عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 23
حقائق وأوهام عن الأمراض النفسية.
إلياس توما
لم تعد الأمراض النفسية في ظل التغييرات السريعة التي يمر بها العالم وضغوط وتعقيدات الحياة المادية والنفسية والاجتماعية المتنامية تمثل حالات فردية، الأمر الذي يمكن ملاحظته في امتلاء العيادات النفسية بالمرضى والمراجعين.
ويترافق هذا الأمر مع تنامي عدد الناس الذين لم يعودوا ينظرون إلى زيارة العيادات النفسية على انه عيب وإنما حاجة حياتية كي يتم تجاوز الإشكالات النفسية المؤقتة التي يمر بها الإنسان والتمكن من العودة إلى الحياة بشكل طبيعي.
وعلى الرغم من تنامي الوعي بالأمراض النفسية وتنامي عدد المصابين بها إلا أن العديد من المغالطات والأوهام لا تزال تنتشر بين الناس حول هذه الأمراض، ولذلك تجد الدراسات النفسية الحديثة ان من الضروري تسليط الضوء عليها لتصحيح الصورة.
الوهم الأول
المصابون بانفصام الشخصية يسمعون أصواتا
يعتبر اعتقاد البعض ان المصابين بمرض انفصام الشخصية يسمعون اصواتا في رؤوسهم تتحدث إليهم وتهمس لهم بأنه من أكثر المغالطات خطورة.
وتقول الطبيبة النفسية مارتسيلا فوييرجوفا بان الهلوسة الصوتية تنتمي إلى مواصفات النوع الأكثر انتشارا من مرض انفصام الشخصية وان المرضى يتملكهم شعور بأنهم يسمعون اصواتا تعلق على تصرفاتهم أو تتحدث إليهم حول كيفية التصرف غير انه توجد عدة أنواع من هذا المرض وفي بعض هذه الأنواع لا تظهر الهلوسة الصوتية أبدا.
وتضيف أن هذه الصفة هي الأكثر معرفة عن هذا المرض غير أنها ليست الأكثر خطورة.
الوهم الثاني
المرضى النفسيون عدوانيون وخطيرون
أكدت مختلف الأبحاث والدراسات النفسية بشكل مقنع ان العدوانية لدى المصابين بالأمراض النفسية ليست موجودة أو على الأقل عموما ليست أعلى من بقية الناس العاديين على الرغم مما هو سائد لدى الناس بهذا الشأن.
وقد توصلت دراسة أميركية أجريت في عام 1998 الى أنه في حال عدم إساءة استخدام المرضى النفسين للمواد الكحولية أو المخدرات فان درجة العدوانية لديهم لا تختلف عن العدوانية العادية السائدة لدى المعافين نفسيا.
وحسب الاتحاد الأميركي للأطباء النفسيين فان المشكلة الأكبر للعدوانية هي التي تتجه نحو المرضى النفسيين وليست العدوانية التي يرتكبها المرضى النفسيون.
الوهم الثالث
المرض النفسي نتيجة للطفولة التعيسة
ينتمي الاعتقاد السائد لدى البعض ان وراء الأمراض النفسية طفولة بائسة أو التعرض للاضطهاد أو الاستغلال في مرحلة الطفولة إلى قائمة أفلام الرعب المختلقة وليس الواقع الفعلي لان الطفولة غير السعيدة لا يمكن لها أن تخلق أو تثير الأمراض النفسية.
وتؤكد الدكتورة النفسية فوييرجوفا ان العامل الحاسم في تشكل الأمراض النفسية هو الاستعداد الوراثي، وانه لم يؤكد أي بحث علمي رصين حتى الآن حسب معلوماتها ان إمضاء طفولة غير سعيدة له علاقة بتطور مرض نفسي في عمر متأخر.
وأشارت إلى أن دراسات أجريت في عام 2007 شارك فيها أناس مروا بتجربة الهولوكوست في طفولتهم ولم يتم الإثبات لديهم بظهور أمراض نفسية بشكل أكثر من غيرهم.
الوهم الرابع
المصابون بالانفصام شخصيتهم منقسمة الى قسمين
يعتبر هذا الوهم من المغالطات الشائعة بكثرة لدى الناس لأنهم يخلطون بين انفصام الشخصية وتعدد الشخصيات رغم أن اضطراب تعدد الشخصيات ليس له علاقة بانفصام الشخصية، أما الصفة الأساسية في مرض تعدد الشخصيات فهو وجود عدة شخصيات تتعاقب فيما بينها على عملية رقابة الإنسان المريض بينما يصيب مرض انفصام الشخصية قدرات الناس الذين يفكرون بشكل واضح ومنطقي.
إن اغلب الناس المصابين بمرض انفصام الشخصية لديهم شخصية واحدة فقط.
الوهم الخامس
الأمراض النفسية لا تصيب الأطفال
يعتقد الكثير من الناس ان الأمراض النفسية تتعلق بالبالغين فقط وأنها لا تصيب الأطفال والمراهقين، أما حين ظهور إشكالات نفسية لدى الأطفال فإنهم يتعاملون معها على أنها حالة مؤقتة يتجاوزها الأطفال لاحقا.
وتؤكد معطيات المعهد القومي للصحة النفسية أن كل خامس شخص من غير البالغين (أي الأطفال والمراهقين) يعاني من إشكالات نفسية، غير أن نحو الثلثين منهم لا يبحثون عن المساعدات الطبية، وان بعض هذه الاضطرابات تختفي بالفعل من دون مراجعة الأطباء.
وأشارت هذه المعطيات إلى أن واحدا من كل 13 طفلا يعاني من الاكتئاب، أما لدى المراهقين فترتفع النسبة إلى واحد من اصل كل ثمانية.
وفي دليل على مدى جدية الأمراض النفسية لدى الأطفال والمراهقين تؤكد الدراسات الحديثة أن الانتحار يعتبر السبب الثالث الأعلى للوفيات لدى الناس الذين تتراوح أعمارهم بين 15ـ24 عاما والعامل السادس في الوفيات لدى الناس الذين تتراوح أعمارهم بين 5ـ 15 عاما
ويعترف المختصون بان مرض انفصام الشخصية يظهر بشكل نادر بين الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 عاما، أما في فترة المراهقة فيصيب هذا المرض كل ثلاثة من اصل 1000 مراهق.
الوهم السادس
الصدمات الكهربائية تعذب المرضى في المصحات النفسية
حظي العلاج بالصدمات الكهربائية etc على سمعة سيئة جدا ويعتبر الكثير من الناس هذا الأمر أنه حالة من البربرية وطريقة تم تجاوزها منذ فترة طويلة كان يقوم فيها الأطباء النفسيون المعالجون بتعذيب مرضاهم.
ويعود السبب في هذه السمعة السيئة إلى المبالغة في استخدام هذه الطريقة من جهة والى ظهورها في فيلم ميلوش فورمان «التحليق فوق عش البلبل» من جهة أخرى.
ويؤكد المختصون أن هذه الطريقة في العلاج النفسي لا تزال واحدة من أكثر الطرق فعالية في معالجة الناس المصابين بحالة عميقة من الاكتئاب مشيرين إلى أن هذه الطريقة تستخدم منذ عام 1938 وان الأطباء يلجأون إلى هذه الطريقة عادة بعد إخفاق كل الطرق النفسية الأخرى، كما أن المرضى يكونون أثناء العمل بهذه الطريقة تحت تأثير المخدر وبالتالي لا يشعرون بأي شيء.
المفضلات