يعودون شباباً باعادة عقارب الساعة الى الوراء




يقول علماء ان الشيخوخة هي شيخوخة العقل، وان الانسان الذي يعيش حياة الشباب مهما كان عمره، فان طريقة عيشه هذه ستنعكس بالضرورة على جسمه سواء من حيث مظهره او كفاءته في اداء وظائفه.
وفي هذا الاطار دعمت بي بي سي تجربة اجتماعية طموحة شملت ستة بريطانيين تتراوح اعمارهم بين 76 و88 سنة، بهدف اختبار نظرية البروفسور ايلين لانغر التي طرحتها في السبعينيات من القرن الماضي عندما كانت تعمل في قسم علم النفس في جامعة هارفرد.
في ذلك الوقت، اهتمت لانغر باستكشاف مدى تأثير العقل في الجسم، واخذت تطرح اسئلة عن مدى تأثير نظرة الانسان لنفسه واسلوب حياته في ظهور اعراض الشيخوخة عليه. وفي عام 1979م اجرت مع طلابها ما اسمته تجربة اعادة عقارب الساعة الى الوراء، وتتمثل فكرتها بوضع مجموعة من كبار السن المتطوعين في اجواء عام 1959، على افتراض انه اذا وضع العقل في اجواء تعود الى 20 سنة مضت فان الجسم بالضرورة سيتغير وسيعود الى ذلك الوقت في مظهره ووظائفه.
لم تخبر لانغر المتطوعين بالهدف من التجربة التي بدأتها بنشر اعلان عن الحاجة لرجال في اعمار السبعينيات والثمانينيات ممن يرغبون بقضاء اسبوع ممتع في مكان منعزل يتحدثون فيه عن ذكرياتهم. ومن بين اعداد كبيرة تطوعوا للتجربة، اختارت لانغر 16 منهم، قسمتهم عشوائياً في مجموعتين: تجريبية وضابطة، وقد اخضعت الرجال لاختبارات جسمية وعقلية، ثم وضعت كل مجموعة في مكان مستقل عن الاخرى، والبستهم ثيابا من اواخر الخمسينيات، وعرضت لهم افلاماً من تلك الفترة على شاشة تلفزيون بالأبيض والاسود، وناقشوا روايات صدرت في تلك الفترة واستمعوا الى اغاني اشتهرت فيها، وكان الفرق بين المجموعتين انها طلبت من افراد المجموعة الضابطة التحدث عن ذكرياتهم، في حين طلبت من افراد المجموعة التجريبية التصرف كما لو كانوا يعيشون في عام 1959م أي قبل عشرين سنة من تاريخ التجربة.
بعد اسبوع من التجربة، اعادت لانغر الاختبارات وكانت المفاجأة ان افراد المجموعتين اظهروا تحسناً واضحاً في علاماتهم على اختبارات الذاكرة والذكاء، واظهر افراد المجموعة التجريبية تحسناً كبيراً في حركة المفاصل، وقوة الابصار، واستقامة الجسم والاصابع والمشية والمهارة اليدوية، وعندما طلبت من مختصين الحكم على صور لأفراد المجموعتين قبل التجربة وبعدها، قالوا جميعهم ان افراد المجموعة التجريبية بدوا اصغر سناً بعد انتهاء التجربة، وتبعاً لتفسير لانغر للنتائج، فان العودة بالتفكير الى الوراء، يعيد صحة الجسم ايضاً كما كانت قبل سنين.
في تجربة بي بي سي، وضع الاشخاص الستة لمدة اسبوع في مكان منعزل عاشوا فيه اجواء ما قبل ربع قرن, وجرى مراقبتهم بالكاميرات على مدى 12 ساعة في اليوم، واظهرت النتائج نفس ما اظهرته تجربة لانغر قبل 30 سنة، اذ لوحظ تحسن واضح لدى المتطوعين في الذاكرة والمزاج والقدرة على الحركة والابصار.

جريدة الرأي أبواب