يعمل الدماغ وفق قواعد وقوانين أساسية ، تحكم طبيعة عمله ، وطرقه في التعامل مع المعلومات والمعاني ، ومع التطور الذي حدث في مجال الطب ، والأجهزة الطبية استطاع الإنسان التعرف على بعض حقائق الدماغ .
فقد وجد العلماء أن الدماغ يزن ( 2% ) من وزن جسم الإنسان ، ويستهلك ( 20% ) من وزن طاقته ، ويتكون الدماغ من نصف كرة أيمن وأيسر مرتبطين بألياف عصبية . يعالج كل جانب أموراً مختلفة ، ويمكن استخدام الجانبين معاً . ( عبيدات و أبو السميد ، 2005 م ، ص 11) .
ولقد حصل علماء الأعصاب على مجموعة من الاكتشافات المدهشة حول الدماغ ، والتي يمكن أن تشكل أهمية كبرى للتعليم ، فالدماغ يتكون من ملايين الخلايا العصبية التي تقوم بنقل المعلومات ، وتحليلها ، واستلامها ، وتنسيقها ، وتعتمد قدرة الدماغ على العمل على استخدام خلايا الدماغ أو إثارتها ، فهناك علاقة حقيقية بين تركيبة الدماغ والتعلم ، كل خبرة من الخبرات التعليمية تسبب ارتباطات بين خلايا الدماغ ، والتي تدعى بالاقترانات العصبية ، ومعرفتنا بهذه الارتباطات داخل الدماغ قد تساعدنا لإيجاد حلول لبعض مشاكل العملية التعليمية . ( السليتي ، 2008 م ، ص 139 ) .
مما سبق عرضه يُلاحظ أن الاكتشافات المتلاحقة في طبيعة الدماغ تلقي بمسؤولية وتحدي كبير على رجال التربية والتعليم بوجه عام ، وعلى المهتمين بالمناهج وطرق التدريس بوجه خاص ؛ وذلك من أجل إيجاد مناهج تعمل على تنمية الدماغ ؛ وتزيد من القدرة على استخدامه ، وتوفير طرق التدريس والاستراتيجيات المناسبة لذلك .

v العناصر الأساسية التي تيسر عمل الدماغ
الحياة المدرسية التي تتسم بقلة المعطيات ، والجمود ، والتركيز على تلقي الطالب للمعلومات من المعلم فقط ، تؤثر على نمو دماغ الطلاب وعمله ، مما يزيد من صعوبة تفاعل الطلاب ومشاركتهم في العملية التعليمية .
إن الفحص الدقيق للمناهج الدراسية ، والممارسات الصفية التي يقوم بها المعلم ، والطلاب تكشف عن بعض العوائق التي تقف أمام التغيير ، والتطوير في العملية التعليمية ، وتؤدي بالتالي إلى عدم نجاح برامج ومحاولات التطوير التربوي . ( جروان ، 2007 م ، ص 22-23) .
ولكي ينجح المعلمون في تحقيق أهداف العملية التعليمية فإنهم بحاجة إلى ربط نتائج أبحاث الدماغ مع الأبحاث التي تهتم بحقول المعرفة ؛ ليتم تنويع التطبيقات وطرق التدريس للطلاب ، مما يساعد على الحصول على تطبيقات جديدة وجيدة في عمليتي التعليم والتعلم . ( السليتي ، 2008 م ، ص 21 ) .
ولعل من العناصر الأساسية التي تيسر عمل الدماغ في العملية التعليمية ما يلي ( عبيدات و أبو السميد ، 2005 م ، ص ص 14 – 31 ) :-

1- البيئة الغنية :
هي تلك البيئة التي تعمل على استخدام جميع الحواس ، وتقوم بتزويد الدماغ بمعطيات حسية قوية متنوعة شاملة ، وحتى الآن لم تستثمر هذه الحواس في عمليات التعليم والتعلم . وهذا مما يساعدنا على تفسير صعوبة حفظ المعلومات وتذكرها وبطء نمو الدماغ .
2- خبرات ذات معنى :
إن الخبرة ذات المعنى هي التي ترتبط بحاجات الطلاب وخبراتهم السابقة ، وتكون في سياق حقيقي أو شبه حقيقي ، كما أن هذه الخبرات تستند إلى دراسة مفاهيم وعلاقات وليست دراسة حقائق ، ولكي يشعر الطالب بهذه الخبرة عليه الاندماج في موقف التعلم وأن لا يكون مراقب ومشاهد للأحداث فقط .
3- التعاون :
تعاون الطلاب فيما بينهم أمر مطلوب لنمو الدماغ ؛ لأن ذلك يساعد الطلاب على التعلم ، والتفاعل ، وتبادل الخبرات فيما بينهم .
4- الحركة :
السماح للطلاب بالحركة داخل الفصل من غير إزعاج أو تأثير على العملية التعليمية ، يساعد ذلك على تنشيط أدمغة الطلاب وتحفيزهم أكثر للانتباه إلى الدرس .
5- البدائل والخيارات :
تختلف حاجات الطلاب ، وميولهم ، ورغباتهم عن بعضهم البعض ؛ لذا على المعلم أن يوفر خيارات متعددة كتقديم تعليم جماعي وفردي ، وتقديم خيارات حسية ، ومتنوعة داخل الفصل مما يساعد على إثراء العملية التعليمية .
6- الوقت :
يختلف الوقت اللازم للتعلم باختلاف أدمغة الطلاب ؛ لذا يحتاج الدماغ إلى وقت كافٍ لتأمل المعلومات ، ومعالجتها ، ونقلها إلى الذاكرة طويلة المدى .
7- التغذية الراجعة :
هي ما يقدمه المعلم تعليقاً على سلوك قام به الطالب أو عمل أداءه . وإن الإسراع في تقديم التغذية الراجعة وباستراتيجيات جديدة ومتنوعة ، كل ذلك يساعد على تقليل التوتر والإرباك لدى الطالب ، ومما يعزز بقاء المعلومات في ذاكرته.
8- الإتقان :
الإتقان عادة عقلية يمارسها الدماغ ، وهي تعكس مقدار الثقة بالذات .
9- غياب التهديد :
إن التعليم الممتلئ بالتهديد والمخاوف يقتل الإبداع لدى الطلاب ، كما أنه يؤدي إلى قتل الخلايا الدماغية المرتبطة بالذاكرة .
مما سبق عرضه يظهر مدى أهمية معرفة المعلم بأهمية العناصر التي تيسر عمل الدماغ ؛ لأن ذلك يساعد المعلم على تحديد الإستراتيجية المناسبة لطلابه ، والتي تجعلهم يقبلون على عملية التعليم والتعلم ، ويكون دورهم فيها دور نشط إيجابي ، وليس دور متلقي سلبي فقط .

v كيفية توظيف أبحاث الدماغ في التعليم
نشاط العقل البشري يُعتبر مسرحاً مهماً وأساسياً لبحوث ، ودراسات علماء النفس والتربية ، مهما كانت المدارس التي ينتمون إليها ، ويأتي هذا الاهتمام من قبل العلماء بهدف معرفة ماهية العقل البشري ، ومكوناته ، والطريقة ، أو الطرق التي يعمل وفقها ، بهدف توظيف ذلك كله في خدمة العملية التعليمية ، والقضاء على بعض مشاكلها وصعوباتها . ( الطريري ، 1420 هـ ، ص 12 ) .
إن التطور الذي يشهده الطب في هذا القرن ، واستخدامه لأساليب وتقنيات حديثة في الكشف على الجنين في رحم الأم ، وظهور اهتمام بمراحل النمو للطفل ، ورصد التغيرات التي تحدث أثناء هذه المرحلة ، أظهر نوعية جديدة من الأبحاث العلمية لتفعيل الأبحاث الخاصة بالدماغ لخدمة العملية التعليمية ، والأبحاث العلمية مستمرة في كشف حقائق الدماغ ، ودراسة كيفية توظيف ذلك في خدمة عملية التعليم ، ولذلك فنحن بحاجة إلى تواصل معرفي مع كل ما هو جديد في مجال هذه الدراسات ؛ لتطوير أدائنا التعليمي ، وبلوغ التعلم الطبيعي الذي ينسجم مع حقائق الدماغ وفطرة الإنسان . ( الديب ، 2005 م ، ص 31 ) .
إن البحث المبني على ربط علم الدماغ مع علم النفس المعرفي يقودنا إلى تطبيقات تحسن عمليات التعلم والتفكير ، وتزيد من إنتاجية الطلاب . ( العشاوي ، 2008 م ، ص 92 ) .
في الستينات من القرن العشرين ؛ قام البروفيسور " روجر سبيري " – الحاصل على جائزة نوبل – و البروفيسور " روبرت أونستين " بإجراء عدة اختبارات متنوعة خاصة بالوظائف الذهنية على بعض الطلبة ، وقاما بقياس موجات المخ عند ممارسة الطلبة لبعض الأنشطة الذهنية مثل : الحساب ، والقراءة ، والرسم ، وتلوين الأشكال ، وأحلام اليقظة . وجاءت النتائج على هيئة كشف مثير ؛ حيث قام الدماغ – بصفة عامة – بتقسيم الوظائف إلى فئتين أساسيتين ، هما : الفئة اليمنى ، والفئة اليسرى . وهو ما يعرف بنصفي الدماغ . ( بوزان ، 2006 م ( د ) ، ص 45 - 46 ) .
إن التوصل إلى نظريات كثيرة عن وظائف الدماغ واحتياجاته ، وأولوياته ، وأهدافه ، جعلت من المهم أن يكون المقرر المدرسي مبنياً على أبحاث الدماغ ، والطريقة التي يعمل بها . وأن يكون الاهتمام بطرق عمل الذاكرة ، وتدوين الملاحظات ، ومهارات المذاكرة ، واستخدام المصادر والتغذية الراجعة . وإكساب الطلاب مهارات الإلمام بالمعلومات كأساسيات التعلم الحديث ، طرق البحث ، شبكة الإنترنت ، استخراج المعلومات ، وتحليلها ، ونقدها ، وتقديمها ، وتنظيمها . و البشر يتميزون عن غيرهم من المخلوقات بأن لهم القدرة على التفكير العقلاني ، والرياضيات من المواد التي تهتم بتنمية قدرة الفرد على التفكير وإعداده للحياة ، لذا على مقرر الرياضيات أن يركز على القضايا التالية ( جينسن ، 2007 م ، ص 364- 368 ): -
1 - الأعداد كلغة عالمية .
2-أنواع فروع الرياضيات .
3-أسلوب حل المشكلات .
4-تطبيقات الرياضيات في العمل .
5-مشاهير وعلماء الرياضيات .
والمؤلف يرى أنه على المقررات الدراسية أن تواكب هذا التطور ، وتهتم بهذه الأبحاث ، وأن تأخذ بنتائجها ، وتسعى لتطبيقها ؛ لأن ذلك قد يقود إلى إيجاد حلول لبعض مشاكل العملية التعليمية ، ويساعد على زيادة إنتاجيتها.