السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قوة التحكم بالألم وعلاج المشاكل من منظور اسلامي للاستاذ عبد الدايم الكحيل

قوة التحكم بالألم

وأخيراً أثبت العلماء أن الألم هو مجرد وهم! ويمكن لأي إنسان أن يتحكم فيه إذا عوّد دماغه على قبول الألم، والعجيب أن القرآن تحدث عن هذه الحقيقة بوضوح كامل....





يؤكد معظم العلماء أن الألم يبدأ في الدماغ ومقاومته تأتي من الدماغ أيضاً! ولذلك يتوجهون اليوم لمعرفة أسرار الدماغ وكيف يقوم بالتحكم بالألم، عسى أن يتوصلوا إلى طرائق طبيعية لعلاج الألم من دون أدوية أو مخدرات.

والشيء الذي أود أن أقوله أن القرآن والسنَّة أشارا إلى هذه القضية من قبل، فنجد أن المؤمن بمجرد سماعه لآيات من كتاب الله، يطمئن قلبه، ويخف ألمُه، ويزول همّه. بل إن القرآن يحدثنا عن أمر مهم وهو دور القلب في تخفيف الألم، وهذا ما يهمله علماء الغرب، لأن معرفتهم محدودة، ولم يتجاوزوا بعد حدود الدماغ.

وقبل استعراض الاكتشاف العلمي الجديد الذي قدّمه علماء ألمان، نستعرض بعض آيات الحق تبارك وتعالى حول هذه القضية، فنتذكر آية عظيمة لا يمكن لمؤمن صادق يسمعها إلا ويخف ألمٌه على الفور، يقول تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28]. فالقرآن يؤكد على دور القلب لأن أي خلل في نظام عمل القلب سوف ينعكس على نظام عمل الدماغ.

الألم ضروري لوقاية الجسم

يعتبر الألم آلية وقائية في الجسم، وعلى الرغم من اختلاف العوامل المرتبطة بشدة الآلام، إلا أن الأطباء يرون أن الإنسان قادر على التحكم ببعضها. وينصحون المرضى بالقيام بتدريبات معينة للتأثير على الطريقة التي يتعامل من خلالها المخ مع الألم. عدّاء المراثون مثلاً يمكنه السير بسرعة كبيرة ولمسافات طويلة، ولا يشعر بأي معاناة، لأنه يستطيع استبعاد الألم من عقله.

وعلى الرغم من ذلك، فإن المرء ليس بحاجة إلى أن يكون رياضياً من رياضيي القمة لكي يستخدم القوة الذهنية في الحيلولة دون الشعور بالألم. وهو ما يوضحه رويديغر فابيان، رئيس الجمعية الألمانية لعلاج الآلام في غرونيندايش قائلاً: "الألم هو رد فعل شعوري على عملية تقييم جرت في المخ"، مشيراً إلى أنه بمقدور أي إنسان أن يتحكم بهذه العملية.

أما البروفيسور رولف-ديتليف تريده، رئيس الجمعية الألمانية لدراسة الألم "دي.جي.إس.إس"، فيوضح أن الإحساس بالألم أمر شخصي، توضحه المسافة التي يقطعها منبه الألم ليصل إلى المخ. فالمستقبلات الحسية تنقل الإشارة إلى الحبل الشوكي، ثم يقوم الجهاز العصبي المركزي بتمريرها إلى المخ الذي يتعامل معها بواحدة من طرق مختلفة.

كيف يتعامل الدماغ مع الألم؟

ويشير فابيان إلى أنه "على المخ أن يقرر ما هو مهم وما هو غير ذلك". ويقول إن الألم آلية وقائية في الجسم وأن منبّه الألم في طريقه إلى المخ يكون له دوماً السبق على المنبهات الأخرى. لكن من الممكن مهاجمة منبه الألم قبل أن يصل إلى هناك بدواء على سبيل المثال. ومن يذهب إلى طبيب الأسنان يعرف ذلك، حيث أن المخدر الموضعي الذي يستخدمه الطبيب يمنع إشارات الألم من الوصول إلى المخ.

أما "تريده" فيرى أن العامل الأكثر تأثيراً هو كيفية تعامل المخ مع مؤثرات الألم عند وصولها إليه، ويوضح هذا الأمر قائلاً: "يمكن للمخ أن يتعلم أن هناك بعض الآلام غير الهامة فإذا أصيب شخص ما بخدوش في ذراعه، فإن الإصابة قد تبدو سيئة للغاية، لكن المصاب يعرف أنها ليست ضارة، وبالتالي لا يشعر بألم شديد. من ناحية أخرى، فإن المخ يمكنه أن
عتاد على الألم مع الوقت، مثلماا يعتاد على فنجان القهوة الساخن في الصباح!

Bildunterschrift: ويشير البروفيسور فالتر تسيغلغينسبيرغر من معهد ماكس بلانك للصحة النفسية في ميونيخ إلى أنه من خلال التدريب يمكن للناس أن يؤثروا على كيفية تقييم المخ للألم. فينبغي على الأشخاص الذين يعانون من الألم القيام بدور إيجابي في هذه العملية. حيث إنه لا يوجد في المخ مفتاح لمحي الأشياء، كما هو الحال في الكمبيوتر! ولذلك فأنه من المهم أن يقوم المرضى –بعد تلقي العلاج- بالأشياء التي كانوا يتجنبونها نتيجة الألم، لأن هذا الأمر يجعل المخ يطمس الذكريات القديمة للألم ويستبدلها بذكريات جديدة إيجابية.

الخوف من الألم أسوأ من الألم نفسه!

وينطبق هذا الأمر بشكل كبير على الأطفال بالذات، حيث يكون الخوف من الألم عادة أكبر من الألم نفسه، وعندما يصاب الأطفال بجروح، فعادة ما يعتمد رد فعلهم على تصرفات الآباء حسبما يوضح أولريتش فيجلر، عضو رابطة أطباء الأطفال ويضيف: "كلما كانت صرخات الطفل أعلى وأقصر كانت الإصابة أقل ضررا في العادة". لذلك ينصح الخبراء الآباء بألا يظهروا فزعاً عند تعرض أطفالهم لإصابة. ويقول فابيان في هذا السياق: "الهدوء في رد الفعل يعطي الطفل إحساساً بأن الإصابة ليست خطرة"، وهذا يقلل بدرجة كبيرة من حجم الإحساس بالألم.

القرآن يعودنا على ألا نخاف إلا من الله تعالى، يقول تعالى: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) [الأحزاب: 39]. انظروا إلى هذه الآية كم تمنح الإنسان من قوة وتوكل على الله تعالى، وتبعد عنه شبح الألم والخوف والقلق والاضطرابات النفسية.

هذه آية تمنحك السعادة وبخاصة في مثل عصرنا هذا، فما أكثر المشاهد الحزينة، وما أكثر أولئك الملحدين والمشككين، وهؤلاء لن يضروا الله شيئاً، يقول تعالى: (وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [آل عمران: 176]