التطعيم ضد الأمراض النفسيه


كان إختراع التطعيم ضد الأمراض خدمه كبرى للإنسانيه لكن الإنسانيه التي اخترعت التطعيم باتت عاجزه عن إيجاد تطعيم للأمراض النفسيه ، التي لاتقل خطورتها عن الأمراض الجسديه وصار كل مافي إمكان أطبائها أن يقترحوا بعض المقترحات كنوع من التحرز من الإصابه بشيء من تلك الأمراض ، أو يوجدوا ( أعلجه ) سلوكيه ومهاريه ، للعارض منها حتى لايتوطن.

وهو جهد مشكور ، لكنه يأتي بحجم (قامة) البشريه ، التي مهما وصلت يظل النقص يشوب أعمالها.

وحين نلتفت إلى تعاليم الإسلام نجد أنها تلتفت بقوه إلى الجانب النفسي من الإنسان ، وتأتي مجموعه من التعاليم والأدبيات ، في الدين ، لتضمن- حال تطبيقها – صحه نفسيه عاليه للفرد والجماعه.

فالمداومه على ذكر الله له أثره الكبير في الإشتمال بثوب من الطمأنينه ، التي يشعر معها الإنسان بالأمان ، ومن ثم تكون تأديته لأعماله جيده ..( ألا بذكر الله تطمئن القلوب )..وذلك لأن الإنسان يشعر أنه قريب جداً من الله ، القوي القاهر القادر ، فتهدأ نفسه ويطمئن قلبه ، وتتقازم داخل نفسه الكائنات.

والإيمان الحق بالقضاء والقدر يجعل الإنسان ( يكنس ) من نفسه (كل) مشاعر الخوف ، إذ يدرك أن ربه الرحمن الرحيم بعباده ، اللطيف الخبير بما يصلحهم ويصلح لهم ، وهو من يقدر الأمور ، وحينها ينام - مطمئناً- على (وساده) مريحه من الشعور العميق بالأمن.

بل يجعل الإسلام حب المؤمنين بعضهم بعضاً جزءاً (أساساً) من الأيمان..(لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه)..ولاشك أن شعور الإنسان بحب من حوله له أحد مقومات ذاته الأساسيه.

ويغري الإسلام بالأجر كل من يسهم في ملء الفضاء الإجتماعي بالسلوك الإيجابي ، الذي ينشر الثقه بالنفس بين عامة الناس ، ويجعلهم يشعرون بالأمن النفسي ، كونهم مقبولين ، ممن حولهم بدليل مقابلتهم بالإبتسامه ، ومحاورتهم بالكلمه الطيبه..(الكلمه الطيبه صدقه)..(وتبسمك في وجه أخيك لك صدقه).

ولكي يهيئ الإسلام النفوس لذلك يدفع المسلم إلى التخلص من كل (النفايات) النفسيه ؛ التي تعكر رؤيته للأخرين كالحقد والحسد ، ويدفع- بقوه – للعفو والصفح والمسامحه ، ويجعل تلك السلوكيات دلاله قويه على اتصاف صاحبها بالقوه النفسيه..(ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور).

ولأن رياح الغضب ، حين تهب ، تحجب رؤية الإنسان عن (تذكر) الأمور الجميله السابقه ، كان وعداً رائعاً بأن من مرن نفسه على (القبض) على تيار الغضب ، وعدم السماح بأن ينطلق ، سيدخل الجنه..(من كظم غيظاً ، ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رضا يوم القيامه).

أي أجواء نفسيه رائعه سيعيشها الناس لو (فعلوا) هذه الآليات والأدبيات في حياتهم ، ولاشك أن (أي) شخص يجتهد في تطبيقها على مستواه الشخصي ، يسهم بفعاليه في توسيع رقعتها ، ومن ثم ينال أجراً (مضاعفاً) فالدال على الخير كفاعله ، جعلنا الله وإياكم من فاعلي الخير والدالين عليه.