عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
القيادة الملهمة : التفكير خارج الصندوق
القيادة الملهمة : التفكير خارج الصندوق
الإلهام عنصر أساسي في معادلة النجاح و بخلف كل مؤسسة مبدعة قائداً ملهماً .. و لما كان الإلهام هبة لأشخاص دون غيرهم و أيضا قدرة خاصة لهؤلاء الأشخاص أن يبثوا روح الإلهام لمن يعملون معهم ، فلا أقل من أن نضعهم تحت دائرة الضوء اليوم .. فدعنا نتجاذب أطراف الحديث حول القائد الملهم .. و اسمح لي أن أبدأ
صاحب رسالة .. له رؤية واضحة لما يريد تنفيذه .. رسالته متمكنه من وجدانه ، صاحب همّة عالية و عزيمة من حديد ، يختار فريقه بعناية ممن يتوسم فيهم العمل الجاد .. و لا يضره أن يبدأ رحلة البحث من جديد حتى يجد ضالته .. و ليس هناك أبلغ من وصفه بكلمات الشيخ محمد الغزالي :
الرجل صاحب الرسالة يعيش لفكرته و يعيش في فكرته فحياته فكرة مجسمة تتحرك بين الناس ، تحاول أبدا أن تفرض على الدنيا نفسها و أن تغرس في حاضر الإنسانية جذرها ليمتد على مر الأيام و الليالي فروعا متشابكة تظلل المستقبل و تتغلغل فيه .
عندما يعيش القائد هذا المعني فسوف يغرسه في فريقه بشكل يليق برسالته .
قيمه واضحة .. فالمؤسس الناجح يجب أن تتزامن و تنسجم قيمه مع أهدافه و التي ينقلها بدوره إلى فريقه ، لا بل يُأصلها بقلوبهم حتى تنبض بها فتكون بمثابة مُحفز ذاتي لهم فيعمل كل فرد فيهم قُدما على تحقيق تلك الأهداف غير عابيء بما يبذله من مجهود و ما يستهلكه من وقت .
القيادة هي القدرة على ترسيخ القيم و إدارة مناخ مبدع حيث يتم تحفيز الأفراد ذاتيا لإنجاز الأهداف طويلة الأجل في بيئة يسود فيها الإحترام المتبادل الذي يتوافق مع القيم الشخصية .. روي ديزني .
مُبـــادِر .. جريء في أفكاره و لديه روح المغامرة ، يتحمل المسئولية و نتيجة قراراته و لا يهرب منها ، يصنع الفرصة لا يقتنصها ، إيجابي و يستطيع التأثير في الآخرين .. و عنده مَلَكة الإقناع .
قدرته كبيرة على التخطيط الناجح .. فهو يجيد الإجابة على التساؤلات الدائمة أين نحن ؟ و أين نريد أن نذهب ؟ و كيف نفعل ذلك ؟ و ليس هذا فقط بل هو على دراية كاملة بإمكانيات كل فرد من أفراد الفريق فتأتي المهمة المسندة لكل منهم مناسبة تماما لقدراته و من ثَم تُنَفذ على أفضل ما يكون .. يهتم كثيرا بالخطط طويلة الأجل .
يتمتع بخيال خصب .. كسِمَة المبدعين لا ينظر للأشياء نظرة الشخص العادي ، و إنما يراها بشكل مختلف .. لا يميل إلى الحلول العادية حتى و إن كانت تفي بالغرض و إنما يتطلع دائما للحلول المبدعة البسيطة .
يمتلك ترمومتر حساس .. أو دعني أقول ترمومترين داخلي و خارجي .. مهلاً سأوضح لك الفكرة .. أما الترومتر الداخلي فيقيس به مقدار تطور ذاته ، ماذا يحتاج ليتعلم و كيف يفعل ذلك ؟ و يحاسب نفسه دائما هل ثمة تقصير ما ؟ و كيف يمكن تداركه .. يتمتع بقدر من السلام الداخلي أن يعترف بأخطائه و من الشجاعة أن يصححها ، في أوقات اضطرابه لا يجر فريقه معه في قرارات غير متزنة و إنما يُفوض آخرين - ممن يختارهم - حتى يعود لاتزانه و يُكمل المسيرة .
و أما الترمومتر الخارجي يرتبط مؤشره بآداء أفراد فريقه .. هل مستوى الآداء لفرد ما انخفض أو ارتفع ؟ و ما الأسباب المؤدية لذلك ؟ متى و كيف يُحفز هذا الفرد و متى يدعمه - معنويا أو علميا - ؟ متي يعاقب إن كان ذلك نتيجة إهمال أو كسل ؟ مع مراعاة أقصر الطرق و أكثرها تأثير في العقاب و التحفيز لكل فرد منهم .
أهمية تلك الترمومترات كبيرة جدا فهي تقي الفريق ككل من انخفاض المستوى و من السقوط المفاجيء ، و أيضا حتى يعلم متى يقوم بخطوة التطوير التالية و هل الفريق على استعداد لها أم لا .. فكما تعرف أن الإبداع يحتاج إلى تطوير دائم .. فالإبداع لا نهاية له .
كثير من الحرية ، قليل من الديكتاتورية .. فهو يترك مساحة كبيرة من الحرية لتنفيذ المهام ، فيكتفي مثلا بتسمية مهمة ما أما طريقة التنفيذ فيتركها لإبداع العضو صاحب المهمة ، يستمع إلى الأفكار كاملة فيُثني على الجيد منها بل و ينفذها ، و يصحح الأخرى ، يقوم بعمل جلسات حوار مع فريقه من وقت لآخر بعيدا عن الإجتماعات الرسمية لتكون هناك قنوات الحوار مفتوحة دائما بينهم و بينه .
أما عن الدكتاتورية - و إن كنت لا أحبها - و لكن أعترف أنها تكون ضروية في بعض الأوقات خاصة تلك التي يكثر فيها الجدال و لا تثمر المناقشات عن شيء سوى مضيعة الوقت .. و لكن القائد الملهم يعلم جيدا متى يستخدمها .
الأقرب للجميع .. مراعاة الجانب الإنساني للفريق لا يقل أهمية أبداً عن مراعاة مهاراتهم ، فنحن البشر لسنا على نفس الحال في كل الأوقات ، و العامل النفسي من أكثر المحفزات أو المثبطات للفرد منا ، القائد الملهم هو بمثابة الصديق لفريقه ، فلا تجد منهم من يستشعر حرجا أن يبوح له بمكنوناته ، حتى يصير هو الأقرب لكلٍ منهم .. و يعمل أيضاً على تقريبهم من بعضهم البعض .
يَعلم و يُعلِّم معنى إنكار الذات .. الفكرة الرئيسية في فرق العمل هو الالتفاف حول هدف واحد يعمل الجميع على الوصول إليه و ما بين لحظة الانطلاق و لحظة الوصول الكثير من العمل و الجهود الفردية و الجماعية و لكن في النهاية يُنسب الناتج النهائي للفريق ككل ، تأصيل مبدأ إنكار الذات في أعضاء الفريق ليس بالأمر السهل ، و هنا تبرز روح التضحية للقائد حيث أنه لزاما عليه أن يفعل ذلك أولاً .. فعندما تنصهر الجهود في بوتقة واحدة و يُنسب النجاح للجميع و يكون الجميع على قلب واحد .. و بقلب كل منهم يسكن الجميع فيتحركون ككيان مستقل متعدد القدرات و المهارات .. و هذا هو المعنى الحقيقي لإنكار الذات و هو المبتغى من فرق العمل .
إعادة التنظيم في الوقت المناسب .. عندما يكون الأفراد الذين ينتظرون أكثر من الذين يشاركون في اللعبة يجب أن تشك في كفاءة المدرب ، فليس معنى أن نِتاج عمل الفريق يُنسب للجميع أن يكون هذا مدعاة للكسل لبعض أفراده ، حيث يتشارك النجاح معهم و لا يشارك في العمل ! وَجَب هنا على القائد إعادة التنظيم و التخلص من غير الأكفاء ، لما سوف يسببونه من ضرر نفسي لأفراد الفريق على المدى القريب و الضرر بالمصلحة العامة للفريق على المدى البعيد .. و تحضرني هنا مقولة ستيف جوبز :
يشعر المرء بالألم عندما يكون لديه موظفين ليسوا الأفضل في العالم و ينبغي عليه التخلص منهم .
و رغم ذلك أؤمن أن وظيفتي في هذا الصدد كانت هي تماما ما يلي : التخلص من بعض الموظفين الذين لم يصلوا للمستوى المطلوب ، و هو الأمر الذي حاولت دوما أن أقوم به بصورة انسانية . و لكن مع ذلك كان يتعين عليّ القيام بهذه المهمة ، و لم تكن أبدا مهمة لطيفة !
يهتم بأدق التفاصيل .. فاكتمال العمل النهائي من أول أولوياته .
لا يسكن البرج العاجي .. و بالمعنى الدارج يده بيد فريقه .. فيساعد من يحتاج في إتمام مهمته بل و يوكل لنفسه مهام كفرد عادى مثلهم و لا يكتفي فقط بالتنظير و المتابعة من بعيد .
قائد يُدرب قادة .. بجانب خطط التطوير المنفصلة لتطوير آداء كل فرد في الفريق على حده و الخطط العامة للإرتقاء بمستوى الفريق ككل ، يعمل القائد الملهم على إخراج قادة أكفاء يرتقون لمستواه ، فهو لا ينس أبدا أنه صاحب رسالة و يريد أن تصل رسالته للدنيا حتى من بعده .
إذا وقعت تحت الحافلة، من سيخلفك ؟ .. مهمتي هي جعل كامل الفريق التنفيذي جيد بما يكفي ليكونوا خلفاء ، هذا ما أحاول القيام به . ستيف جوبز .
فريق مُلهَم .. فالتتصور معي فريق يحظى بكل هذا الإهتمام ، الإعداد و التحفيز فماذا ستكون جودة العمل النهائي ! بالتأكيد عملاً مبدعاً .. يتحول العمل فيما بعد لأفراد هذا الفريق إلى مُتعة حيث يُتوق كل منهم إلى المهمة التي سوف يقوم بها .. يعمل بسعادة .. فقد أبقى القائد على فريقه مشاركين و مطلعين في العملية الإبداعية و جزءا لا يتجزأ من المؤسسة .
القائد و فريقه هنا ليسوا بلا عيوب ، و لكن عندما تذوب الفوارق و تنصهر الجهود و تتوحد القلوب فلا تُرى العيوب ، و يركز الجميع فقط على الهدف المنشود.
life is either bold adventure or nothing at all
المفضلات