من الأخطاء الصحّية الشائعة أنّك لا تذهب إلى عيادة الطبيب إلاّ عندما تمرض. إنّ بعض الأمراض لا تظهر عوارضها إلاّ بعد فترة، وما لم يتمّ تشخيصها مبكراً استفحلت وربّما تعذّر علاجها، أو احتاج إلى عناية مركّزة، لذلك فإنّ من المنصوح طبّياً أن تُجري فحوصات دوريّة بين الحين والآخر لتتأكد من سلامتك، ولتعالج بعض الأمراض في بدايتها.
صحّتنا النفسيّة تماماً كصحّتنا البدنيّة، تحتاج أيضاً إلى فحص ومراقبة ومعالجة أوّلاً من قبل أن يخرج العلاج من أيدينا، أو نصاب بمضاعفات تعقِّد الحالة أكثر فأكثر.
هذه بعض التوصيات التي تقدِّمها عيادتنا لمن يستشفون فيها:
1- الحياة متغيّرة لا ثباتَ فيها، فلماذا القلق؟.. فيومٌ لك ويومٌ عليك، فإذا كان لك فلا تبطُر، وإذا كان عليك فاصبر.. (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) (آل عمران/ 140).
2- للتخلّص من العادات الضارّة التي تؤذينا نفسياً، لا يكفي معرفة كيفية التخلّص منها فقط، بل لابدّ من اكتساب ملكات أو عادات إيجابية بديلة على طريقة "المضادّات الحيويّة".
3- سلامتك النفسيّة من سلامتك الجسديّة أيضاً، ولذلك ورد في ثقافتنا الصحّية: "أشدُّ من مرض البدن مرضُ القلب، ألا وإنّ من صحّة البدن تقوى القلب".
4- الجهل بأنفسنا وقدراتنا ومواهبنا وطاقاتنا وإمكاناتنا، سبب في عذابنا النفسي، وكلّما تعرّفنا أكثر على ما لدينا ووظّفناه توظيفاً صحيحاً خفّت بعض توتراتنا النفسيّة.
5- إجتماع المنغّصات الصغيرة يخلق حالة من الكآبة والتذمّر والسأم، فيُنصح أن نجزِّء تلك المنغّصات ونفككها ونعطيها حجمها الحقيقي، وأن نتعرّف إلى أسبابها، فتلك ليست الخطوة الأولى لعلاجها، بل الكبيرة أيضاً.
6- هناك مصحّات نفسيّة ننصح بزيارتها لأنّها مجرّبة في معالجتها للأزمات النفسيّة: (القبور) إنّها تذكِّرنا أنّ نهايتنا الموت، و(المستشفيات) لنعرف ما نحن عليه من صحّةٍ يحسدنا عليها المرضى الراقدون فيها، و(الأحياء الفقيرة) لنتذوّق ما نحن فيه من نعمة ونشكر الله عليها.
7- كان النبي (ص) إذا أحزنه أمرٌ استعانَ بـ"الصوم" و"الصلاة"، عملاً بقوله تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ) (البقرة/ 45).
8- (ذِكرُ الله الكثير) شفاءٌ من الكثير من الأمراض النفسيّة، وكذلك (الدُّعاء) والتضرّع بين يدي الله، ومثلهما (قراءة القرآن)، فهو – كما تعلم شفاء لما في الصدور – وقد جاءتُ الوصيةُ بذلك: "استشفوا بنوره فإنّه شفاء الصدور".
9- حاول – ما أمكنك ذلك – أن تقوم بعملية كنس وتنظيف داخلي بين الحين والآخر لأن "مَن اطّرح (استلّ) الحقد استراح قلبُه ولبُّه". فأقلّ الناس راحة الحقود والحسود، ولذلك كان العلاج: "إقلع الشرّ من صدر أخيك بقلعه من صدرك".
10- حينما أعرف أنّه لن يصيبني إلاّ ما كتبَ اللهُ لي.. وأنّ ما أصابني لم يكن يخطئني.. وما أخطأني لم يكن يصيبني.. فلا أحزن على ما فاتني ولا أفراح بما أتاني، فلا ذاك يعود ولا هذا يدوم، وحينما لا أجعل الدنيا أكبر همّي ولا مبلغ علمي، وحينما أعتبر بغيري وما أكثر العبرة، وعندما أُدرك يقيناً أنّ (مع العُسر يُسراً)، وأنّ الأنبياء (ع) – وهم أشرف الناس أجمعين – تعرّضوا للمحن والإبتلاءات والشدائد كـ(نوح) و(أيّوب) و(يعقوب) و(يونس) ونبيّنا (محمد (ص)) فعالجوا ذلك بالصبر والتعلّق بحبل الله، والإلتجاء إليه لأنّه القوّة المطلقة.. أستطيع أن أهوّن بعضَ ما أنا فيه.
مع تمنياتنا لك بصحّة بدنيّة وعافية نفسيّة تامّة.