الخصائص العامة للتفكير الإنساني

يتميز التفكير الإنساني بصورة عامة بالخصائص التالية:

1) التفكير واللغة يؤلفان وحدة معقدة لا تنفصم. فاللغة واسطة التعبير عن التفكير بل هي الواقع المباشر له وهي تضفي عليه طابعاً تعميمياً. فمهما يكن الموضوع الذي يفكر فيه الإنسان ومهما تكن المسألة التي يعمل لحلها فانه يفكر دوماً بوساطة اللغة أي انه يفكر بشكل معمم. وقد أشار بافلوف إلى العلاقة بين اللغة والتفكير حين عرف الكلمة بأنها إشارة متميزة من اشارات الواقع ومؤشر خاص يحمل طابعاً تعميمياً، كما كتب عن الاشارات الكلامية قائلاً (إنها تعد تجريداً للواقع وتسمح بالتعميم).

2) يتسم التفكير بالإشكالية: أي أن التفكير يتخذ من المشكلات موضوعاً له؛ ولهذا يختصر العلاقات وكيفية انتظامها في حالة مشخصة أو في أية ظاهرة تؤلف موضوع المعرفة أو يبدأ التقصي عادة بالاستجابة إلى الإشارة الكلامية، ويعد السؤال الذي تبدأ به عملية التفكير هو تلك الإشارة ففي السؤال تصاغ مسألة التفكير، والسؤال هو اكثر الأشكال التي تبرهن على وحدة التفكير واللغة، وما التفكير سوى مسألة محددة صيغت في قالب سؤال. والبحث عن اجابة السؤال المطروح يكسب عملية التفكير طابعاً منظماً وهادفاً.

3) يعد التفكير محوراً لكل نشاط عقلي يقوم به الإنسان وهذا ما يميز الناحية الكيفية - العملية الذهنية حتى عند طفل في الثانية من عمره، إذ ما يزال يتعلم اللغة - عن الاشكال البدائية للتحليل والتركيب التي تتمكن الحيوانات الراقية من القيام بها.

4) تقوم عملية التفكير على أساس الخبرة التي جمعها الإنسان وعلى أساس ما يحمله من تصورات ومفاهيم وقدرات وطرائق في النشاط العقلي مما يشير إلى العلاقة الوثيقة بين الذاكرة والتفكير من جهة والى العلاقة بين التفكير والمعارف من جهة أخرى.

5) للتفكير مستويات عديدة فقد يتحقق في مستوى الأفعال العملية أو في مستوى استخدام التصورات أو الكلمات أي على شكل مخطط داخلي ويشتمل التفكير على عدد من العمليات التي تتصدى لمعالجة المعلومات بطرائق متنوعة مثل (التركيب، التحليل، التصنيف، المقارنة، التجريد، التعميم... الخ) ولكي يتمكن الإنسان بوساطتها من حل المسائل المختلفة التي يواجهها نظرية كانت أم عملية، عليه أن يوظف المنظومة الكاملة لهذه العمليات تبعاً لشروط ولدرجة استيعابه لها.

6) التفكير لا ينفصل عن طبيعة الشخصية أي أن التفكير ليس عملية مستقلة وإنما هو عنصر هام من مكونات الشخصية يعمل في إطار منظومتها الديناميكية. ولا وجود له خارج هذا الإطار.

الخصائص الفردية المميزة للتفكير

إن الملاحظة اليومية لسلوك الناس من حولنا وخاصة في التعليم تشير إلى مدى اختلافهم في خصائص تفكيرهم فبعضهم يتميز بسرعة التفكير وأصالته ومرونته وعمقه وبعضهم الآخر يتميز ببطء التفكير وعدم القدرة على تجاوز الاطر والقوالب التي حفظها وبالتالي يعجز عن إدراك العلاقات الجوهرية في ظواهر متشابهة مع إنها ترتبط فيما بينها بعلاقات مشتركة. إذن هناك خصائص كثيرة للتفكير تتعلق بالفروق الفردية بين الناس سنكتفي بذكر أهمها:

1) الأصالة:

إن الأصالة في التفكير تتجلى اكثر ما تتجلى في القدرة على رؤية المشكلة وتحديدها وطرحها على شكل مسألة والقدرة على إيجاد حل ملائم وجديد ومبتكر لها اعتماداً على قواه، وقد أشار جيلفورد إلى أن أصالة التفكير تعني إنتاج ما هو غير مألوف، ما هو بعيد المدى، ما هو ذكي وحاذق من الاستجابات(1).

2) المرونة:

مرونة التفكير تعني القدرة على إجراء تغيير من نوع ما: تغيير في المعنى أو التفسير أو الاستعمال أو فهم المسألة أو استراتيجية العمل أو تغيير في اتجاه التفكير بحيث يؤدي هذا التغيير إلى العثور على الحل الملائم لشروط المسألة موضوع التفكير. وقد ميز جيلفورد نوعين من المرونة في التفكير: المرونة التلقائية Flexifility spenleneous، والمرونة التكيفية Adaptire blexifility.

3) السرعة (الطلاقة):

تبدو السرعة في التفكير لازمة عندما يكون من الضروري اتخاذ قرارات هامة خلال وقت قصير جداً أثناء الحروب والكوارث، والمفاجآت المختلفة والمواقف المشكلة التي تتطلب حلولاً عاجلة وبسرعة خاطفة وهذه الحالة غالباً ما يواجهها التلميذ - المتعلم في الصف وخارجه كما إن هذه المواقف هي التي يتعامل معها عمال مراكز التوجيه ولوحات التحكم وقادة وسائط النقل الاسرع من الصوت... الخ. وتتأثر السرعة في التفكير بعوامل عديدة وبالعوامل الانفعالية بشكل خاص لكن تأثير الانفعالات والتوتر والقلق متفاوت للغاية، فقد تؤدي إلى نتائج سلبية تعيق جريان التفكير وتكون سبباً في بطئه وضعف نتاجه وقد تنشطه وتزيد من مردوده.

إن العلامة المميزة لأي تفكير - بغض النظر عن خصائصه الفردية - هي القدرة على تمييز ما هو جوهري والتوصل إلى تعميمات جديدة. فالتفكير لا يقف عند تقرير وجود هذه الظاهرة أو تلك مهما كانت براقة وممتعة وجديدة ومفاجئة.