هل تريد أن تعرف وتتعلم كلمات لها مفعول السحر في أصدقائك ؟ هل ترغب في إزالة الشعور بالكراهية وتولد معه النوايا الطيبة الحسنة، وتجعل الشخص الآخر يستمع بإصغاء ؟ فقط حاول أن تبدأ حديثك بهذه العبارة "أنا لا ألومك إطلاقاً لشعورك هذا.. فأنا لو كنت في موضعك لتصرفت وشعرت مثلك تماماً" ، وتذكر أن أغلب الذي تلتقي بهم غدا هم في حاجة إلى عطفك وحنانك وليسوا في حاجة إلى لومك واستخفافك.
[SIZE=أكاديمي]

هذا ما ينصحك به ديل كارينجي في كتابه "كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس" مؤكداً أن مثل هذه العبارة كافية لإزالة الكثير من الضغائن، وتجميد العدوان وستكون صادقاً فعلاً، إذا قلتها لأنك لو وضعت نفسك مكانه لتصرفت مثلما تصرف هو بالضبط.


قصة هورك :


ثم قص تجربة "س. هورك" هو أشهر مدير أعمال موسيقي في أمريكا ، كان هذا الرجل يتولى إدارة أعمال فنانين عظام مثل نشاليالين وإيسادورا ودونكان وبالفوفا وذلك من عشرية عاماً.

وذكر كارينجي : اخبرني السيد هورك عن أول الدروس التي تعلمها من علاقاته العملية مع نجومه ، كان بداية يتعاطف مع حساسيتهم الشديدة .. لقد ظل 3 سنوات يعمل بجوار نشاليا نين أشهر المطربين الذين سحروا الملايين ، ومع ذلك كان هذا الفنان دائم التذمر والسخط ، يشبه في ذلك الأطفال ، وكما يقول لنا السيد هورك : "لقد بدأ أمامي كقطعة من اللهب دائماً" وحين يأتي موعد حفل غنائه يستدعي هورك ويبلغه بأنه لا يستطيع الغناء هذه الليلة " أنا مرهق تماماً ، حنجرتي جافة تماما ومن الصعب علي أغني هذه الليلة".

كان هورك لا يجادله في ذلك على الإطلاق ، ولا يتعامل معه بأسلوب فظ ، بل كان يغدق عليه بالعطف والشفقة ، ويؤكد له أنه لا يستطيع الغناء بالفعل، وأنه سيقوم بإلغاء الحفل ثم يخبره بأن هذا سيكلفه عدة آلاف من الدولارات فقط ، وأن هذا المبلغ لا قيمة له أمام موهبته التي باتت في خطر .
وعندئذ انتهد نشاليانن قائلاً : "أوه يجب أن تعود لزيارتي مرة أخرى حتى ترى ماذا سيحدث" ، وفى الموعد المطلوب كان السيد هورك ينطلق إلى الفناء ويبدي مرة أخرى تعاطفه الشديد إزاء حالته الصحية المتدهورة ، وكان الفنان ينتهد مرة أخرى ويقول " يجب أن تذهب وتعود لرؤيتي ربما أكون قد تحسنت".
ويعود هوروك مرة أخرى لمعاودة أسلوبه فى المرة الثالثة حتى يخبره الناس أنه ينوي الغناء شريطة أن يعلن للجمهور بل ظهوره أنه كان متوعكاً منذ قليل بمرض كاد يفقد صوته بسببه ، وكان السيد هورك يتعهد له بذلك ، لأنه يعرف أن الرجل في حاجة إلى كسب عطف الآخرين له.
يقول الدكتور آرثر جايتس في كتابه علم النفس التربوي : " إن الجنس البشري يصنع عالماً يلتمس التعاطف يشرح جرحه في لهفة بل إنه يتعمد إيذاء نفسه لاستدرار عطف الآخرين ، والكبار يروون تفاصيل حياتهم الشاقة لنفس الغرض خاصة إذا أجروا عمليات جراحية إلى جانب الشكاوى من المصائب حتى ولو لم يكونوا صادقين ، وهكذا إذا أردت أن تستميل الناس إلى طريقة تفكيرك اتبع القاعدة التي تقول " تعاطف مع رغبات الشخص الآخر".


لا تكن فظاً :


لست في حاجة أثناء تعاملاتك مع الآخرين إلى استخدام الغلظة والفظاظة ، لا تحاول ان تستخدم هذه الطريقة مع زوجتك أو أولادك أو زملائك في العمل أو مع أي شخص آخر ، حتى لا تنفض الناس من حولك ، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران ( وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ..) وهي قاعدة ذهبية للتعامل مع الناس .

وصف يحيى بن معاذ رحمه الله أساليب الدعوة فقال: "أحسن شيء كلام رقيق، يُستخرَج من بحرٍ عميق، على لسان رجلٍ رفيق".

وهذا ما تعلمه محمد صلى الله عليه وسلم من ربه جل وعلا، فتراه هيناً ليناً رحيماً مع الناس أجمعين ، والأحاديث في هذا كثيرة، كحديث الأعرابي الذي بال في المسجد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزرموه ثم دعا بدلو من ماء فصب عليه" رواه البخاري ومسلم، وكحديث "أبي عمير والنغير" الذي أوضح كيف كان صلى الله عليه وسلم يتلطف مع أصحابه ، فحاول ان تتعاطف وتتلطف مع من حولك، وكن رقيقاً لطيفاً.
وكان الرسول أفضل مثال بالرفق مع زوجاته ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرفق وارحم بعائشة رضي الله عنها من أبيها أبو بكر رضي الله عنه، حينما جرى بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم كلام حتى دخل أبو بكر حكما بينهما .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " تكلمي أو أتكلم "
فقالت رضي الله عنها : تكلم أنت ولا تقل إلا حقا.

فلطمها أبو بكر رضي الله عنه حتى أدمى فاها وقال : أو يقول غير الحق يا عدوة نفسها ؟
فاستجارت برسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدت خلف ظهره

فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" إنا لم ندعك لهذا , ولم نرد منك هذا " صحيح البخاري .. فقد كان الزوج العظيم أرفق بزوجته من أبيها و أحلم عليها منه وأشفق عليها


الرفيق :


قال ابن القيم رحمه الله نظما : "وهو الرفيق يحب أهل الرفق .. يعطيهم بالرفق فوق أمان"

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في شرحه لهذا البيت : ومن أسمائه سبحانه "الــرفيــق"وهو مأخوذ من الرفق الذي هو التأني في الأمور والتدرج فيها ، وضده العنف الذي هو الأخذ فيها بشدة واستعجال.
والتفسير لهذا الاسم الكريم مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : "إن الله رفيق يحب الرفق , وإن الله يعطي على الرفق مالا يعطي على العنف ".
[/SIZE]