كل الخسائر يمكن تعويضها، لكن أكبر خسارة لا يمكن أن تعوض هي ضياع السلام الداخلي للنفس، وفقدان الأمل في غد مشرق، وفي رحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء.

حين يفقد المرء سلامه الداخلي، وإطمئنانه وهدوءه النفسي لا يستطيع الإستمتاع بيومه، ولا الإنجاز فيه، بل قد يؤثر ذلك في غده أيضاً.

إنّ الذين تنبض قلوبهم بالسلام الداخلي والرضا وتشع بالأمل ليسوا أكثر الناس ثراء أو أوفرهم حظاً لكنهم أولئك الذين يثقون ثقة مطلقة برعاية الله لهم، ويؤمنون بقضاء الله وقدره، فيكونون كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له".

وعلى هذا حين يعلم المؤمن أنّه إذا صبر على الضراء جاءه فرج الله عمّا قريب، وأنّه مأجور على صبره فإنّه لا ييأس من روح الله، وحين يشكر الله على نعمائه في السراء يفيض قلبه حباً لله وسعادة داخلية تفيض على جوانب قلبه، وتتعداه إلى محاولة إسعاد قلوب الآخرين ببث الأمل في نفوسهم، وبالعطاء لهم، وبالتشجيع الصادق لكل محتاج للأمل.

إنّ الإستمساك بالأمل في أهلك الأزمات يولد الرضا والتحمل والصبر ويبث طمأنينة في النفس تؤدي لإحتواء الأزمات مما يجعل الفرد أصلب وأقوى في مواجهة أي أزمة، ومن المفيد دوماً مراجعة الموقف، وإعادة التفكير، وتقسيم الهدف الكبير الصعب إلى أهداف فرعية أصغر يمكن بذل الجهد لتحقيقها واحداً بعد الآخر إلى أن يتم تحقيق الهدف الأكبر بعد فترة، وذلك حتى نخفف الضغوط النفسية الواقعة علينا عند السعي لتحقيق الأهداف، وهذه إحدى الطرق لتجديد الأمل، والبعد عن الوقوع في براثن اليأس والإحباط.

ومن المفيد كذلك الشعور بالتفاؤل، فالمتفائل يرى الفرصة في كل صعوبة ويتعلم من كل موقف، فحاول أن تكون متفائلاً بالاستبشار خيراً دائماً، وبالأمل في الله، وبأنّه لا يضيع أجر من أحسن عملا، وإستعن بمصاحبة المتفائلين، والإستماع إلى آرائهم، بالإقتداء بسلوكهم، ومواقفهم تجاه المشكلات التي يواجهونها.

أيضاً من المفيد أن نغمر نفوسنا بالطمأنينة والسكينة والبعد عن التفكير في الثأر والإنتقام ممن أساؤوا إلينا، مع أهمية التفكير في مقدار نعم الله على العبد، وشكر الله تعالى عليها، والنظر للمستقبل بنظرة مشرقة، فاجتهد اليوم لتجني ثمار ذلك في الغد.

- الأمل الواقعي وأحلام اليقظة:

على أن هناك فارقاً بين الأمل وأحلام اليقظة، وإن كان كلاهما يعبّر عن رغبة شديدة داخل الإنسان لتحقيق شيء أو هدف ما، فالأمل ينطلق من أسباب حقيقية واقعية، وقواعد ثابتة تشحذ الهمم للعمل، وبذل الجهد، وتنشيط الذهن والجسم للتفكير، والتخطيط الجيِّد لإحراز الهدف، أما أحلام اليقظة، فلا قواعد لها، ولا أسباب فهي تجمع بلا حدود ولا ضوابط، وتكون سبباً في إضاعة الوقت فيما لا طائل من ورائه، ولا يجني منها صاحبها سوى الندم على الكسل، وضياع العمر في الأوهام، وعدم تحقيق الأهداف.

والخلاصة:

أنّ الأمل هو العمل بقدر المستطاع، ثمّ الانتظار المملوء باليقين والترقب والفقه في أن ما نرغب فيه سيحدث بإذن الله مهما طال الزمان.