منظمة إنتاج القادة المبدعين


إن حيثيات الفكر الإداري ونظريات القيادة لا تزال في أغلبها تعزو القدرة على إخراج الإداري المتميز إلى ذات المدير وقدراته ومهاراته ومجموع ما تعلمه.. وكل هذا صحيح لا غبار عليه إلا أن هناك مسئولية تقع على كاهل الشركة، وبتحملها يحصل الإبداع الإداري للقادة المؤهلين، كما تضيق الفجوة بين الإبداع وبقية المدراء ليصبحوا قادة في زمن قياسي..



وثمة زوايا هنا سأعرضها للقارئ الكريم استطاعت شركة خيالية " منظمة إنتاج القادة المبدعين " أو leadership production organization (lpo ) أن تتجاوزها، فكانت النتيجة أن أصبحت تنتج لنا المدراء الذين اقترن اسم كل واحد منهم بإبداع من نوع خاص ..



الزاوية(1): "تحول العالم إلى قرية صغيرة"

عبارة نسمعها دائما توحي بسرعة انتشار المعلومات وكمياتها الهائلة .. وصانع القرار في أي مكان بحاجة إلى المعلومات بل يفترض أن يكون المدير مركز معلومات، لأن المعلومات تتدفق إليه من كافة الاتجاهات مما يجعله أقوي شخص في المنظمة ، بل إن المدير الحقيقي هو الشخص الذي عنده اكبر قدر من المعلومات الملائمة في الوقت الملائم. لذلك فان القرارات الجديدة الناتجة عن قائد طموح مبدع بحاجة ماسة إلى توافر كم من المعلومات الهامة المتعلقة بمجال الإبداع ..

فهل أخذت الشركات على عاتقها مسئولية توفير كافة المصادر السريعة السيالة بالمعلومات ووضعها تحت تصرف المديرين ؟*.. أم أن قادتها انشغلوا عن كثير من الإبداع بالسؤال والتقصي وجمع المعلومات التي قد يهمل أغلبها لعدم الحاجة إليه؟*

لقد تمكنت منظمتنا (lpo ) من أن توفر للمديرين كل المعلومات الهامة الصالحة المنبثقة عن مركز موثوق .. فكانت النتيجة .. إبداع منقطع النظير ..

( ورئيس الدولة المبدع لا يتولى بنفسه رئاسة المخابرات ).



الزاوية(2): " السلوك الإشرافي الداعم "

عندما تتبناه المنظمة فتعطي الثقة الكافية تجاه المسئولين الإداريين فإنها تقدم حافزاً مهماً في مساعدتهم على الإبداع أما المدير الذي لم يجد التقدير ، أو لم يعط فرصة للنمو، أو افتقد السلطة الكافية للإنجاز فتظل بينه وبين الإبداع مفاوز شتى.. لقد استوعبت شركتنا (lpo) هذا الأمر فحررت المديرين من سجن اللوائح الحديدية..عفوا التنظيمية..وأطلقت أيديهم للتصرف وبناء التنظيمات الفعالة.. وكانت النتيجة:قمم من الإرادة المطلقة …

( ولقد كان "أر نست تيرنوير" يوصف بمحطم العقائد الإدارية )



الزاوية(3): " مركزية السلطة "

كثير من الناس يحبون الوجاهة ومراكز التصدر والقيادة وهذا يصدق على أغلب المديرين.. ولكن الوجاهة هنا قد تغتال الإبداع..

إن تركيز جانب كبير من السلطة حول مكتب المدير العام يؤدي إلى شغل وقته بتفاصيل يمكن أن يؤديها غيره كقراءة البريد وحل خصومات الموظفين وتوقيع جميع الأوراق المتعلقة بداخل وخارج الشركة ونحو ذلك. لذلك فإن من وسائل الإبداع الإداري تغيير الهياكل الإدارية والأجهزة التنظيمية التي تضع كل السلطة في يد الرؤساء فلا يجدون وقتاً لأفكار جديدة طموحة.

انتبهت منظمتنا الميمونة( lpo ) لهذا الجانب فتلافته.. والنتيجة: مديرون يجدون الوقت الكافي لإبداع أفكار جديدة وإبداع تطبيق ومتابعة..

وفتح المجال لتنمية العاملين الآخرين لقدراتهم ومهاراتهم ، مما رفع يد الخناق عن مشاركتهم وأملى عليهم إحساسا بالمسئولية والانتماء لهذه المنظمة.. فأصبحوا قادة تجد فيهم دماء الشباب ونضارة الفنون الإدارية.. وقادوا المنظمة للقمم .

( إن المنظمات التي لا تتقدم تتقادم )



الزاوية(4): " شمولية استيعاب العمل "

إن الفهم العميق لعلاقة العمل بين مختلف أقسامه وسيلة كبرى لدعم الإبداع ، فالقدرة الشمولية في استيعاب عمل المنظمة الناتج عن برامج التدريب التي ينتقل فيها المتدربون بين أقسام المنظمة.. تنعكس إيجابا على أفكار المدراء المستقبلين ليخرجوا بأفكار إبداعية تتوافق مع جميع الأقسام ..

فهل انتبهت الشركات للتركيز على هذه النقطة في البرامج التي توفرها لتدريب الموظفين الجدد كما فعلت منظمتنا (lpo) ..

والنتيجة: مديرون مبدعون يشاركون في كل مجالات التطوير .. تطوير التنظيم وتطوير السلع وتطوير طريقة العمل والحسابات ونظم المعلومات والتخطيط.. أقل ما يوصفون به أنهم:

( نزاعون إلى الابتكار في كل مراحل نشاط المنظمة )



الزاوية (5): " بيئة العمل المادية "

هناك تفاوت كبير بين المنظمات في مظهر الأشياء التي تكون البيئة المادية للعمل..

ففي بعضها ترى المكاتب نظيفة والأوراق منظمة والملفات مصنفة.. بل تجد أوعية النفايات منتشرة ودورات المياه نظيفة..وفي البعض الآخر ترى مبنىً مهترئاً، ثم تدخل فإذا المكتب قد تبعثرت الأوراق والملفات من تحته ومن فوقه.. ناهيك عن الأجهزة المعطلة ودورات المياه المتسخة ونحو ذلك..

إن هذه الأمور وان بدت سهلة لأول وهلة إلا إنها تظل عائقا في طريق الإبداع المتطلب لبيئة كاملة تسري فيها التقنيات الإدارية المتطورة بسلاسة وجمال.

هذا ما عملت عليه شركتنا (lpo) .. وكانت النتيجة : عقول تتفرغ للإبداع ..

بينما تقضي عقول كثيرة أخرى في منظمات كبيرة وقتها في التنقيب عن الورقة الضائعة بين الأكوام المتكدسة.



الزاوية(6): " سكرتير ناجح "

السكرتير الناجح لا ينتظر من المدير قائمةً بالأعمال المطلوبة منه.. بل يبادر بأداء مهماته ويقترح الحلول العملية وينقذ الرئيس من المواقف المتنوعة المحرجة..

السكرتير الناجح يعرف نمط الرئيس وأسلوب تعامله ووسائل الاتصال المحببة إليه ونوعية التقارير المفضلة عنده ومواعيد الاجتماعات.. وهو أيضا يصل إلى المعلومة المطلوبة بسرعة لحسن تنظيمه وتصنيفه..

إن وجود سكرتير بهذه المواصفات يجعل من المدير شخصية مثالية .. ويجعل من القائد الإداري مبدعا في أفكاره وأعماله..

فهلا حذت الشركات حذو منظمتنا (lpo) في بذل جهد جبار في اختيار واختبار وتدريب السكرتير المطلوب لتسهيل دور المديرين المبدعين..

( وهل يا ترى يحتاج مثل هذا السكرتير إلى سكرتير )



هذه بعض الزوايا المهمة التي تبنتها شركتنا أشرت إليها لأطالب بفكرة من نوع خاص ..

إن المدير باعتباره المبدع لابد أن يغادر الماضي ليعيش في المستقبل فيغتنم فرصه ويتجنب مشاكله .

وكما أن الشخصية الإدارية المبدعة ينبغي أن تتسم بكوكبة من الصفات، وتنطوي في جوهرها على كم من المعرفة ليكون سلوكها الناطق كفيلاً بتحقيق الأهداف الكبرى ..

فإن المنظمة مسئولة أيضا عن إيقاظ الحس الهاجع وتنشيط الهمم الخائرة وتحريك نبض الإبداع الذي طال ركوده فغادر آفاقه الساميةَ المديرون وبعض القادة.

وانطلاقا من الزوايا التي ذكرتها وكثير من أمثالها التي غاب عنها نور القمر الإداري فظلت قابعة في الظلام..

فإنني أطالب بنقل شركة (lpo) الخيالية إلى واقعنا الحقيقي.. فإن تعسر الطلب برمته نظراً لأوضاع شركاتنا الراهنة.. فإنني أطالب بقسم إداري خاص في الشركات التي تسعى للتميز.. قسم له دور وأهمية لا تقل عن دور وأهمية قسم التسويق أو قسم الإنتاج أو قسم المحاسبة أو غيرها من الأقسام.. أطالب بإنشاء قسم إيجاد وتنمية القادة الإداريين المبدعين ..

قسم يقوم بوضع الاستراتيجيات الفعالة لخلق وتطوير الكفاءات الإدارية اللازمة لتحقيق احتياجات زيادة إنتاجية المؤسسات ..

قسم ينظر إلى المدير على أنه أغلى الأصول التي تمتلكها المنظمة وليس مجرد فرد يدفع له راتب..

قسم يعنى بكل ما يوفر للمديرين الجو المناسب للتفكير الإبداعي.. حتى لو قام بإخضاع المديرين القادة لكشف طبي نصف سنوي في مركز متخصص في الطب الإداري يعرف الضغوط التي يعملون فيها ..

وختاما.. فإذا كان المعتاد هو تغيير المدير عندما تفشل المنظمة ..

فإننا ثقة في نتاج هذا القسم الجديد..

سنقوم بتغيير المنظمة بالكامل وليبقى القادة المبدعون .




( المصدر : نشرة النخبة الإدارية العدد رقم : 71)