لا شك أن كل عاقل يحب أن يكون محبوبا ومقبولا اجتماعيا، وتلك نوازع نفس تحتاج إلى شيء من الذكاء والجهد الذي يمشي معه.


إن من المتفق عليه عند العلماء أن الذكاء ليس وجها واحدا، بل له أوجه متعددة، فهناك الذكاء العام، وهناك الذكاء المعرفي، وأيضا هناك الذكاء الوجداني، وهناك الذكاء الاجتماعي الذي نحن بصدده اليوم.

ما المقصود بالذكاء الاجتماعي؟

في الذكاء الاجتماعي سوف نجد الاختلاف كبيرا بين العلماء، لأن مفهوم الذكاء الاجتماعي أقل إثباتاً، وتناوله أكثر من تخصص.


يرى ثورنديك أنه يوجد جانب للشخصية يمكن تسميته “الذكاء الاجتماعي” وهذا الجانب منفصل عن الذكاء المجرد، وعرف ثورنديك الذكاء الاجتماعي بأنه: القدرة على فهم وقيادة الرجال والنساء والبنين والبنات، ليعملوا بحكمة في العلاقات الإنسانية


وعرف آخرون الذكاء الاجتماعي بأنه القدرة على التعامل مع الناس، كما يظهر في القدرة على إصدار الأحكام في المواقف الاجتماعية، والقدرة على التعرف إلى حالة المتكلم النفسية، والقدرة على ملاحظة السلوك الإنساني، وأخيراً روح المرح والدعابة.

أي أن الذكاء الاجتماعي هو الناتج الاجتماعي الذي يؤسَّس إلى حد كبير على الخبرات الاجتماعية للفرد.

والسؤال هنا كيف أكون ذكيا اجتماعيا؟

يمكن حصر مكونات الذكاء الاجتماعي بثلاثة عوامل هي: فهم الأشخاص، الإقبال على المواقف الاجتماعية، الحصول على أكبر منفعة أو ربح في المواقف الاجتماعية.

المظاهر العامة والخاصة

هناك مظاهر عامة ومظاهر خاصة للذكاء الاجتماعي، ومن المظاهر العامة:


التوافق الاجتماعي: ويتضمن السعادة مع الآخرين والتفاعل الاجتماعي السليم والعمل لخير الجماعة، مما يؤدي إلى تحقيق الصحة الاجتماعية.

الكفاءة الاجتماعية: ويتضمن الكفاح الاجتماعي وبذل كل جهد لتحقيق الرضا في العلاقات الاجتماعية.

النجاح الاجتماعي: ويتضمن النجاح في معاملة الآخرين، ويتجلى في الاتصال الاجتماعي الفعال.

ومن المظاهر الخاصة للذكاء الاجتماعي:

حسن التصرف في المواقف الاجتماعية: ويتضمن ذلك اللباقة في ضوء المعايير الاجتماعية في المواقف الاجتماعية، وهذا دون إحراج للفرد أو للآخرين، ودون اللجوء إلى الكذب والخداع.

التعرف إلى الحالة النفسية للآخرين: ويتضمن ذلك قدرة الفرد على التعرف إلى حالة الآخرين التي تعبر عنهم عن طريق كلامهم وحركاتهم كما في حالة الفرح والغضب أو الثورة أو اليأس.

سلامة الحكم على السلوك الإنساني: وترتبط بالقدرة على التنبؤ بالسلوك الإنساني من بعض المظاهر أو الأدلة البسيطة، ويتجلى ذلك في الفراسة الاجتماعية.

روح الدعابة والمرح: ويتضمن ذلك القدرة على فهم النكتة، ويظهر ذلك في القدرة على مشاركة الآخرين في مرحهم ودعاباتهم، وظهور علامات المحبة والألفة المتبادلة مع الآخرين. ويعتمد الذكاء الاجتماعي - كما يرى فاروق عثمان على ثلاث مهارات:

التعبير الاجتماعي: ينطوي على ترجمة الأفكار إلى كلمات وألفاظ.

الحساسية الاجتماعية: ويقصد بها الوعي بالقواعد المستترة وراء أشكال التفاعل الاجتماعي اليومي. ويتوقف إجادة هده المهارة على الانتباه الجيد للآخرين وملاحظة سلوكهم جيداً “أكثر حساسية لاستقبال الإرشادات”.

الضبط الاجتماعي: وهو مهارة لعب الأدوار أو نوع من التمثيل الاجتماعي، فالشخص الذي يتمتع بمستويات عالية من الضبط الاجتماعي هو من يمكنه أن يقوم بأدوار اجتماعية متنوعة بكل حنكة ولباقة، لكن يبقى علينا حسن الإدراك، والمحاولة الدائبة للممارسة والتطبيق.