.عندما يبدأ الإنـسـان الثـقة في ربـه ، ويكون بداخله يقينا تاما بأن الله سبحانه وتعالى لن يضيـعه وأنه يـراه ويُراقبه ، فيبدأ العمل يومه براحة نفسية واستقرار اسري واجتماعي ، بسبب تلك الثـقة التي بينه وبين خالقه ، فعليه بعدها أن لا يخـشى النـاس مهما كانت أشكالهم وألوانهم ، لأنه أول ما بدأ في خطوات نجاحه هي الثـقة بالله وهذه الثقة يجب أن يتبعها عدم الخـوف من الآخرين وخاصة عندما نكون على حـق ما دمنا على حق فعلينا عدم الخوف من أحـد ، وهي مشكلة نُعـاني منهــا وخاصة تلك القلوب المُترددة ، فهي تمر بمواقف في حياتها ونجد أنها على حـق لكنها تتردد وتخشى الحديث عن ذلك ، والسبب خوفا من إثارة المشـاكل وخوفا من إحداث خلل في الاستقرار العائلي أو الوظيفي أو حتى الإجتماعي ، والله سبحانه وتعالى أمرنـا بكلمة الحـق ، ورسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه كان لنا المثل الأعلى في عدم الخوف من الآخرين في قول كلمة الحـق ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم ، دليل واضح على ذلك ، والساكت عن الحق شيطانُ أخـرس .
عندما نرتكب خطأ في حياتنا أو نـقوم بالسـرقة ، فيكون ذلك الشخص في خوف دائم من الإنكشـاف ، وحالة نفسية من تلعثم في الكلام ، وعندما يقترب الآخرين من كشـفه ينظر للأسـفل ويُغمض عينـه ، وتكون حياته هموم وغمـوم وكوابيس وأحلام مزعجة ، بل نجد أن حياته غير مُستقــرة ، بالمقـارنة مع الإنسـان الناجح الذي نجد رأسه دائما مرفوعــا للأعـلى ، ويمشـي باعتدال دون الخوف من الآخرين لأنه يعلم أنه على حـق ، وإن اجتمع الجميع عليـه فلن يستطيعوا غلبته وهزيمته لأن الله يقف معه ، واذكر لكم قصـة إحدى الفتيات التي كانت تشتكي لي من رقم غريب يأتيها يعرف عنها ويعرف أين تذهب حسب كلام الاخت ، وتقول لي أنها خائفـة جدا من هذا الشخص ، لأنه يعرف كل شي عنهـا وأنه يتصل بها ويُخبرها أين كانت ، وهي خـائفة جـدا ، فقلت لها ولمـاذا الخـوف ؟ هل قمتي بعمل خـاطئ يجعلكِ تخـافين منه ، وانتي تُقسمين أنكِ لا تعريفينه ، فكان جوابها أنها تخشى أن يصل الامر لعائلتها ، فقمت بالرد عليها : ما دمتي على حق ولم تعملي شيئا خاطئا ، فلا داعي لكل ذلك الخوف فالله فوقكِ حاميكِ ، وطلبت منها إخبار أحدا قريب لها من أخواتها أو إخوانها ، فخافت أكثر ، وسبب كل ذلك ربما يقول الشخص حديثا عني لدى اخوتي فيُصـدقوه ، فأصبح في مُصيبة كبيرة مع أهلي وانعـدام الثـقة ، هكذا كان حال هذه الفتاة رغم أنها تـؤمن بالله سبحانه وتعالى لكنها خشيت النـاس أكثر من خوفها من رب العباد في الموقف السـابق ، فأين الثقة بالله تعالى وأين عدم الخوف من الآخرين ما دمنا على حق .
واذكر لكم قصـة شاب ، تم اتهامه اتهاما باطلا بأنه قال كلاما غير لائقا لعمــه ، رغم أنه لم يتلفظ بذلك ، وعندما تمت مواجهته والحوار معه ، لدرجة أن أحدهم قال وهل عمك يكذب فيما اتهمك فيه ، إلا أنه وقف قويا أمامها ودعا الله تعالى أن يُبين الحـق ويُبطل البـاطل ، وما هي إلا دقائق وبعد صـلاة العشـاء ، إلا وظهر الحـق وانكشفت الأمـور ، بان الشـاب كان على حـق ، لهــذا عندما نتحـدث بكلمة الحــق فيجب أن تكون لدنيـا القـوة والشجـاعة لمـواجهة الآخرين والذين يظنون أننا مُخطئون ، فالتمسك بالحـق والصـبر عليه دون التأثر بحديثهم ، يجعلنا في جانب قـوي جـدا لأن الله معنـا ومع أصحاب الحـقوق الذين لا يخـافون في الله لومة لائم ، وسيظهر الحـق وإن طـال ، ومثــال آخـر من السيـرة النبـوية الشـريفة ، وموقفـه صـلى الله عليه وســلم مع الكفــار والمشركين عندما كان يدعــوهم للإســلام ، هل قرأنا أو سمعنــا أن الرسـول صلى الله عليه وسلم خــاف منهم أثناء دعوته ، بل نجـده صلى الله عليه وسلم دائمــا الدعوة للإســلام ، بينمــا في الجهة المقابلة نجد الكفـار يتهمون بالكذب والسحر ، وانه شاعر ، وغيرها من الاتهامات ، وهذا دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان على حــق والمشركين على بـــاطل .
من هنا نتعلم كيف نواجه الآخرين إن كُنا على حق الحـق ، فالإنسـان الخـائف والمُتردد يجعل الشكوك والنظرات الغريبة تحـوم حوله وهذا دليل على أنه قـام بفعل خـاطئ يجعل حالته هـكذا ، فكيف بالإنسـان الناجح أن يكون بهـذا الشكل ، أليس من الأفضل ان يكون ممن لا يخـافون الآخـرين ، ودائمـا خـوفهم وخشيتهم خـالق الأرض والسموات ، فما دمت على حـق فلا تخف من أحــد .
المفضلات