كانت هناك أسرة طيبة مكونة من أربعة إخوة , رباهم والدهم رحمه الله على الخلق والفضيلة ويشهد لهم كل الناس بحسن أخلاقهم ,أحدهم كان فلاح بسيط على قدر قليل من التعليم لكنه يمتاز بالحكمة .حكمة مع قدر قليل من التعليم!!! ولكن كيف ذلك؟ نعم فالحكمة من عند الله عز وجل , وقد آته الله الحكمة ومن يؤتى الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا .
فكان أهل القرية يحتكمون له فى منازعاتهم وخصوماتهم فيحكم بالعدل والحكمة .
أما الأخ الثانى فكان يعمل مدرسا بمدرسة القرية يراعى الله فى عمله ويحبة كل التلاميذ بالمدرسة. والأخ الثالث يعمل ضابط بالشرطة وكان شريفا يراعى الله فى عمله.والأخ الرابع يعمل محاسب وكان أمينا فى معاملاته
وفى يوم من الأيام كان أخوهم المدرس بالمدرسة وكان يؤدى واجبه فى الإشراف على التلاميذ فى فناء المدرسة .يتجول فى الفناء لمتابعة التلاميذ وهم يلعبون أثناء الفسحة المدرسية وبدى كل شىء عادى ,وفجأة شاهد من بعيد تلميذ كان يقف أمام زميله وهو يسدد ضربه له فجرى نحوهما ولكنه فوجىء بأن التلميذ كان قد سدد ضربته لعين زميله ونقل التلميذ للمستشفى وللأسف فقد إحدى عينيه .وتم تحميل المدرس المسئولية وطالب أهل الطالب ووسائل الإعلام بالتحقيق مع المدرس ومحاسبته على الإهمال فى عمله ونادى البعض بإيقافه عن العمل لأنه مهمل . وتحمس أهالى الطلاب فى القرى المجاورة وحملو المدرسة بل ووزير التعليم المسئولية فقالوا الوزير لازم يتم تغييره ,نحن لا نضع أبنائنا فى المدرسة لتفقأ أعينهم .وتم محاسبة المدرس بالرفد من عمله لكى تهدأ الجماهير الغاضبة.
وفى إحدى الأيام كان أخوهم ضابط الشرطة يقوم بدورية لتفقد الأمن وكان قد قبض منذ شهور قليلة مضت على سارق وقد حكم عليه بالسجن وأتم مدته وخرج وقد عزم على الإنتقام ,فراقب الضابط وهو يقوم بالدورية وإختبأ فى أحد الشوارع , وبعدأن تفقد الضابط الأمن فى هذا الشارع وإطمأن , وذهب لشارع آخر .دخل المجرم للشارع وقام بسرقة سيارة منه ,وفى الصباح إكتشف صاحب السيارة سرقة سيارته وأبلغ عن ذلك .فقام رؤساء الضابط فى العمل بتوبيخه . وتم تخفيض رتبته للتقصير فى آداء واجبه .
أما الأخ المحاسب فقد ذهب شخص له فى البنك الذى يعمل به وطلب منه أن يعطيه قرضا بدون ضمانات كافية فرفض ورحل الرجل. ونسى المحاسب الموقف ولكن الرجل لم ينسى وعقد النية على الخلاص منه .وقد علم أنه يمشى مع صديق له أثناء عودته لمنزله بالقرية وتحين فرصة والطريق خالى وأرسل شخص مجرم وأثناء سير الصديقان طعن صديق المحاسب من ظهره فصرخ الرجل وسقط على الأرض فإحتضنه صديقه المحاسب حتى لا يقع على الأرض ولامست يده شىء فى ظهر صديقه فإذا بها السكين وصرخ المحاسب ونظر جهة القاتل فإذا به يركب سيارة مسرعة ويفر .وإجتمع الناس من بعيد على الصوت وتم القبض على المحاسب وشهد أهل قريته عليه فقال بعضهم أنا كنت سمعت صوت المرحوم وهو يستغيث يا ناس إلحقونى بصراخ من شدة الألم ولما إقتربت وجدت المحاسب قاتل صاحبه بالسكين ,وكانت الحقيقة التى لا يعلمها إلا الله أن أن هذا الشاهد قال شهادته بدون أن يتبين الحقيقة وكان الصوت الذى سمعه هو صوت المحاسب يثتغيث لصديقه الذى يعتبره كأنه نفسه فخرج الصوت بصرخة وهو يقول إلحقونى كأن الطعنة أصابته هو وليس صديقه.وتم رفع البصمات من على السكين فإذا بها بصمات المحاسب الذى أصبح قصة يضرب بها المثل على الخيانة للصديق .وحكم على المحاسب بالإعدام.
أما أخوهم الفلاح الحكيم فقد كانت هناك مرأة تطمع فى الزواج به وعندما علمت أنه تقدم لخطبة غيرها . ملأ الحقد قلبها وقررت أن تكيد له, وكانت تعلم بأنه بعد صلاة العصر يجلس فى الجامع عسى أن يكون هناك من يريد أن يأخذ رأيه فى مشكلة ليحلها بما فتح الله عليه من الحكمة ولأنه كان يحب سماع كل ما يختص بالقرآن والسنة ويسند أحكامه لها. وبعد أن جلس فى المسجد ولم يحضر أحد فى يوم من الأيام .فقام يغلق باب الجامع ولم يلحظ أن هذه المرأة وكانت ترتدى جلبابها وتحته ملابسها وكانت قد مزقتها مرت من خلفه و تأكدت أن الشارع خالى من المارة فخلعت جلبابها فجأة وأخذت تصرخ , فغض الرجل بصره وقال لها مالك فقالت وهى تصرخ إلحقونى يا ناس فلان يؤذينى ونطقت بإسمه ,فجرى مبتعدا عنها وجاء الناس من جهتين للشارع الذى به المسجد وأمسكوا به وهو يقول كاذبة صدقونى يا أيها الذين آمنو إذا جائكم فاسق بنبأ فتبينو ا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ولكن الناس لم يسمعوا وأخدو يضربونه ويسبونه ويقولون له كاذب هل سوف تفعل ذلك بنفسها .وكل واحد سدد للرجل لكمة لينتقم منه ضربة غير مميته ولكن الكل يضرب وكل من يأتى يسأل ماذا فعل فيقولون له تعدى على مرأة وشاهدناه يحاول الهرب فيضرب معهم معتمدا على ما سمعه منهم , حتى فوجئوا بأن الرجل قد مات .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما يسمع) فهل رأى الناس الرجل وهو يتعدى على المرأة .وهل سمعوا دفاعه عن نفسه .هل إنتظرو تحقيق يظهر الحقيقة أم طبقوا عليه ظنهم .