عند التحقيق في قوة خلية العقل البشري ؛يجدر بنا بداية ان نحلل قدرة عقل حشرة مثل النحلة .لماذا ؟لانها- لدهشتنا –(هي وغيرها من الحيوانات الاليفة بما في ذلك الحيوانات المنزلية المعروفة مثل سمك الزينة الذهبي والارانب والكلاب والقطط) تملك نفس الشريحة الحيوية الفائقة التي تملكها انت .ولعل هذا هو سر التواصل القوي الذي يشعر به الكثيرون مع حيواناتهم المنزلية ,ذلك ان كلا منهم ينظر الى الاخر ,وهم يملكون عقولا قائمة على نفس وحدة البناء الاساسية .


وكما هو الحال بالنسبة لعقولنا , فقد اكتشفنا بان عقول الحيوانات اكثر تعقيدا وقوة مما كنا نعتقد سابقا وان مملكة الحيوانات تضم عددا من العبقريات تفوق ماكنا نتصوره
ان كان عقل النحلة الضئيل متناهي الصغر يحوي بعض شرائح الحاسب الحيوية التي تشبه الشرائح التي نملكها نحن البشر ؛فيمكننا ان نحصل على صورة بالغة الوضوح عن مدى قوة هذه الشريحة بتحليل القدرة العقلية لهذه الحشرة الصغيرة .كم يبلغ عدد خلايا العقل التي تمكن النحلة من "اصدار" كل هذه السلوكيات ؟ ليس بضعة ملايين كما يتوقع الكثيرون وانما بضعة الاف فقط .

لنفرض مثلا ان النحلة تملك 10000خلية عقلية ؛دعنا نقارن بين هذا الرقم كنسبة مئوية بعدد الخلايا التي نملكها نحن
عدد خلايا عقل النحلة 10000
عدد خلايا عقل الانسان 1000.000.000.000
النسبة المئوية لعدد خلايا عقل النحل مقارنة بعدد
خلايا عقل الانسان 1/100.000.000
يساوي 0.000001 بالمئة
ببضع الاف من الخلايا العقلية أي بنسبة 100الى مليون مقابل حجم الخلايا البشرية ,ماالذي يمكن ان تفعله النحلة ؟


لعبة النحلة
ماالذي يمكن ان تفعله النحلة ؟
ببضعة الاف من الخلايا العقلية ؛تستطيع النحلة ان :
1- تعتبر النحلة واحدة من اعظم مهندسي المعمار في عالم الحشرات ؛فهي تبني اكثر البيوت تعقيدا وصعوبة وارتفاعا وهي البيوت التي تتسع لتؤوي مجتمعات كاملة .
2- تعتني النحلة بصغارها .
3- تجمع اللقاح والمعلومات .
4-يتواصل النحل مع بعضه البعض عن طريق الحركة والصوت والهيئة .ويستطيع ان ينقل لبعضه البعض معلومات بالغة التعقيد والصعوبة عن اماكن النباتات وأنواع الزهور
5تستطيع النحلة الحاسبة أن تحدد مكان أهدافها المختارة من خلال تذكر عدد الأشياء أوالعلامات المميزة التي مرت بها في رحلتها للهدف.
6- الرقص:عندما تعود النحلة إلى خلية النحل تؤدي رقصة معقدة لتحدد لزملائهاالمعلومات الخاصة بإكتشافهاالجديد وطريقة الطيران أو الوصول إلى هذا المكان.
7- تميزالنحل الآخر من بعضه البعض.

8- تتناول الطعام.
9- تحارب:ليس هذا فقط وإنما تحارب بضراوة و تركيز وسرعة وتناسق مع باقي النحل ممايجعل أعظم أفلام الكاراتيه تبدو رتيبة ومثيرة للشفقة مقارنة بحركاتها.
10- تطير:فقط تخيل العمل الذي تؤديه هذه الخلايا الألف في إنجاز هذا الهدف الصعب!
11- تسمع:تماما مثلنا.
12- تتعلم:أنظر النقطة4و5.
13- تعيش في مجتمع منظم وتؤدي وظيفتها بمنتهى الدقة (قارن هذا بمستوى أدائنا نحن البشر!).
14- تتخذ قرارات.يمكن أن تتخذ النحلة قرارا بتغيير درجة حرارة الخلية ،ونقل أو عدم نقل المعلومات ،والهجوم و الهجرة.
15- تبحر فوق أشياء متناهية الصغر. إن النحلة تماثل أكثر الطائرات تعقيدا وتطورا ،تصور محاولتها للهبوط(وهو ما تفعله النحلة بالفعل) فوق ورقة متطايرة وسط العواصف العاتية.
16- تنتج العسل.


17- تضبط درجة الحرارة:عندما تصبح الخلية شديدة السخونة،تعمل مجموعة من النحل بشكل متناسق "لإعادة ضبط"درجة حرارة الخلية حتى عشر الدرجة المئوية بواسطة أجنحتها التي تستخدمها كمروحة عملاقة تضرب بها الهواء البارد في الخلية إلى أن تصل إلى درجة الحرارة المطلوبة.
18- تتذكر:لاتستطيع النحلة أن تحسب وتتواصل و تواصل بقاءها إن لم تكن قادرة على التذكر!
19- تتكاثر.
20- ترى:بما في ذلك الأشعة فوق البنفسجية.
21- تشم.
22- تحتشد:في تجمعات هائلة يفوق عددها تجمع الطائرات المقاتلة.
23- تتذوق.
24- تفكر.
25- تلمس.
إكتشفت الأبحاث التي أجريت مؤخرا في علم الحشرات أن إحدى خلايا عقل النحلة تقرر بشكل عشوائي إلى حد كبير أن تصبح"إمبراطورة خلية العقل". بالرغم من أن هذه الخلية لاتختلف من حيث التركيب و الشكل عن باقي خلايا العقل ،إلا أنها ببساطة هي التي تقرر أن تتولى مهام هذا المنصب و أن تقوم بمراقبة و توجيه النظام كله. لذا تكون هذه الخلية الوحيدة هي المسؤلة بالفعل عن ضبط كل الأنشطة التي يقوم بها عقل هذه الحشرة المذهلة!


إن كانت النحلة تستطيع أن تقوم بكل هذا بواسطة بضعة آلاف من الخلايا العقلية،فهل وصلنا نحن إلى أقصى ما يمكن أن تقدمه لنا خلايانا العقلية التي تقدر بملايين الملايين كلا،على الأرجح!
إن كنت أيها القارىء مدرسا أو أبا أوتتعامل بأي شكل من الأشكال مع الأطفال ،فإن لعبة النحلة تعتبر لعبة رائعة يمكنك أن تمارسها مع الأطفال، عندما يدرك الطفل مدى كفاءة الخلية الواحدة وعندما يدرك مدى عظمة الإنجازات التي تقوم بها النحلة الصغيرة، سوف يشعر بالفخر بنفسه و بالطبيعة التي حباه الله بها ،و سوف يكتسب المزيد من التقدير و الإعتزاز بالذات.
الكاتب: توني بوزان
الكتاب : العقل القوي
الطبعة : الطبعة الأولى 2006 مكتبة جرير
الصفحة : من 60 الى 65