الإبداع، هذه الكلمة الساحرة التي نسمعها ونقولها يومياً، نسمع عن الإبداع في الحياة، في العمل، في الهواية وفي التفكير.


سأتطرق الى الإبداع في العمل، حيث إننا نسمعه يومياً، والكثير من الشركات تحاول أن تخلق جواً من الإبداع في بيئة عملها، وقد ينجح ذلك مثلما حصل في شركة آبل أو يفشل كالكثير من الشركات.


وهذه عشرة خطوات، أشرح من خلالها الإبداع في العمل من وجهة نظري وكيفية دعمه وتحقيقه في تلك البيئة.


1- ماهو الإبداع: بداية يجب عليك معرفة ماهو الإبداع، هل جملة “الإبداع هو الأولوية الأولى لدينا في الشركة” مألوفةً لك؟ هي مايقوله أغلب مدراء الشركات الكبرى منها والصغيرة، وفي الحقيقة أن الكثير منهم لا يعلم المفهوم الحقيقي للإبداع، وعادة ماتستخدم هذه الكلمة في التسويق أيضاً.


الإبداع في العمل في رأيي هو: تطبيق الأفكار المبدعة والخلاقة بحيث تضيف عنصراً جديداً الى المؤسسة مثل الزيادة في الأرباح وتقليل التكاليف واكتشاف أسواق جديدة.


2- الإبداع في العمل جماعي وليس فردي: أستوقفتني مرة جملة ذكرها ستيف جوبس والذي حتى يوم أمس كان المدير التنفيذي لشركة آبل والتي دائماً ما أضرب بها المثل في الإبداع حيث قال “تأتيني يومياً أكثر من ألف فكرة ابداعية أقوم برفضها، والكثير من الأفكار الإبداعية الأخرى التي أوافق عليها، وأنا فخور بالأفكار التي رفضتها بقدر فخري بالأفكار التي وافقت عليها”.


وفي هذه الجملة معنى عظيم، وهو أن الإبداع في العمل جماعي وليس فردي.


نعم نحن نسمع يومياً عن شخص مبدع ولكن في العمل، الفكرة الإبداعية غير كافية بل أنها يجب أن تمر بمراحل مثل مرحلة التقييم، مرحلة تجسيد الفكرة.


فلنضرب مثالاً على ذلك في السيارة، لنفرض أن هناك شخصاً قدم فكرة أبداعية لسيارة يمكن أن تنافس بشكل كبير في السوق، وقام المدير العام للشركة بالموافقة عليها مبدئياً.


هنا يجب أن يصنع نموذجاً للسيارة، ومن ثم يتم تجربته وملاحظة كيفية عملة ومدى جدوته من ناحية الإستخدام والتصميم والقابلية والمنافسة في السوق، وفي كل مرحلة يستلزم الإبداع لنجاحها.


كل الخطوات التي في الأعلى تلتزم عمل أكثر من فريق عليها، إذن الإبداع جماعي والمنتج المبدع هو نتيجة عمل ابداعي جماعي.


3- حدد أهدافك الإبداعية: من حسن الحظ أن هذه الأهداف الإبداعية تأتي منطقية مع الأهداف الإستراتيجية للشركة أو المؤسسة وما ينبغي على الإدارة الى التركيز عليها بشكل أكبر.


فعلى سبيل المثال يمكن أن تكون الأهداف:
- تغيير 15 بالمئة من منتجات الشركة سنوياً وطرح منتجات جديدة.
- أن تكون الشركة رائدة الشركات في السوق من حيث استخدام تكنلوجيا الكمبيوتر في عملياتها.
- أن تحقق الشركة عائداً بمقدار 5 بالمئة سنوياً على الأقل من المنتجات الجديدة.


4- أستثمر في الإبداع: إن كان الإبداع هو الأولوية الأولى لشركتك فيجب عليك الإستثمار بها.


يجب على الإدارة أن تشكل قسماً يحوي فريقاً من المبدعين، وأن توفر لهم كافة الوسائل والأدوات اللازمة لتحقيق هذا الإبداع، وتأكد أن الإبداع عادة مايكون مختلفاً عن العمل اليومي الذي أعتادت الشركة أن تقوم به لذلك قد تشعر أنت كمدير بخطر الفشل.


تأكد أنه إن كان الإستثمار الذي تقوم به في الإبداع قليل فإن اهتمام جميع الموظفين بعنصر الإبداع سيكون أيضاً قليل، والعكس صحيح.


5- أخلق ثقافة الإبداع: ثقافة الإبداع لا تأتي لوحدها، بل يجب على الإدارة أن تخلقها في جو العمل، وأن تضع السياسات والمعايير والوسائل التي تضمن أستمراريتها، فكم من مرة أتى خريج جامعي جديد بفكرة أبداعية وتم الرد عليه بأنه ليست هناك ميزانية لهذه الفكرة؟ أو لا يوجد وقت لتنفيذها؟ وكم من مره قيل له بكل سخرية أنه صغير ولا يمكن أن يكون مبدعاً ولا يملك الخبرة الكافية؟


عجبي! هل أصبح الإبداع خبرة مكتسبة؟


وعلى العكس من ذلك هناك شركات عندما تمر بمثل هذا الموقف فإنها تشكر هذا الخريج على فكرته الإبداعية، وتهتم بها وتشجعه على تقديم مثل هذه الأفكار، وهنا الفرق.


هذا العنصر هو أحد العناصر التي تميز الشركات “الرائدة” من “المنافسة”.


6- النوعية: عندما تقوم كمدير بتشكيل فرقاء العمل في مشروع ما تأكد من أن كل فريق يتكون من أعضاء ذوي خبرات وثقافات مختلفة حيث أن ذلك سيضيف الإبداع الى المشروع، فكل عضو من أعضاء الفريق سيدلو بدلوه من وجهة نظره وعلى حسب الخبرة التي يحملها، وبالتالي فإن النتائج سيكون مزيجاً ابداعياً مميزاً.


7- استخدم أدوات المشاركة: سواء كنت تدير شركة كبيرة أو صغيرة فمن المهم المشاركة في الأفكار، نحن نرى الكثير من الشركات تركز على المشاركة في ادارة المشاريع، المشاركة في المستندات ولكنها لا تركز على المشاركة في الأفكار والتي هي في الحقيقة أحد أهم عناصر المشروع.


لذلك يجب استخدام التكنلوجيا، وكافة الوسائل التي تضمن اتصال الموظفين ببعضهم البعض ومشاركتهم أفكارهم مع الجميع مع اتاحة الفرصة للتعقيب والتحسين.


8- لا مشكله في الخطأ: الكثير من الإبداعات بُنيت على جبال من الأخطاء، وهكذا يتعلم المرء في الحياة، لذلك لا مشكلة أن قمت بعمل خطأ في فكرة ابداعية تود تنفيذها، طالما انك تقوم دائما بتقييم هذه الخطوة وأخذ الإجراء اللازم في حال أثرت الفكرة على ميزانية الشركة أو على الأفراد حيث أنه في هذه الحالة ستقوم بتصحيح الخطأ وتجنب المشاكل والتعلم منها.


والتشجيع أمر ضروري هنا وليس قتل الفكرة، قم بتشجيع فريقك وأصحاب الأفكار الإبداعية، وقم بتقييم خطوات التنفيذ معهم وشاركهم بما تعلمته من هذه الأخطاء.


9- التنفيذ: تنفيذ الأفكار الإبداعية وترجمتها الى واقع هو العنصر الضروري في العملية الإبداعية، الفكرة الإبداعية وحدها لا تكفي، لذلك يجب عليك كمدير شركة أو مؤسسة وضع العمليات والسياسات اللازمة التي تضمن تنفيذ الأفكار الإبداعية الجيدة وذلك لأنه إن قل الإهتمام من الإدارة سيقل اهتمام الأفراد بطرح أفكارهم.


10- التقييم والتحسين: وهي الخطوة الأخيرة، وهي مهمة جداً حيث أن هذه الخطوة ستوفر عليك كمدير وعلى الشركة أو المؤسسة الكثير من الجهد والمال والوقت، حيث يجب عليك تقييم كل خطوة في تنفيذ هذه الفكرة، ورؤية مدى جدوى الإستمرار في تنفيذها، وهذا كله في إطار جماعي مع الفرق المشاركة وبهذه الحالة ستكون النتائج الإيجابية شبه مضمونة.


هذه عشرة خطوات تضمن لك أن يكون الإبداع عملية ونظام في شركتك لا أفكار تسبح في فضاء العقول والأحلام، وتأكد أنك أن أردت أن تكون رائداً وصاحب شركة رائدة فيجب أن تكون مبدعاً لتختلف عن الآخرين.


وفقكم الله