• الإعتمادية: التكافل والترابط وتقديم المعونة وقبولها ليس عيبا بل هو ما حثنا عليه ديننا أما الإعتماد المرضي على الآخرين في كل شئ حتى في التفكير، يعطل العقل تماما عن عملية التفكير، فهو يريد شخصا ما أن يخرج عقله من رأسه ليضع فيه الأفكار ولن يمانع، فالمسألة لا تكمن في الرفض ولكن في أن تخرج المبادرة ثم المتابعة من شخص آخر ويكتفي الإنسان بأنه يجلس متلقيا سلبيا يفتح رأسه لمن يصله أولا.



  • الإحباط: كثيرا ما يبدأ الإنسان في التفاعل مع بيئته والمحيطين به ويسلك دربا صحيحا وفجأة يتلقى صدمات تجره إلى القاع وكأن شيئا لم يكن. الشعور بالإحباط في نظري كأنك ربط حجرا ثقيلا جدا بإنسان وألقيته في عمق البحر، وهذا هو المجهود الذي يحتاجه الإنسان المحبط كي يتخلص من إحباطه ويفكر بشكل سوي. وقطع الحبل الذي يربطه بهذا الحجر الثقيل إنما يفعله الشعور بالحماس، وهذا الشعور يبدأ حين يصبح للإنسان هدف يحبه وينتظره وفي متناول يده. فعند وجود الهدف تتولد الأفكار ويتحمس لها الإنسان وتبدأ مشاعر الإحباط في التقلص أمام الهدف الكبير حتى تزول.



  • فقد الإهتمام: إذا فقدت الإهتمام بشئ فإنك لن تفكر فيه أبدا وعند السؤال سترد بأول ما يتبادر في ذهنك، فهناك من تسأله عن مشكلة تواجهها ولكن لأنه ليس مهتما بك وبسؤالك يقول لك أي شئ ليصرفك، أما إذا سألت آخر وجدته يحاول معك ويمر بكل الحلول ويشجعك على إيجاد ما يناسبك ولو لم يكن يعرفه وربما مناقشته قد تساعدك على إيجاد الحل بنفسك. هذا بالنسبة للإهتمام بشئ ما. ولكن تخيل إنسان فقد إهتمامه بكل شئ إلا نفسه وغرائزه أو أطماعه ماذا ستجني منه؟


الصفات العدوانية

تشترك هذه الصفات في أنها تجذب عينك لشئ واحد فلا ترى غيره مهما كان واضحا

التعصب: لما تتبناه / الطمع: لما تريده / الكبر والغرور: لنفسك


  • التعصب: التعصب يلغي العالم بما فيه ولا يضع أمام عقلك إلا ما تتعصب من أجله لذا فإنه يلغي عملية التفكير السوي. وقد تكون الحقيقة واضحة لغالبية المحيطين وبشكل شديد المنطقية ولكن الإنسان المتعصب لا يدرك نهائيا أنه مثير للسخرية، أو أنه يضيع قضيته بهذا التشنج ... وما إلى ذلك، ولكنه لا يستطيع أن يُخرج نفسه من المنظار الضيق جدا الذي يرى به الأمور ليضع نفسه خارج المضمار وينظر لأفعاله بحيادية فيراها على حقيقتها. فالتعصب مرفوض في مجالات كثيرة، ألا يقولون أن الحب أعمى، أليست المذهبية تعصب، والمساندة الشرسة لفريق رياضي كذلك، حتى في العلم فإنك لن تستطيع أن تصبح عالما محترما لو تعصبت لنتائج محددة وأغفلت أن الحقيقة قد تخالف ما تُصر عليه، وفي القضاء، لو أن القاضي تعصب لأن شكل المتهم لا يعجبه فإنه سيغفل عن أي أدلة تبرئ المتهم وربما حكم عليه ظلما، وفي الحياة قد تقابل شخصيات وتتهمها بدون أدلة بسبب القيل والقال فتؤذي الناس بدون وجه حق.



  • الطمع: أنت تريد شيئا بشدة فتلغي شراهتك لها عقلك وتبحث عن ما تريد بأي وسيلة حتى تستمتع بلحظة حصولك على ما تريد دون أن تستطيع أن تخطط بشكل سوي وعلى المدى الطويل. فهناك من يريد المال ويريد رغد العيش والمتعة ولكنه لا يبحث عنها من مصادرها الشرعية وبذلك قد كتب على نفسه ضياع حاجته حتى لو استطاع أن يفلت بها أياما قليلة، لأن الله هو الرزاق الذي يملك ويمنح، ومن غير المنطقي أن تعصيه لتحصل على ما لن تأخذه إلا منه، ولكن المنطقي أن تطيعه في كل شئ ولو كنت تحسب أن طاعته ضد مصلحتك بأن تمتنع عن مال حرام أو أن تتاجر بما يرضي الله وفيما يرضيه، فرضا الله ليس بالصلاة والصيام والحج بأموال الله أعلم بها من أين جاءت، ولكن عبادة الله التي ترضيه هي أن تحيا في كل لحظة بشرائعه وعلى طاعته وحبه تعمل بإحسان وتعطي كل ذي حق حقه وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتساند الضعيف وترفع الظلم وهكذا يؤتيك الله بأجر الدنيا والآخرة.


الكبر والغرور: هذه الصفات تجعل بؤرة إهتمام الإنسان بنفسه فقط حتى أنه يرى الناس صغارا بجانبه وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "الكبر بطر الحق وغمط الناس"، لذا فإن الكبر يجعلك سطحيا لا تستطيع أن تأخذ من الآخرين حتى ولو قالوا الحق لأنك ترى أنك أكبر من ذلك، لذا دائما ما تجد المتكبر والمغرور هو في الواقع أحط الناس لأن الإنسان يتعلم حتى يموت فكل يوم يأتي بجديد فإذا كبر في السن فأن مصدر المعلومات سيكون لمن أصغر منه في السن فإذا تكبر عن أخذ المعلومة منهم فسيصبح جاهلا بها وسينقص. فإذا إستطاع الإنسان أن يتحرر من قيود كبره ويأخذ من الناس على أي شكل فسيصبح أعلمهم ولكن بمجرد أن يقطع الشعر ما بين الثقة بالنفس والكبر فقد صار أحطهم.

وأسوأ الناس من تجتمع فيه بعض هذه الصفات أو كلها مجتمعة
وقد توصلت إلى أنه من الأفضل عدم مجادلة هؤلاء أو الدخول معهم في مهاترات لأن التدخل المباشر يجذبك إلى النزول للمستوى الردئ الذي يتحاورون به أو بالأحرى يتجادلون به وستضطر للإنسحاب إن آجلا أو عاجلا لأنك لن تستطيع أن تقنع إنسان لا يريد الإقتناع إنما تقنع بالمنطق من يستمع إليك ويفكر فيما تقول.

من يتصف بعمق الفكر أو الحكمة يجب أيضا أن يعرف متى يفكر ومتى يأخذ الموضوعات كما هي ومتى يمتنع عن التصريح بفكره ويتخذ حلولا وسطية درأَ للمفاسد.
أما علاج السطحية فهو بأن يواجه الإنسان نفسه بحقيقة ما يقيد حريته في التنقل من فكر إلى آخر مخالف له وعدم إستطاعته قبول الآخر ويبدأ في التعامل مع الصفات التي تعيقه الواحدة تلو الأخرى. فالإنسان الذي يتحلى بعمق الفكر أو الحكمة يستطيع أن يسمع من الجميع ولا ينفعل بما يسمعه بل يفكر فيما يقال ويضع نفسه مكان الآخر ليتعرف على الزاوية التي ينظر الآخر من خلالها فيكتشف المنطق الذي يمكن به إقناع من أمامه أو قد يكتشف أن رأيه كان فيه خطأ فيعدله.

كم من القضايا الحياة اليومية ليس فيها نعم أو لا وليس فيها خطأ وصواب ولكن بين طرفي النقيض الكثير والكثير من المساحات التي يمكن أن تجمعنا ببعض التسامح.