علو الهمة


علو الهمة رزق معنوى من الله تعالى؛ وهو سبحانه يبسط الرزق لمن يشاء ويضيَق على من يشاء لحكمة بالغة ومقاصد سامية تتجه دوماً لما فيه خير وسعادة كل البشر.

وأعلم أن همتك دوماً تتجه لما يهمك؛ ولما تهتم به ويشغل تفكيرك وحياتك. فإذا كان ما يهمك "الدنيا" أنخفضت بهمتك لأشياء شتى تفرق عليك جهودك وطاقاتك، أما إذا كان ما يهمك "الآخرة" وجهت همتك توجيهاً صحيحاً لوجه الله تعالى، وفزت بإذن الله.

يقول رسول الله صل الله عليه وسلم: (من جعل الهم هما واحداً هم آخرته كفاه الله عز وجل ما همه من أمر دنياه، ومن تشعبت به الهموم لأحوال الدنيا لم يبال الله تعالى في أى أوديتها هلك).رواه عبد الله بن مسعود من شعب الإيمان للبيهقي.

شروط الحفاظ على علو الهمة :

- أن أول شرط للحفاظ على همتك عالية في السماء هو: "إرادة الآخرة" و"السعى لحرث الآخرة". ويمكنك طلب الدنيا كذلك؛ لكن عليك عند طلب الدنيا أن تسعى من خلال طلبك هذا للفوز بالآخرة، وذلك من خلال نيتك الخالصة لوجه الله تعالى لتوجيه ما تقوم به من أعمال للفوز بمرضاة الله.


يقول تعالى: (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً) صدق الله العظيم
"سورة الإسراء - آية 19"

- صاحب أصحاب الهمم العالية من الأحياء؛ واقرأ كذلك سير أصحاب الهمم العالية من السلف الصالح والسيرة النبوية الشريفة. وصحبة أصحاب الهمم العالية من المؤمنين؛ ستؤثر بكل تأكيد على إتجاهاتك فى الحياة؛ وستساعدك على زيادة عزمك؛ وسترفع من همتك لتبلغ عنان السماء بإذن الرحمان. فقد صغرت الدنيا في أعين هؤلاء المؤمنين من أصحاب العزم والهمم وما عادوا يطلبون منها إلا ما يقربهم من الله تعالى من أعمال صالحة وطاعات.


يقول "فينيلون": (إذا أردت أن تتعرف إلى إنسان راقب أصدقاءه فكما يكونون يكون)

- استعن بالله ولا تعجز ... وأعجز الناس من عجز عن "الدعاء" مصدقاً لقول سيدنا محمد صل الله عليه وسلم. واطلب الرفعة من الله تعالى في الدنيا والآخرة، واسئله بصدق سبحانه أن يرزقك همة عالية صادقة، وأن يعينك على زيادة همتك فلا تثبت ولا يصيبها النقصان.


يقول تعالى: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) صدق الله العظيم "سورة آل عمران - آية 139"


- دع الكسل وطلب الراحة وخذ بروح المبادرة وتحرك، ولا تؤجل الأعمال أو تماطل في إنجازها. أنجز كافة أعمالك في وقتها، ولا تترك "عمل ما" للغد؛ ولا إلى ما بعد ذلك أو ما بعد قليل. بل بادر بإنجاز الأعمال أولاً بأول حتى لا تتراكم عليك وتعطل خططك على المدى القصير.

وهناك مثل نرويجي يقول : " كلما كان الرجل كسولاً زادت خططه في يوم الغد".

- تحصيل العلم شرط أساسي لعلو الهمة؛ فهو ما ينير لك الطريق وينشأ لك المقياس والمنهج الذي تستطيع من خلاله معرفة الحلال والحرام والخير والشر لتستقيم حياتك وتسعد. ولم يطلب رسول الله صل الله عليه وسلم أن يزيده الله من شئ سوى العلم (وقل ربِّ زدني علماً) سورة طه – آية 114. فأنت إذا أردت الدنيا فعليك أن تطلب العلم، وإذا أردت الآخرة فعليك أيضاً بطلب العلم، وإذا أردتهما معاً فلا بديل لك عن طلب العلم كذلك.


يقول سفيان الثوري: "لا نزالُ نتعَلَّم العلم ما وجدنا مَنْ يُعلِّمَنا".

- لابد أن تعرف ما تريد من حياتك، وما هى رؤاك وأحلامك وأمانيك، ثم تدون ذلك في شكل أهداف واضحة ومحددة. فقد تكون نشيطاً محباً للعمل ولكنك تتجاهل تحديد أهدافك وكتابتها، وبالتالي لاتستطيع تذكرها أو تحقيقها. لذا ضع خطتك اليوم وضمنها أهدافك الواضحة، وأحرص على أن تكون هذه الأهداف ذات أهمية شخصية وتمثل قيمة كبيرة بالنسبة لك، وأبدأ فوراً في التعبئة والتحرك وبذل الجهد للعمل وفقاً لهذه الأهداف.

وأعلم أن أهدافك لن تحركك إذا لم تكن هي ما تريده وترغبه بالفعل، وليس ما يتوقع منك الآخرون فعله. فكثير من الناس يحققون أهداف لا تمثلهم ولا يرغبونها - فقط - لأن هذا ما يتوقعه منهم الآخرون ... لذا فهم يفقدون الحافز للإستمرار والتقدم. كمثال: (من يعمل في شركة والده ليحقق إنجازات كبيرة، ولكنه لا يريد تلك الإنجازات بل يريد شئ آخر، قد يكون هذا الشئ هدفاً صغيراً بالنسبة لغيره، لكنه بالنسبة له أكثر أهمية من نجاح لا يشعره بالنجاح. كأن يمارس هوايته ويعمل رساماً أو يؤسس شركة خاصة به في مجال آخر غير مجال شركة أبيه).
لذا فإذا كنت مستمر في التساؤل لماذا أفقد همتي وحافزي سريعاًُ؟. عليك فوراً أن تراجع أهدافك لتتأكد أنها ما تريده وترغبه أكثر من أى شئ آخر في الحياة. فإذا وجدت أهدافك لا تمثلك شخصياً وغير ذات أهمية بالنسبة لك فأرجوك راجع نفسك وأبدأ من جديد في كتابة أهدافك الحقيقية التي تعبر عن رغباتك الأصيلة ... فالوقت لم يتأخر كما تظن لوضع أهدافك الحقيقة والعمل وفقها، بل الوقت قد بدأ الآن لتنفيذ كل ما تطمح به في الحياة.

يقول جيمس ألين: "رؤاك وأهدافك وتلك الألحان التى تتردد فى قلبك: لا تجعل هذه الأشياء تفارق خيالك ووجدانك؛ فإنك إذا ظللت مخلصاً لها، فسوف تستطيع في النهاية أن تبني عالمك".