لأن الصيام من أهم أركان العبادة وفرض في كل الأديان السماوية، فإن الله جعل له من الفوائد الإيجابية علي الصحة العامة للجسد والصحة النفسية الكثير. وجاءت دراسة علمية لتؤكد أن المشاركة في الطقوس والعادات الرمضانية في الصيام والإفطار لها أثرها الإيجابي علي المرضي النفسيين الذين يعانون من العزلة، بالإضافة إلي أن الصوم له فضل في تقوية الإرادة التي تعتبر نقطة ضعف في معظم المرضي النفسين كما أن له دوراً أساسياً في علاج حالات الاكتئاب والقلق والوسواس، هذا ما وضحه الدكتور (هشام عبدالفتاح) صاحب الدراسة وإخصائى أمراض المخ والأعصاب والطب النفسى ومدير إدارة الوعى الصحى بمستشفى العباسية للصحة النفسية في بحثه، مستعرضا أهمية التقرب إلى الله بالصيام والعبادات ودور الإيمان للوصول إلى حالة من الطمأنينة والاستقرار والاتزان النفسي.

ويقول الدكتور هشام عبدالفتاح، إن أهم ما يميز شهر رمضان الجو الروحاني الخاص، وإن للصوم آثاراً إيجابية في تقوية الإرادة التي تعتبر نقطة ضعف في كل مرضي النفس، والتقرب إلى الله يمنح أملاً في الثواب ويساعد علي التخلص من المشاعر السلبية المصاحبة للمرض النفسي، كما أن الصبر الذي يتطلبه الامتناع عن تناول الطعام والشراب والممارسات الأخرى خلال النهار يسهم في مضاعفة قدرة المريض على الاحتمال، مما يقوى مواجهته ومقاومته لأعراض المرض. ولهذه الأسباب ينصح جميع المرضى النفسيين بالصيام في رمضان لأن ذلك يؤدى إلى تحسن حالتهم النفسية.

وأشار د. عبدالفتاح إلي مرض الاكتئاب النفسي، والذى تبلغ نسبة الإصابة به 20% من سكان العالم حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، موضحا أن الصوم بما يمنحه للصائم من أمل في ثواب الله يجدد الرجاء لديه في الخروج من دائرة اليأس، كما أن المشاركة مع الآخرين في الصيام والعبادات والأعمال الصالحة خلال رمضان تتضمن نهاية العزلة التي يفرضها الاكتئاب علي المريض، وممارسة العبادات مثل الانتظام في ذكر الله وانتظار الصلاة بعد الصلاة في هذا الشهر تتضمن التوبة وتقاوم مشاعر الإثم وتبعد الأذهان عن التفكير في إيذاء النفس، بعد أن يش?ر الشخص بقبول النفس والتفاؤل والأمل في مواجهة أعراض الاكتئاب.

أما فيما يتعلق بمرض القلق والذي قد تصل نسبة الإصابة به من 30 إلي 40% في بعض المجتمعات، فيقول إخصائي المخ والأعصاب والطب النفسي: إن القلق ينشأ من الانشغال بهموم الحياة وتوقع الأسوأ والخوف على المال والأبناء والصحة، وشعور الاطمئنان المصاحب لصيام رمضان، وذكر الله بصورة متزايدة خلال رمضان فيه أيضاً راحة نفسية وطمأنينة تسهم في التخلص من مشاعر القلق والتوتر.

كما ذكر د. هشام في دراسته مرض الوسواس القهري والذي يعاني منه عدد كبير من الناس علي عكس الانطباع بأنها حالات فردية نادرة، بنسبة تقدرها الإحصائيات تصل إلى 5%، مشيرا إلي شكل الوساوس في تكرار بعض الأفعال بدافع الشك المرضي مثل وسواس النظافة الذي يتضمن تكرار الاغتسال للتخلص من وهم القذارة والتلوث، وهناك الأفكار الوسواسية حول أمور دينية أو جنسية أو أفكار سخيفة تتسلط علي المرضي ولا يكون بوسعهم التخلص منها، مؤكدا أن الصوم يسهم في تقوية إرادة هؤلاء المرضى، واستبدال اهتمامهم بهذه الأوهام ليحل محلها الانشغال بالعباد وممارسة طقوس الصيام والصلوات والذكر مما يعطي دفعة داخلية تساعد المريض علي التغلب علي تسلط الوساوس المرضية.