أحد رجال الأعمال البحرينيين الذين زاروا مدينة “بنغلور” الهندية أخيرا ذكر أن أحد رجال الأعمال الهنود قال له مازحا: “ستأتي نساؤكم في المستقبل القريب للعمل خادمات لدينا كما تعمل الهنديات خادمات لديكم الآن”.

.. المزحة كانت “نصف مزحة”، لأن الهند هي آخر البلدان التي تلتحق بركب النمو العالمي وتصعد عاليا، بينما نحن نتراجع “مقارنة مع الآخرين” اقتصاديا وسياسيا.

والهند لن تكون الأخيرة، فهناك المكسيك والبرازيل ستلحقان أيضا بركب النمو، وستصبح جميع هذه الدول متطورة وشعوبها تنعم بمستوى اقتصادي أفضل منا وبحياة سياسية ديمقراطية أيضا.

الهند لديها أكثر من مليار نسمة، وتشكل الطبقة المتوسطة نحو 250 مليون نسمة. وهذا يعني أن الطبقة المتوسطة لوحدها تعادل تقريبا عدد السكان في جميع الدول العربية “يقدر أن هنا 280 مليون عربي”.

اقتصاد الهند ينمو منذ مطلع التسعينات نحو 6 في المئة سنويا، وصعد هذا النمو أخيرا إلى 8 في المئة سنويا، ومن المتوقع أنيستمر على هذه الوتيرة فترة طويلة جدا، ويتوقع الاقتصاديون أن استمرار النمو بهذا الشكل يعني أن الاقتصاد الهندي سيصبح أكبر من الاقتصاد الإيطالي العام2015، وأكبر من الاقتصاد الألماني العام 2025،وأكبر من الاقتصاد الياباني العام 2032.

الهند تخرج 200 ألف مهندس سنويا، و300 ألف متخصص في دراسات عليا سنويا و9 آلاف دكتور سنويا، إضافة إلى نحو مليون متخرج جامعي في مختلف التخصصات الأخرى... وجميع هؤلاء يتخرجون من نحو 380 جامعة وأكثر من 1500 معهد للبحوث.

الهند لديها 650 ألف شخص متدرب وخبير يعملون في قطاع تقنية المعلومات، وأصبحت الآن “قوة عظمى”في مجال البرمجيات الكمبيوترية، وهذا أدى إلى أن تفتتح تقريبا جميع الشركات الكبرى إدارات وفروعا استراتيجية للبحوث وتطوير المنتجات والخدمات، وأصبحت الهند اليوم “قبلة” لكل شركة تكنولوجية متطورة تبحث عن خبرات بشرية مبدعة.

البعض يطرح أن الهنود سيغزون الخليج، لكنهم ليست لديهم الرغبة في أن يتركوا بلادهم الجميلة عندما يصبح اقتصادهم أكبر من إيطاليا وألمانيا واليابان،والذين سيأتون إلى دول الخليج هم الفئة الفقيرة المدقعة التي تنام في الشوارع الهندية.

أما الهنود الذين تركض وراءهم أميركا وأوروبا واليابان من أجل أن تجتذبهم لأفضل الشركات وأفضل المعاشات فإنهم سينظرون إلينا نظرة السخرية، وسيمزحون كما مزح أحدهم “أرسلوا لنا خادمات من بلدكم لتعمل لدينا”.

ولعل أفضل تعليق سمعته كان من رئيس مجلس إدارة بنك البحرين والكويت مراد علي مراد، الذي قال إن علينا أن “نحتضن الهند” لأننا ثقافتنا وثقافتهم مرتبطتان منذ آلاف السنين، وإن علينا أن نتعلم من الهنود... فهم نعم الأساتذة لنا. وهذا طبعا يعتمد على ما إذا كنا قد اقتنعنا بأن علينا أن نتحول إلى تلاميذ فنستفيد منهم، وإلا فإننا سائرون نحو المواقع السفلية اقتصاديا وسياسيا... والهنود لن ينزلوا مستقبلا حتى للنظر إلينا.