عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
" عظماء خلقتهم كلمات التشجيع "
" عظماء خلقتهم كلمات التشجيع "
يجمع علماء النفس على أن التشجيع ياتي بنتائج طيبة للغاية ، حتى مع أشد الناس غلظة وأكثرهم كبرياء ،
وليعلم المربون ان الزجر والضرب مثل الإسراف في السخرية والنقد للما يردعان الأبناء ،
أو يقومان ما فيهم من خطأ أو اعوجاج ، بل أن هذه الوسائل التقليدية كثيرا ً ما تولد في أنفسهم عقدا ً تؤثر تأثيرا ً سيئا ً في سلوكهم ،أو تلحق بمستقبلهم أضرارا ً كون بالغة في كثيرمن الأحيان ،فعلينا أن نقدر النجاح مهما كان ضئيل الشأن
فيمن حولنا من الناس ، وأن نعمل عل ابراز مواهبهم ،وتنمية امكانياتهم بما نبثه في نفوسهم من أسباب العطف والرعاية ،وما نزجيه إليهم من كلمات الا الاستحسان والتشجيع
فنحفزهم بذلك دون مشقة أوارهاق إلى التفاني في العمل واتقانه والحرص عل بذل كل جهد مستطاع ،
وبهذا نأخذ بأيديهم إلى طريق المجد والواقع أننا لو عرفنا كيف نستخرج الكنوز
المخبأة في عقول الأشخاص الذين نتعامل معهم أو هؤلاء الذين نتولى ارشادهم وتوجيههم في الحياة ،
لاستطعنا في غير عناء أن نؤثر في سلوكهم وفي مستوى كفاءتهم ، وفي قدرتهم على العمل والإنتاج ،
بل أننا لنستطيع أن نجعلهم ياتون بالمعجزات والحياة زاخرة بالشواهد التي تدعم صدق هذا الرأي..
لآصــــــق البــطـــــاقـــات
في القرن الماضي كان شاب من أهالي مدينة لندن يتمنى من أعماق نفسه أن يكون أديبا ًغير أن كل شيء من حوله
كان يسير على غير ما يشتهي ، فلم يستطيع أن ينال قسطا ًمن الثقافة العالية فقر والديه ،
إذ حكم على أبيه بالسجن من جراء عجزه عن سداد ما عليه من الديون وكاد الفتى أن يموت جوعا ً
لولا أن وفق بعد جهد جهيد إلى عمل متواضع في مصنع للأدوية كان ينحصر في لصق البطاقات على الزجاجات ،
فكان يؤدي عمله في مخزن قذر مملوء بالجرذان وينام في غرفة حقيرة على سطح البناء ، ي
شاركه فيها اثنان من أشرار لندن ، كانا يستهزئان به كلما حدثهما عن الأدب ،
أو شرع يكتب مقالا ً أو يؤلف قصة ، حتى كاد يدركه اليأس وأصبح قليل الثقة في نفسه !
لكن صديقا ً من أصدقاء والد هذا الشاب كان يأخذ بيده ويشجعه على المضي في
الكتابة وكان يوقظ في نفسه اسباب الثقة والطموح ، ويوحى إليه أنه يتوسم فيه مواهب أدبية ممتازة
فكان من أثر هذا التشجيع أن عكف الفتى على الكتابة والتأليف في ساعات راحته ثم أخذ يبعث بانتاجه إلى المجلات
ودور النشر بطريق البريد ، غير أن مقالات الشاب وقصصه كانت لسوء الحظ لا تلقى قبولا ً لدى الناشرين ،
وتقابل دائما ً بالرفض والإهمال وبدأ اليأس يتسرب إلى نفسه ، لكن صديق والده ظل يشجعه
ويحفزه إلى مواصلة السعي وينصحه بالصبر والمثابرة وأرسل الشاب اخيرا ً قصة إلى أحد الناشرين
لاقت قبولا ً لديه فنشرها له ، وأرسل إليه رسالة عبر له فيها عن تقديره لأدبه وأثنى على جهوده ونبوغه ،
فكان ذلك اليوم أسعد يوم في حياته ، وما أن نشرت القصة حتى كتب عنها النقاد وأبدوا إعجابهم بها
وكتب كثير منهم رسائل تقدير واعجاب ، فترك الشاب عمله المتواضع في مخزن الأدوية وتفرغ للكتابة
فأولاها مزيدا ً من جهده وعنايته ، وأخذت مؤلفاته تظهر تباعا ًوتلقى من الإعجاب والتقدير ما أذاع صيته في الآفاق ،
لما فيها من دقة الوصف ومتانة الاسلوب وعمق الفكرة وطرافة الموضوع
وهذا الكاتب ، هو الروائي العظيم تشارلز ديكنز
المفضلات