أهلاً بك عزيزي الزائر, هل هذه هي زيارتك الأولى ؟ قم بإنشاء حساب جديد وشاركنا فوراً.
  • دخول :
  •  

أهلا وسهلا بكـ يا admin, كن متأكداً من زيارتك لقسم الأسئلة الشائعة إذا كان لديك أي سؤال. أيضاً تأكد من تحديث حسابك بآخر بيانات خاصة بك.

النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    عمر عبد الكريم
    زائر

    Cool كيف صيرت «حركة مساعدة الذات» أمريكا عاجزة!!

    خاص المعرفة

    في الوقت الذي تتصدر فيه كتب تطوير الذات قوائم الكتب الأكثر مبيعًا في أمريكا والعالم، يظهر كتاب جديد في أمريكا منبع هذه الصرعة ليشن هجومًا كاسحًا على حركة مساعدة النفس ومروجيها متهمهم بخداع الفرد الأمريكي وإحداث تغيرات سلبية في المجتمع الأمريكي على امتداد العقود الأربعة الماضية.

    الكتاب الصادر في عام 2005م الذي يحمل عنوانًا طريفًا كاشفًا SHAM: How the Self-Help Movement Made America Helpless.
    «كيف صيرت حركة مساعدة الذات أمريكا عاجزة» من تأليف الكاتب الصحفي المعروف ستيف ساليرنو Steve Salerno هو أحد الكتب التي بدأت تظهر في الآونة الأخيرة في نقد جوانب مهمة في المجتمع الأمريكي ومنها حركة تطوير الذات التي أغرقت المجتمع الأمريكي فيما كانت تلوح له بقشة النجاة. والكاتب يختصر اسم هذه الحركة Self Help and Self Actualization Movement «حركة مساعدة النفس و تحقيق الذات» تحت مسمى SHAM وكلمة sham الإنجليزية تعني، ويا للمفارقة، الشيء الزائف، فهل هذه الحركة هي في الواقع ليست إلا وهمًا زائفًا خدرت المجنمع الأمريكي مدة من الزمن، وماتزال؟ هذا ما يؤكده مؤلف الكتاب.
    وعلى خلاف العديد من ناقدي حركة تطوير الذات الذين تناولوا هذه الحركة وأعلامها بطريقة ساخرة ضاحكة وقد رأوا فيها ضياعًا للمال والوقت من دون أي فائدة تجنى، فإن ساليرنو يرى أن الأمر لا يقتصر على المال والوقت المهدور اللذين كما يعتقد أهون الشرور، بل إن الآثار السلبية لهذه الحركة تتعدى ذلك بكثير، وهو ما يظهر جليًا على المجتمع الأمريكي بعد أربعة عقود من ظهور هذه الحركة. فهو يقول عن هذه الحركة في مقدمة كتابه: «لم أكتب من قبل عن ظاهرة استثمر فيها الأمريكيون رأس مال ضخم بكل ما تعنيه الكلمة - ماديًا، وذهنيًا، وروحيًا، وعصبيًا- معتمدين في ذلك على دليل ضئيل جدًا على فعاليتها، بينما لا يحصلون إلا على عوائد قليلة، هذا إذا وجدت أي عوائد».
    فهذه الحركة اليوم دخلت في جميع جوانب المجتمع الأمريكي. إذ ألقت اليوم بظلالها على الطب والقضاء والتعليم والعلاقات والتجارة. فالشركات اليوم تدفع مبالغ هائلة لهؤلاء المتحدثين ليبثوا الحماس في نفوس موظفيها، والمدارس تستدعي أعلامها ليحدثوا طلابها عن القوة والإرادة وتحقيق الأحلام، والمجلات النسائية تستكتب رموزها ليرشدوا النساء في أمور الحب و العلاقات، حتى لو لم يكن المرء من مريديها فلابد أن يصيبه رذاذها.

    مجرد تساؤلات
    والكاتب يلخص وجهة نظره في سؤال ذكي هو: إذا كانت هذه الكتب تساعد الناس كما يزعم مؤلفوها على الارتقاء والاستغلال الأمثل لطاقاتهم الجسمية والعقلية، وإذا كانت هذه الدورات تأخذ بأيديهم إلى السعادة وتوفر لهم الحلول لمشاكلهم، فلماذا مازالوا يصطفون في طوابير لشراء آخر ما يصدر من كتب تطوير الذات؟ ولماذا يواصلون حضور هذه الدورات؟ أليس من المفترض أنهم قد أفادوا من هذا الكتاب وتعلموا من ذاك المتحدث؟ فلماذا هذا السعي المحموم لالتهام ما تقذف به المطابع من جديد الكتب؟ ألم يحفظوا عن ظهر قلب وصفة النجاح وينتقلوا إلى المحطة التالية، حيث النجاح والسعادة؟
    ليس هذا هو الواقع، على الأقل هذا ما تؤكده الأرقام، إذ مازال يضخ سنوياً عدد هائل من الكتب في هذا المجال، ففي عام 2003م فقط صدر ما بين 3500 و4000 كتاب من كتب المساعدة الذاتية، أي أكثر من عشرة كتب يوميًا، أليس هذا عددًا هائلًا من الكتب التي تصدر في فرع واحد؟! بل وفقًا لماركتداتا إنتربرايزيز Marketdata تمثل اليوم حركة تطوير الذات بكل أشكالها تجارة تبلغ 8.56 بليون دولار، وقد كانت لا تزيد عن 5.7 بليون دولار عام 2000م، وتتوقع ماركتداتا أن تبلغ 12 بليون دولار عام 2008م. وهكذا لم يعد من المستغرب أن نجد أتباع هذه الحركة ومريديها يخزنون هذه الكتب في مكتبات المنزل وخزائن المطبخ وحقائب الرياضة حتى في السرير لتضمن لقرائها أحلامًا سعيدة قد يلتقون فيها مع الدكتور فيل أو أنتوني روبينز في مملكة السعادة الأرضية حيث لا هم ولانصب!
    ويتبع الكاتب سؤاله الأول بآخر، فنجده يتساءل أيضًا: أليس من المفترض بعد أربعة عقود من بيع روشتات السعادة والنجاح أن ينعكس ذلك على المجتمع الأمريكي، لن أقول أن يصبح مجتمعًا مثاليًا، ولكن يصبح على الأقل أكثر سعادة وأقل مشكلات؟ ولكن الدراسات تقول غير ذلك. إذ من المفارقة أن أمريكا الستينيات، قبل ظهور هذه الحركة، أفضل بكثير من أمريكا اليوم من جميع النواحي. ومرة أخرى هذا ما تثبته الإحصائيات، فمثلاً 45% من أطفال أمريكا اليوم يعيشون في «منازل غير تقليدية»، إذ ينجب طفل من كل ثلاثة أطفال من غير زواج، أما في الستينيات فكان الرقم لا يتجاوز طفلًا من كل عشرين طفلًا. أما الطلاق الذي لم يكن يقع في الستينيات إلا في ربع الزواجات فهو اليوم يقع في نصف الزواجات. بل يلفت الكاتب نظرنا إلى مسألة مهمة جدًا وهو أنه حتى ما يطلق عليها «تغيرات إيجابية» في المجتمع قد لا تكون في الواقع إلا إعادة تعريف «الأمور السيئة» لا تعديلها أو تحسينها.

    «احرم الشباب من أحلامهم»
    والكتاب تتصدره مقولة جميلة لمارلين فوس سافانت المسجلة في كتاب جينيس للأرقام القياسية كحاصلة على أعلى معدل ذكاء IQ، وهي رد على رسالة أرسلها لها شاب صغير تقول فيها:
    «مقارنة بالأشياء الممكنة في هذه الحياة، الأشياء غير الممكنة أكثر بكثير. ما لا أحب أن أسمع الراشدين يقولونه لمن هم في سنكم هو أنكم تستطيعون أن تكونوا رؤساء أو أي شيء ترغبون به، هذا لا يمت للحقيقة بسبب ولو من بعيد. الحقيقة أنكم من الممكن أن ترشحوا أنفسكم رؤساء وهذا كل شيء. في مجتمعنا الحر بشكل رائع، من الممكن أن تحاول أن تكون أي شيء، ولكن فرص نجاحك هي شيء مختلف تمامًا».
    وحقيقة لا يملك المرء إلا أن يتوقف أمام مقولتها التي تلخص لنا في كلمات قليلة ما يحدث في هذه الدورات، حيث يروج بين الناس أن بإمكانهم أن يحققوا كل ما يتمنونه بمجرد وجود الرغبة أو كما يقولون Believe it Achieve it آمن به وستحققه. وما لا يعرفه الكثيرون أن زرع هذه المعتقدات داخل النفس له آثاره الوخيمة، فالواقعية مطلوبة بدرجة كبيرة. وما يجب أن يعرفه هؤلاء الشباب، وهذا ما يقوله خبراء الصحة العقلية، هو أن عليك أن تبذل كل ما بوسعك لتحقيق ما تريد، ولكن في الوقت ذاته يجب أن تعرف وتتقبل حقيقة أنه كلما علا طموحك زادت نسبة احتمال وقوع الفشل. وهذه الحقيقة ستكون الدرع الذي يحمي الكثيرين من مشاعر الإحباط والمهانة والذل. وعن هذا يقول أحد الخبراء ضاحكًا: «هناك الكثير من الشباب في حاجة إلى من يسرق منهم أحلامهم».

    المسؤولون
    الكتاب ينقسم إلى جزأين مهمين. فتحت عنوان المسؤولون The Culprits يخوض المؤلف في تاريخ هذه الحركة ومروجيها، وهو يأخذنا في جولة سريعة إلى بدايات هذه الحركة ومصطلح مساعدة الذات، وسيستغرب القارئ عندما يعرف أنه لما ظهر أولاً لم يكن يعني المفهوم الذي اكتسبه اليوم، بل كان في السابق يعني الكتب القضائية التي تملي على العامة من الناس الخطوات التي يتبعونها عندما ترد لهم مشكلة قضائية بدون الحاجة إلى أن يستعينوا بالمحامين. ومع الأيام اكتسب هذا المصطلح مفهومه النفسي الحديث. و يشير المؤلف إلى أن أول كتاب من هذا النوع ظهر عام 1732 من تأليف بنيامين فرانكلين، وبعد ذلك ظهر العديد من الكتابات التي تتطرق لهذا الموضوع، ولكن يظل كتاب دايل كارنيغي «كيف تكسب الأصدقاء» الذي ظهر في نهاية الثلاثينيات هو العلامة الفارقة، ويستطيع المرء أن يقول إن دايل كارنيغي هو الأب الشرعي لهذه الحركة رغم أن البداية الحقيقية لانتشار هذه الحركة كانت في أواخر الستينيات مع ظهور كتاب توماس هاري I Am OK You Are OK والكتب التي نهجت نهجه.

    وجهان لعملة واحدة
    القليل يعرفون أن لحركة مساعدة النفس فرعين يمثلان، كما يقول الكاتب، وجهان لعملة واحدة، وهما Victimization و Empowerment وهما كما يظهر من الاسمين مختلفان تمامًا، فالأول يعني أن الإنسان غير مسؤول تمامًا عن تصرفاته، بينما يعني المصطلح الثاني أننا نتحمل كامل المسؤولية عن تصرفاتنا. ولكن رغم الاختلاف الظاهري إلا أنهما في النهاية يكمل بعضهما بعضًا، بل ليس من المستغرب أن يراوح زعماء الفرعين بينهما فيستخدمون أحدهما أو الآخر ليحققوا أغراضهم.

    لا تثريب عليك، فأنت مجرد ضحية
    مصطلح Victimizationمأخوذ من كلمة Victim التي تعني ضحية, وهو يزرع في الناس الاعتقاد بأنهم ليسوا إلا ضحايا لمجتمعهم. ورغم أن مفهوم Victimizationسابق لمفهوم Empowerment التعزيز، إلا أنه ليس بشهرة الآخر وذيوعه. ولكن هذا لا يعني أنه أقل تأثيرًا من مفهوم Empowerment. وقد راق مفهوم Victimization للكثير من الناس, فكلنا نعرف جيدًا ميل الإنسان لرثاء نفسه وتحميل غيره مسؤولية فشله، وهكذا جعل مفهوم Victimization من إلقاء اللوم على الآخرين حقًا مشروعًا، وقد كان ذلك من قبل يعد عيبًا خطيرًا في شخصية المرء. فأصبح كل شخص ينقب في ماضيه عن أحداث، قد أضحت في كثير من الأحيان نسيًا منسيًا، فيخرجها وينفض التراب عنها بعد أن أصبح لها دور مهم، إذ أضحت الشماعة التي نعلق عليها أخطاءنا، ولا يخفى على أحدكم أن هذا الإحساس مريح. فالفشل لم يعد ينسب للشخص أبدًا بل هو بسبب الماضي الذي يأبى أن ينفك عنا. وفلان من الناس لم يخفق في حياته لأنه شخص فاشل أو متخاذل، بل بسبب ما عاناه في طفولته من ظلم وضيم. وهكذا أصبح فجأة لكل شخص أب مدمن وأم متسلطة وعم متحرش جنسيًا ومعلم قاسٍ لعبوا كلهم دورًا في تحطيم حياته. و بذلك أضحى الماضي بشخوصه وأحداثه قوة كبرى مسيطرة، بل مسيرة للإنسان لا يستطيع عنها فكاكًا.
    وقد أثر مروجو هذا المفهوم على المجتمع الأمريكي كثيرًا بطريقة مباشرة وأحيانًا غير مباشرة، والكاتب يدلل على ذلك بتلك القضايا الغريبة التي تشهدها المحاكم الأمريكية باستمرار. فبعد تلك القضية الشهيرة التي رفعتها إحدى زبائن ماكدونالدز بعد أن انسكبت عليها القهوة التي ابتاعتها من المطعم الشهير بينما كانت تقود سيارة ابنها الرياضية متهمة المطعم بأن قهوته ساخنة جدًا. تأتي في عام 2000 قضية أغرب رفعتها سيدة أرادت الانتحار فألقت نفسها أمام القطار. ولكن القطار ارتكب في حقها جريمة كبرى عندما لم يقتلها دهسًا تحت عجلاته. فرفعت قضية في المحكمة حصلت منها على مبلغ 9.9 ملايين دولار بعد أن اشتكت من أن القطار بدلاً من أن يقتلها تسبب في بتر ذراعها اليمنى وعدد من الإصابات! لا أجد وصفًا لمثل هذه القضايا أبلغ من ذلك الذي كتبه أحد الكتاب الأمريكيين واصفًا تلك القضايا بأنها دليل على «موت العقل». ويعلق الكاتب قائلاً إنه في الستينيات لم يكن أحد يفكر على الإطلاق برفع مثل هذه القضايا، حتى لو قام بذلك فلن يجد من يستمع له. فمالذي حدث؟ أليس هذا أثرًا من آثار نظرية Victimization التي تجعل الإنسان غير مسؤول عن تصرفاته تمامًا؟
    ثم إن هذا المفهوم أدى إلى تمييع معايير الصح والخطأ، فما كان يعد في الماضي ذنبًا كبيراً أصبح يعتبر اليوم نتيجة حتمية للظروف والبيئة التي أفرزت الإنسان. ونتيجة لذلك تحولت تلك الأمور التي كانت تعد في الماضي عيوبًا أخلاقية إلى أمراض. فإدمان الكحول، مثلاً، الذي كان في الماضي صفة تدل على انحلال خلقي، أصبح اليوم مرضًا يستوجب العلاج، بل وتلزم الشركات بمعالجة موظفيها من المدمنين. وقد تغرم مبالغ كبيرة تصل أحيانًا إلى سبعة أرقام إذا فصلت أحد هؤلاء الموظفين رغم كل المشاكل التي يسببونها لشركاتهم. وهكذا أصبح الكذب والسرقة والهوس الجنسي أمراضًا لا يستطيع المرء، كما تزعم هذه الحركة، السيطرة عليها مما يعني أن الإنسان لا يتحمل مسؤولية تصرفاته. وامتد أثر هذه الحركة إلى أروقة المحاكم، وهو ما ظهر جليًا في الأحكام القضائية المخففة التي تصدر بحق أعتى المجرمين بناء على قصة محبكة تحكي طفولة تعيسة عاشها هذا المجرم أو ذاك. وتحول المجرم في كثير من الأحيان إلى ضحية يستحق الشفقة والرحمة لا السجن والعقاب.

    منقول



  2. #2
    عمر عبد الكريم
    زائر

    Wink 2

    قوة مطلقة
    «أن تطلق على الشر اسمًا آخر لا يجعله أقل شرًا».
    هذا ما تقوله الدكتورة لورا وهي من أشهر أعداء مفهوم Victimization. وكرد فعل لهذا المفهوم ظهر مفهوم Empowerment ليكون، ظاهريًا، النقيض لحركة Victimization وهكذا بعد أن كان الإنسان عاجزًا تمامًا أمام القوى التي تحيط به أصبح فجأة نصف إله لا يقف في وجهه شيء، وهو، بعكس مفهوم الضحية، مسؤول عن جميع تصرفاته ويستطيع أن يحقق كل ما يتمناه إذا أراد ذلك.
    وتحت تأثير هذه الحركة تحول الإنسان إلى شخص أناني، تفكيره منصب على ذاته، لا هم له سوى إرضاء نفسه والوصول بها إلى درجة كبيرة من الإشباع بغض النظر عن الطرق التي سيسلكها من أجل تحقيق أهدافه. فالكل يريد أن يصبح رقم واحد بينما يرفض أن يقدم أي تنازلات.
    يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم
    «ماذا تقول في دكتورة ليست بدكتورة.... يهودية أرثوذوكسية ليست يهودية أرثوذوكسية...مناضلة ضد الإباحية تنتشر صورها العارية الإغرائية على صفحات الإنترنت.... ناقدة لممارسة الجنس قبل وخارج إطار الزواج ولكنها متورطة في كليهما... بطلة منافحة عن القيم العائلية منفصلة تمامًا عن حياة أمها لدرجة أنها لم تعرف أنها ماتت إلا بعد عدة شهور». هذا مقطع من أحد فصول الكتاب التي يسلط الكاتب الضوء فيه على أعلام هذه الحركة ورموزها البارزين فيعريهم ويكشف لنا الكثير من تناقضاتهم ويشكك في مؤهلاتهم. والمقطع السابق يتحدث عن الدكتورة لورا شلسنجر، صاحبة برنامج الراديو الشهير الذي يحمل اسمها, والذي يوزع على المئات من محطات الإذاعة, وأحد أهم رموز الحركة التي يحاول أن يتصل بها في برنامجها كل أسبوع 250.000 متصل, آملين أن تحل لهم مشاكلهم, بينما يتابع برنامجها حوالي عشرين مليون مستمع. وهذه الدكتورة التي نصبت من نفسها مدافعة عن القيم والأخلاق ليست «الدكتورة» التي يظنها الكثيرون. فهي ليست طبيبة نفسية ولا دكتورة في علم النفس ولا معالجة نفسية بل لقب «الدكتورة» الذي دائمًا يسبق اسمها يعني أنها دكتورة في علم وظائف الأعضاء.
    أما جون جراي، الذي نعرفه في عالمنا العربي كمؤلف الكتاب الشهير «الرجال من المريخ والنساء من الزهرة» فقد حصل على شهادة الدكتوراه بالمراسلة من إحدى الجامعات غير المعترف بها في أمريكا والتي أغلقتها السلطات بعد اتهامها بأنها إحدى الجامعات التي تبيع الشهادات. وهكذا يضع الكاتب تحت المجهر الكثير من الأعلام الذين نقرأ كتبهم باستمرار. وهو يفرد فصلين من فصول الكتاب لكل من الدكتور فيل، صاحب البرنامج الشهير، وأنتوني روبينز باعتبارهما أبرز رموز هذه الحركة في الوقت الحالي.

    النتائج:
    يتطرق الكاتب في الجزء الثاني من الكتاب الذي يحمل عنوان «النتائج» إلى آثار هذه الحركة على المجتمع الأمريكي من جميع الجوانب، وهي آثار تظهر جلية في كل من الطب حيث ظهر ما يسمى بالطب البديل والعلاقات بين الجنسين والتعليم وفي تغير المعايير الأخلاقية و نظرة الناس لأنفسهم وللآخرين. وسوف أتطرق بشيء من التفصيل هنا إلى الفصل الذي يتناول التعليم وبصورة موجزة إلى ذلك الذي يخص الطب البديل.

    انس الأداء- ركز على المشاعر
    ليس سرًا اليوم تدني مستوى التعليم في أمريكا، فكل الاختبارات الدولية والمحلية تقول بذلك. ورغم كل ما تقوم به المدارس الأمريكية من أجل توفير جو مثالي للتعليم تزداد معدلات هبوط مستويات الطلاب. وستيف ساليرنو يخصص فصلاً من كتابه للحديث عن هذه الظاهرة التي يعزوها إلى تبني المدارس ما يسمى بتعزيز احترام الذات self esteem بين التلاميذ كأثر مباشر لثقافة تطوير الذات بشقيها التي لونت كل جوانب أمريكا، إذ أصبح الاهتمام بمشاعر التلاميذ أكبر من ذلك الذي يمنح للجوانب الأكاديمية. مما حدا روي بوميستر، وهو برفسور في علم النفس في جامعة كيس ويسترن ريزيرف وناقد لترويج ثقافة احترام الذات إلى أن يقول محذرًا: «في غمرة حرصهم لأن يكونوا حنونين، لأن يغذوا نفوس الأطفال العاطفية، ينسى المعلمون الآن مهمتهم الأساسية، وسوف ندفع الثمن غاليًا لعدة عقود قادمة».
    ويذكر المؤلف طريقتين لضمان أداء دراسي مرتفع، الأولى هي أن تتوقع الكثير من الطلاب وأن تتبع سياسات تجبرهم لأن يصلوا إلى هذه التوقعات. ولكن المشكلة هنا أن بعض التلاميذ لن يحققوا المطلوب، وسوف يشعرون بأنهم معزولون أو حتى متخلفون عن الركب، وهذا طبعًا سيجرح مشاعرهم وسيؤثر على حياتهم الاجتماعية وطبعًا، كما يقال لنا، سوف يلقي بظلاله على حياتهم إلى الأبد. وهذا يقود إلى طريقة أخرى لضمان الأداء المرتفع: ببساطة اجعل سقف التوقعات منخفضًا جدًا بحيث لا يفشل أي أحد. واطلب من التلاميذ أن يسعدوا بالنتائج. وهذه هي الطريقة التي شاعت في السنوات الأخيرة في المدارس الأمريكية. فبدل تشجيع الامتياز، قرر المربون أن يلغوا الفشل بأن يحذفوه تمامًا من القاموس، وفي الوقت نفسه يقنعوا تلاميذ أمريكا أوتوماتيكيًا بأنهم مميزون، ورائعون، وأذكياء.
    وفي سبيل ذلك أصبحت المدارس الأمريكية تعطي اختبارات لا تصحح، ومنعت جميع الألعاب التنافسية أثناء حصص الرياضة وحتى وقت الفسحة، واستبدلت بمناهج الرياضيات والانجليزية والعلوم الدسمة مناهج مخففة مليئة بالألعاب. حتى إطراء الطلبة المتفوقين على الملأ اختفى من المدارس، إذ من الممكن أن يجعل الطلاب الآخرين يشعرون بالدونية. بل لقد انحدرت التوقعات في بعض المدارس إلى درك سحيق لدرجة أن مجرد الحضور إلى المدرسة يعامل كما لو كان إنجازًا حقيقيًا.
    وكمثال لما تقوم به المدارس من أجل تعزيز ما يسمى احترام الذات يذكر المؤلف تلك المدرسة التي علقت على باب الفصل مرآة كتب فوقها «أنت تنظر الآن إلى أحد أكثر الأشخاص تميزا في العالم بأجمعه!».
    ونتيجة لهذه السياسات فصلت المدارس شعور الفخر عن الآداء. فالطالب الذي كان في السابق يشعر بالفخر عند إنجازه لشيء ما أصبح اليوم ممتلئًا بالعجب والزهو حتى لو كان أقل الطلاب أداءً.
    ويتساءل المؤلف أي فائدة سيجنيها الطلاب من سياسة التدليل؟ فاليوم أمريكا تعاني أكثر من أي وقت مضى مما يسمى بـ«تضخم العلامات»، على غرار تضخم الأموال، فالطلاب يتخرجون بمعدلات عالية لا تعكس على أي حال مستوياتهم الحقيقية. وهذا ما تدلل عليه اختبارات قياس مستوى الأداء السابقة لدخول الكليات. ففي عام 1972 تخرج فقط 28% من الطلاب بمعدلات مرتفعة ومتوسطة. في عام 1993 كانت النسبة هي 83% من الطلاب و لكن في الوقت ذاته انخفضت مستوياتهم في اختبارات SAT بنسبة 35% عنها في السبعينيات. ثم إن هذه السياسات ستجني على المدى البعيد على الطلاب ذاتهم إذ لن يجدوا في بيئة العمل من يبتسم لهم ويربت على ظهورهم عندما يرتكبون أي خطأ. فكيف سيواجهون الحياة الحقيقية وقد نشؤوا من قبل في بيئة خدعتهم عن عيوبهم وزينت لهم نقصهم. وحتى علميًا لا يوجد دليل على أن احترام الذات له أثر حاسم على نجاح الإنسان. فوفقًا لألبرت باندورا، برفسور في علم النفس في ستانفورد، فقد استخلص من دراسة قام بها على مدى أعوام أن احترام الذات ليس له إلا تأثير بسيط وأحيانًا لا تأثير على الإطلاق على الأهداف الشخصية أو الأداء الذي يقوم على المهارة. كما يقول فيتز: «لا يوجد دليل على أن احترام الذات العالي يسبب أو يمنع أي شيء، سواء السيئ أو الجيد. الكثير من الناس يملكون احتراما عاليًا للذات سببوا الكثير من المشاكل للمجتمع».
    ويورد المؤلف في كتابه قصة جميلة تثبت أن العودة إلى الأنظمة القديمة التي كانت تعامل الطلاب كطلاب لا قطع زجاج هشة هي الطريقة الأمثل للارتقاء بالتلاميذ. والقصة هي قصة المعلمة ماري دورتي التي وجدت نفسها أمام فصل من طلاب الصف السادس ذوي مستوى متدن جدًا لدرجة أنها شكت في أن البعض منهم مصابون بصعوبات في التعلم. وذات يوم عندما كان مدير المدرسة في الخارج أغارت على مكتبه واطلعت على ملفات التلاميذ التي تحتوي على معدلات ذكائهم وعدد من المعلومات عنهم، وكم فوجئت عندما اكتشفت أن معدلات ذكائهم تتراوح بين 120 و130، وهي معدلات قريبة من العبقرية. عندما عادت السيدة دورتي إلى منزلها بدأت تفكر فيما اكتشفته، وقررت أن الخطأ هو خطؤها لأنها أصابت عقولهم العبقرية بالملل عندما كلفتهم بأعمال ذات مستوى بسيط. وقررت أن تغير من طريقتها، فأصبحت تكلفهم بالأعمال الصعبة، وزادت من الواجبات وأصبحت تعاقبهم على إساءة الأدب. مع نهاية العام حصل تغير 180 درجة، إذ أصبح فصلها واحد من أكثر الفصول تفوقًا وأدبًا. و في نهاية العام سألها المدير المبهور عن السر فاعترفت له بأنها فتشت في الملفات، واكتشفت معدلات ذكائهم العبقرية. فقال لها المدير مبتسمًا: «كل ما ينتهي نهاية جيدة فهو جيد». ولكن بينما كانت تهم بالخروج من مكتب المدير التفت إليها وقال لها: «بالمناسبة، أعتقد أنه من الأفضل أن تعرفي أن الأرقام التي كانت إلى جانب أسمائهم ليست أرقام معدلات ذكائهم بل أرقام صناديقهم!».
    وقارئ هذا الفصل لن يملك إلا أن يتعجب من التشابه الشديد بين الوضع في أمريكا والوضع في بعض مدارسنا. ومعلمو المدارس الخاصة يدركون جيدًا ماذا أعني. اسأل أي واحد من هؤلاء المعلمين كم مرة صبت في أذنه مصطلحات من قبيل «احتواء الطالب» و«مراعاة نفسية الطالب» وعبارات أخرى توحي للسامع بأن الطلاب اليوم هم قطع من الزجاج الذي قد يتهشم عند أول نفخة هواء. اسأل أي معلمة في مدرسة خاصة عن عدد المرات التي عقد فيها اجتماع أُنبت فيه المعلمات بسبب شكوى من أم طالبة رأت فيما قامت به المعلمة جرحًا لمشاعر ابنتها. ولا يملك المرء إزاء ذلك إلا أن يترحم على آبائنا الذين كانوا يجلدون ليلاً نهاراً على يد المعلمين ولا من مغيث. أنا لا أقول خذوا الطالب فغلوه وبالسياط اضربوه، ولكن جرعة من الحزم من وقت لآخر ضرورية. وما يحدث في مدارس أمريكا أكبر دليل.

    أيها المرضى، عالجوا أنفسكم
    وعن الطب البديل يخصص المؤلف فصلاً كاملاً باعتباره أحد آثار حركة مساعدة الذات خاصة في ظل انتشار صرعات مشبوهة تغرس في نفس المرضى أن الشفاء بيدهم وحدهم، وأن كل ما يحتاجونه للتغلب على أمراضهم هو الإرادة والتفكير الإيجابي. وأن علاج كل مرض جسمي يكمن في النفس. أليس هذا هو نفس ما يردده أعلام حركة مساعدة الذات. وهو يذكر قصة دبي بينسون التي توفيت عام 1997م في سن الخامسة والخمسين بعد صراع طويل مع السرطان. ودبي التي رفضت أن تخضع للعلاج الطبي التقليدي وضعت كامل ثقتها بمدعي الطب البديل الذين أكدوا لها أن علاجها بيدها، ورغم أن صحتها كانت تتدهور شيئًا فشيئًا استمر سماسرة الطب البديل يحذرونها من الطب التقليدي. بل حتى عندما وصلت إلى مراحل متأخرة من المرض اتهموها هي، وليس ممارساتهم المشكوكة أو حتى السرطان، بأنها السبب في تدهور حالتها لأنها بدأت تفقد ثقتها و تفكيرها الإيجابي.
    هل صحيح أن المجموعة الوحيدة من الناس التي تستطيع أن تثبت لك فائدة كتب تطوير الذات هم كتابها أنفسهم؟ وهل الفرق الوحيد بين قارئ هذه الكتب وكاتبها هو أن الكاتب يستطيع أن يكتب جيدًا بحيث يحصل على عقد كتاب؟ وهل جنت حركة مساعدة الذات على المجتمع أكثر مما خدمته؟ هذا ما يذكره ستيف ساليرنو في كتابه الذي دعمه بالكثير من الدراسات والإحصائيات. و كما يقول في نهاية كتابه: «كلنا نريد أن نؤمن بشدة بالمعجزات، هذا ما يجعلنا ضعيفين، وهذا ما يجعلهم أغنياء».
    لابد أن نعترف بأن الموجة قد بدأت تغمرنا. أليس من المفيد أن نتريث قليلاً قبل أن نعتنقها ونفيد من تجارب الأمم الأخرى، أم نحن كالعادة، دائمًا نبدأ من حيث بدأ الآخرون و ليس من حيث انتهوا؟


    يتساءل المؤلف أي فائدة سيجنيها الطلاب من سياسة التدليل؟ فاليوم أمريكا تعاني أكثر من أي وقت مضى مما يسمى بـ«تضخم العلامات»، على غرار تضخم الأموال، فالطلاب يتخرجون بمعدلات عالية لا تعكس على أي حال مستوياتهم الحقيقية
    ثم إن هذه السياسات ستجني على المدى البعيد على الطلاب ذاتهم إذ لن يجدوا في بيئة العمل من يبتسم لهم ويربت على ظهورهم عندما يرتكبون أي خطأ. فكيف سيواجهون الحياة الحقيقية وقد نشؤوا من قبل في بيئة خدعتهم عن عيوبهم وزينت لهم نقصهم


    المصدر مجلة المعرفة العدد 143



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178