوليد, وولادة طفل ميت وزيادة نسبة الوفيات لدى الأطفال, بالإضافة إلى مشاكل الجهاز التنفسي بعد الولادة وفي هذه يشترك الآباء والأمهات معا, لذلك إذا كنت تدخنين فاقلعي عن التدخين حالا إن لم يكن لأجلك فمن أجل الأجيال القادمة.

أما بالنسبة لتأثير التدخين على خصوبة الرجل، فقد أجريت أبحاث عديدة على السائل المنوي لرجال مدخنين وغير مدخنين أثبتت التأثير العكسي للمواد السامة في التبغ على الحيوانات المنويه وبالتالي الخصوبة، حيث أثبتت الدراسات على الحيوان والإنسان معا أن التدخين وان كان في المعدل المتوسط يؤثر على عملية انتاج الحيوانات المنويه والمقاسة بعدد الحيوانات المنويه في السائل المنوي, حيث وجد أن العدد لدى المدخنين أقل من غير المدخنين بما معدله (13 –17 %) إلا أن هذا التناقض يمكن تفاديه في حال التوقف عن التدخين.

وعندما نركز الحديث على عدد الحيوانات المنويه فإننا لا نهدف فقط لرفع فرص الحمل بزيادة خصوبة الرجل وإنما كذلك تقليل فرص الاجهاضات والمشاكل المصاحبة للمواليد, حيث وجد أنه إذا كان عدد الحيوانات المنويه في السائل المنوي أكثر من (80) مليون فان فرصة حدوث مشاكل لدى المواليد تتقلص من ( 6%) لمن لديهم العدد أقل من ذلك إلى (1%). كما أن فرصة الإجهاض تصبح (6%) في حين تكون (12%) لدى البقية. وكل هذه الأمور في التأثير السلبي للتدخين تجعل من الضروري أخذ حملات الإقلاع عن التدخين محمل الجد، بل وتجعلها مسؤولية على عاتق المؤسسات الطبية وخصوصا مؤسسات الخصوبة وعلاج العقم.