يقول د. علي العبدالقادرتنتاب الانسان حالات من ضيق النفس وعدم الاطمئنان وقد يتطور الحال الى الشعور بالقلق والتوتر مما يؤدي الى الاضطراب النفسي وفقدان التوازن والاستقرار فيتعكر صفاء العقل ووضوح الرؤية الذهنية فينعكس ذلك على تصرفاته في علاقته مع نفسه او مع الاخرينوربما يجني على نفسه ويجني على اسرته وعلى من يتعامل معهم في مؤسسة العمل.. او فيمجالات الحياة الاخرى، كما ينعكس على ما يتخذه من قرارات سلبيا طالما كان في حالةالاضطراب

وقد تكون نتائج تصرفاته وقراراته سيئة مما قد يزيد حالته سوءا واضطرابا،فماذا ينبغي عليه ان يعمل؟تأتي الاجابة لاحقا على هذا التساؤل.. كمدخل (لعلم النفس الاداري) الذي يشكل اهمية خاصة وضرورية لكل شخص صغيرا او كبيرا ذكرا اوانثى في حياته الخاصة او العامة.

خاصة من هم في مرحلة عمرية كمرحلة المراهقة ومرحلة الشباب والفتوة الذين هم عرضة للكثير من العوامل والظروف الحياتية غيرالمستقرة. فقد تضيق النفس حينما لا تتحقق للشخص تطلعاته وحينما يتعرض لسبب من الاسباب البيئية او الاجتماعية او الاقتصادية غير المريحة فيضطرب ويفزع وقد يتخذ هذا الشخص ذكرا كان او انثى قرارا كالاستقالة من الوظيفة او الانفصال الزوجي او غيرذلك.

وفي ظل حالته المضطربة لا يكون القرار سديدا مهما كانت مبرراته. ذلك لان العقل البشري في هذه الحالة المضطربة لا يعمل بكفاءة وفعالية وسوف يكون العقل رهن اشارة العاطفة والميول والمزاجية غير المستقرة واذا كان هذا القرار مرتبطا بمصالح المؤسسة فانها قد تتضرر مصالحها وقد يعود عليها بالخسائر الفادحة.

فماذا تعمل اذا ضاقت نفسك وفقدت التوازن العصبي والاستقرار وانتابتك حالة مزاجية مضطربة؟يرى الكاتب انه ينبغي تأجيل اتخاذ القرار مهما كانت درجته من الاهمية الى حين عودة الصفاء الى النفس والتوازن الى العقل وخلو العقل مما يشغله ومما يعطل قدراته.

ولقد وضع الاسلام آلية لمعالجة النفس البشرية حينماتضطرب وحينما تفقد توازنها وتتجسد هذه الآلية في كثير من النصوص القرآنية ومن اقوال الرسول محمد عليه افضل الصلاة والتسليم ومنها:

قوله تعالى: (ان الذين آمنواوتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

- القيام باداءركعتين من الصلاة، عملا بما جاء عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في قوله: (ارحنا بها يا بلال). واذا قام الانسان بتجديد وضوئه وقام باداء الصلاة وهو في حالة مضطربة فانه سرعان ما يعود الى نفسه توازنها واستقرارها وطمأنينتها لما يتخللها من ذكر الله وقراءة القرآن الكريم خاصة اذا كان الشخص قوي الايمان بالله.


- اراحة النفس وعدم ظلمها. فراحة النفس تكمن في عدم الاجهاد العضلي اوالعقلي وعدم تعريضها للخطر او لاسباب الهلاك وعدم حرمانها من المتعة المباحة، ومناهم الامور عدم الغضب لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تغضب).


- ممارسة بعض الفعاليات التنشيطية.. قال الرسول المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم: (روحواالقلوب ساعة فساعة فان القلوب اذا كلت عميت) كالتمدد والممارسة الرياضية.


- معرفة الانسان معرفة دقيقة حيث قال رسول الله محمد صلى الله عليهوسلم: (خيركم من عرف قدر نفسه).


- الايمان بمعادلة الحقوق والواجبات والعمل على تطبيقها لصالح الشخص ولصالح الاخرين فكل منا له حقوق وعليه واجبات ولابدمن التواصي بها قال تعالى: (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر). اي الصبر على الحق وحينما تضطرب النفس ويكون الشخص لديه رصيد من القيم الاخلاقية والمثل العليا يؤمنبها ويمارسها في حياته الخاصة والعامة فانه يكون مطمئنا راضي الضمير الذي يلعب دوراهاما في تحقيق الطمأنينة والرضا والاستقرار النفسي مما يعينها على التخلص مماينتابها من الحالة السيئة وما اروع راحة الضمير ورضاه عن الانسان.


- واذا ضاقت النفس البشرية فما اعظم علاجا لحالتها من قراءة ما تيسر من قصار السورمثل آية الكرسي وسورة الفاتحة والاخلاص والفلق والناس وغيرها.


- الدعاءبما ورد في الاثر: (اللهم اجعل لي من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاءعافية وارزقني من حيث لا احتسب). وغير ذلك من الادعية العظيمة النفع فالدعاء الىالله هو دليل على الايمان به والايمان بالله عز وجل يشكل حصنا حصينا للنفسالانسانية.

وقد اثبتت دراسات علم الاجتماع ان الميول الانتحارية تتنامى في الانسان غير المؤمن بالله اكثر من الانسان المؤمن بالخالق عز وجل. كما تتنامى مشاعرالقلق والتوتر وعدم الرضا النفسي حينما يفتقد الانسان الايمان بالله. ان هذه الآلية الاسلامية لها تأثير ايجابي وهي آلية تطبيقية ميسرة على عكس نظريات علم النفس الحديث

. سألني البعض عن العلاج النفسي وقد اوضحت لهم حقيقة انني غير متخصص في علم النفس العلاجي وما لدي من معلومات في علم النفس التربوي غير كافية للمعالجةلانها تتداخل مع علم التربية وتطبيقاتها في اطار (علم النفس التربوي) وانني اطرق هذا المجال من باب الثقافة العامة، ولكن حاجة البعض من الناس خاصة في مرحلة المراهقة والشباب من البنين والبنات لانهم في حاجة ملحة الى الارشاد والتوجيه النفسي سواء في الاسرة او المدرسة او الجامعة او المجتمع.

ويلعب الارشادالنفسي دورا ايجابيا اذا تم من خلال شخص مؤهل علميا ونفسيا واخلاقيا قادر على اكتساب ثقة المستفيد منه. ويتردد الكثير ممن يعاني الاضطراب النفسي في مراجعةالمصحات النفسية واخصائي العلاج النفسي.. كما يتردد الكثير منهم في البوح بمعاناته حيث يظل خائفا.. يمنعه الخوف والخجل من البوح.

وفي ظل معاناته قد يتوهم انه مصاب بالسحر او بمس الجن والعفاريت فيلجأ الى المشعوذين املا في حل يخفف تلك المعاناة وهؤلاء المشعوذون قد يوحون اليه بمزيد من الاوهام والوساوس ويوهمونه بانه مصاب بتأثير السحر وتلبس الجان فيزيده ذلك رهقا. ولكن بتطبيق آلية الاسلام المتقدم ذكرها عن ايمان يتحقق العلاج باذن الله سبحانه.