ماهي علاقتنا بأنفسنا ونحن نقف أمام المرايا ؟
وماذا تعني لنا المرايا ؟
المرآة ليست هي فقط وسيلة تجميلية نقف

أمامها ونشاهد بها وجوهنا ، ونطمئن من خلالها

على هيئاتنا وأناقتنا ، فكل إنسان وله تعبير خاص

داخل نفسه وهو يقف أمام المرآة ، فهناك من تربطه
علاقة حميمة مع المرآة ، لا يفارقها ،
ولا ينساها ، ولا يستغني عنها ، فتكاد تكون ظله الذي يلازمه ولا يفارقه في المنزل ، وفي العمل ،
وفي السيارة ، وحتى في جيبه ، لأنه عاشق متيم
بالمرآة عشقه المفضل ، وهناك من يخاطب
نفسه بالنظر إليها عن طريق المرآة ،
وهناك من يحاول الظهور أمام المرآة
بأحلى زينته ، فتختلف المشاعر بين الجميع
أمام المرآة ، فهناك المبتسم ،
وهناك الراضي ، وهناك الزعلان ،
وهناك الغضبان ، وهناك من يفكر ، فيسرح ،
ويمرح ، ويخاطب نفسه ، وهناك من يبحث
عن الشعرة البيضاء ويتمنى ألا يشاهدها ،
وهناك المتفائل الذي يحاول أن يضم المرآة لصدره
فهي في نظره تحمل كل معاني السرور ،
والرضا ، والحب ، والابتسامة ، وهناك في المقابل المتشائم الذي تراوده النفس بكسر المرآة
التي في نظره تحمل كل معاني الزعل ،
والدموع ، والهموم ، والغضب ،
فالمرآة تعكس لنا نفسياتنا وليس فقط وجوهنا ،
فهي تحمل داخلها كل أسرار الناس
التي تختلف في مشاعرها بألوانها وصورها ،
فلا تعترف بالمجاملات ، ولا تتعامل بالنفاق ،
ولا مكان فيها للكذب ، فهل سألنا أنفسنا كيف
علاقتنا بالمرآة ؟ وهل وقفنا يوماً من الأيام
أمام المرآة وعاتبنا أنفسنا بحكي العيون
في تقصيرنا مع الرب سبحانه ،
ومع كل من حولنا ؟ أم نحن نخجل أن نشاهد
عيوبنا فنختار أن نقف خلف المرآة لأنه لا توجد
لدينا الشجاعة لمواجهة فضائحنا ؟
أم نحن لا نبالي للمرآة ، ونظن أننا معصومين
من الأخطاء ، وراضين على أنفسنا كل الرضا ؟
أم يراودنا شيء من الغرور والكبرياء ،
ويأخذنا التفكير في كسر المرآة والتخلص
من سواد أعمالنا ؟ لأننا فشلنا في إصلاح ذاتنا ،
ولم نشاهد النور الذي يحقق لنا نجاحنا ،
وينير لنا دروبنا ، فليس المطلوب مننا أن نحاكي
المرآة بالعتاب الشفهي ، ولا برفع الصوت ،
ولكن نحتاج لنظرة عتاب لمن يقف أمامنا
بالمرآة ، فنستطيع من خلالها أن نراجع حساباتنا
مع أنفسنا ، فنعاتبها ، ونحاسبها
( فالعقل خصيم نفسه ) ، ومن يستطيع أن يِحكم عقله ، ينجح في اتخاذ أفضل القرارات
، وفي أصعب الظروف .
فلننسى قليلاً أناقتنا وزينتنا ونحن نقف نشاهد

أنفسنا أمام المرآة ، لنجدد علاقتنا بها ،

ونخاطب أنفسنا معها ، ونتذكر أفعالنا اليومية ،
ونحاسب أنفسنا قبل يوم الحساب ،
ولكن بالعقل والحكمة حتى لا نذهب لمستشفى
المجانين بسبب ( المرايا ) .