عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 30
درس من الصين !!!
لا توجد أي دراسات علمية جادة أو حتى تنتسب إلى العلم بصلة تقول بأن زيادة معدلات التنمية تتوقف على تقليل النسل، فقط هناك دراسات علمية موثقة وشهيرة تتحدث عن تأثر معدلات التنمية سلبيا في حالة قلة النسل
*******
هذه هي المشكلة الرئيسية التي تهدد مستقبل التنمية في الدول الأوربية حاليا، والتي من أجلها تعقد عشرات المؤتمرات وتتشكل عشرات اللجان وتنشر مئات الدراسات، وهناك خطط "لاستيراد" النسل من أفريقيا وآسيا لتغطية احتياجات القطاعات التنموية المختلفة التي لا يمكنها الاستمرار فضلا عن النمو في ظل التراجع الكبير في معدلات الإنجاب هناك هذا هو الجانب الوحيد المؤكد والعلمي، أما مسألة زيادة النسل فلا يوجد أي دليل علمي على أنها معوق للتنمية، والحقيقة أنهم هنا في مصر لم يجرؤا على القول بأنه معوق للتنمية، وإنما يتحدثون عن أنها تلتهم ثمرات التنمية، وكأن التنمية ليست موضوعة لإطعام الناس وتحقيق الرفاه الاجتماعي في حدوده المعقولة لهم، وكأن التنمية التي يخططون لها تعني فقط تكديس المال في أرصدة الحيتان الكبيرة أو الهوامير على رأي أهل الخليج انهم لا يملكون خططا تنموية تستطيع أن تستغل هذه الطاقات البشرية الهائلة في تنمية ثروة الأمة، ببساطة لأن هناك فسادا يلتهم أي ثروة وطنية ممكنة .
*******
الدولة تحولت إلى ما يشبه "الجيب المثقوب" كلما وضعت فيه مالا تسرب إلى التراب وإلى الهدر وإلى اللصوص، فكيف يمكنك أن تبني مصانع وتوسع الرقعة الزراعية وتمنح المواطنين فرصا للعطاء والإنجاز وإذا نظرنا إلى تجارب الدول المليارية في عدد السكان، مثل الصين على سبيل المثال سنجد دليلا قاطعا على أن كثرة السكان ليست سببا للتخلف أو الفقر كما أن قلة السكان في المقابل ليست سببا للثراء والرفاهية عندما كانت الصين في حدود السبعمائة مليون نسمة في حقبة "ماوتسي تونج" كانت الصين واحدة من أفقر دول العالم، وأقل بلاد العالم في الاحتياطي القومي من العملات الصعبة، وأقل مستوى معيشة للمواطن على مستوى العالم، وأقل معدلات تنمية أيضا، وحاولت القيادة الصينية وقتها وبعد ذلك أيضا صرف الانتباه عن الخلل بالحديث عن تقليل النسل وتحديد مولود واحد لكل أسرة، ولكنهم فوجئوا بتشوهات اجتماعية خطيرة إضافة إلى استمرار الفشل والتردي الاقتصادي واليوم عندما اضحى عدد سكان الصين مليارا وثلاثمائة مليون إنسان، أي بزيادة خمسمائة مليون نسمة، أصبحت الصين ليست نمرا اقتصاديا فحسب، بل ديناصور اقتصادي خطير، يهدد الاقتصاد الأمريكي نفسه، وواحدة من أعلى معدلات التنمية في العالم كله، وبصورة تصل إلى حد المعجزة
*******
الدخل القومي الصيني تجاوز الترليون دولار، ألف مليار دولار، واحتياطي النقد الأجنبي في مثل هذا المستوى نفسه، وتحول الشعب الصيني إلى خلايا عمل نشطة ودؤوبة ومنتجة وناجحة وأصبحت الصناعات الصينية تغزو العالم كله بما في ذلك أوربا وأمريكا والعالم الثالث، من الإبرة إلى الصاروخ، حقيقة لا تهريجا يصعب أن تجد منتجا الآن في العالم الثالث وليس على غلافه: صنع في الصين، ومستويات للجودة متعددة تلائم كل مستوى مالي، وهذا يعني أنه عندما تضاعف عدد سكان الصين زادت معدلات التنمية وحققت الطفرة بطبيعة الحال لم يكن الزيادة السكانية فقط التي حققت الطفرة وإنما الخطط التنموية الجادة والطموحة التي تفهم البشر كسواعد وطاقات عمل وليست مجرد أفواه تبحث عن طعام، وتجفيف منابع ومسارب الفساد بقسوة مفرطة أحيانا، وثقة القيادة في قدرات شعبها وطاقته على الإنجاز
*******
أعتقد أن هذا درس جيد لقادة بلادنا، حقيق بأن يتواضعوا أمامه، لا أقول ليعترفوا بعجزهم وقلة حيلتهم وفشلهم، ولكن على الأقل يخففوا اتهاماتهم للشعب المسكين بأنه سبب كل البلاء، لأنهم يتزوجون ويتناسلون
المفضلات