أجريت أبحاث خلال ال24 سنة ماضية من قبل 1000 مؤسسة على عشرات الألوف من الأشخاص وكلها توصلت إلى نفس النتيجة : إن نجاح الإنسان يتوقف على مهارات لا علاقة لها بشهاداته وتحصيله العلمي .
الذكاء العاطفي هو قدرة الإنسان على التعامل الإيجابي مع نفسه ومع الآخرين بحيث يحقق أكبر قدر من السعادة لنفسه ولمن حوله.
بينت الدراسات أن هامش التطوير في الذكاء العاطفي أوسع بكثير من هامش التطوير في الذكاء العقلي .
الذكاء العاطفي لا يعني كونك لطيفاً في كل الأوقات .
الذكاء العاطفي يحسن الصحة ويطيل عمر الإنسان .
اليوم أصبح الذكاء العاطفي جزء مهم من فلسفة أي مؤسسة في تدريب أفرادها لأن الذكاء العاطفي يعلم الناس كيف يعملون معاً للوصول إلى هدف مشترك .
بينت دراسة أجرتها شركة موتورولا أن كل دولار أنفق في تنمية الموارد البشرية عاد عليها بخمسة وثلاثين دولاراً .
كل مهنة تحتاج إلى جانب من جوانب الذكاء العاطفي أكثر من الجوانب الأخرى .
الارتقاء في جانب من جوانب الذكاء العاطفي يؤدي إلى الارتقاء في الجوانب الأخرى .
يوجد في الذكاء العاطفي نقطة انطلاق إذا وصل إليها الإنسان ارتفع أداؤه بشكل هائل .
اقرأوا قصّة : من حرّك قطعة الجبن الخاصة بي .

)هذه القصة قد تكون معروفة للبعض لكنني سأنزلها بعد هذه الرسالة كمثال توضيحي إن شاء الله .... (
هي تحكي عن أربع شخصيات

كان هناك قزمان أحدهم اسمه هاو والأخر هيم موجودان في متاهة ومعهما فأران. كان هدفهم في الحياة هو البحث عن قطعة جبن ينعمون إلى جانبها بالراحة والاستقرار. فكل منهم اتبع طريقة في البحث عن هذه القطعة التي يحلمون بها.

الفأران اتبعوا طريقة التجربة والخطأ فاصطدموا بأماكن مظلمة أومسدودة. وفي كل مرة لا يجدون فيها ضالتهم يرجعون ويبحثون مرة أخرى.

أماالقزمان فاتبعوا طريقة التفكير فاصطدموا بمعتقداتهم وأفكارهم للوصول لهدفهم وكانوا في كل يوم يلبسون حذاء رياضياً ويأخذون طريقهم في المتاهة للعثور على قطعةالجبن.

استمر جميعهم على ذلك إلى أن عثروا على قطعة الجبن. ففرحوا بها كثيراً. بدأوا يحلمون ويخططون؛ منهم من أراد أن يكوّن عائلة ومنهم من أراد أن يستمتع بقطعة الجبن وبطعمها. حتى أن القزمان بنيا منزلين بالقرب من قطعة الجبن والصقا صورها على الجدران. وكتبا على الجدار: الجبن يجعلنا سعداء.

في بادئ الأمركان الجميع يسارعون مبكرين إلى موقع الجبن سالكين نفس الطريق المعروف وأصبح لهم روتينهم الخاص. ولكن بعد فترة قصيرة اتبع القزمان روتيناً مختلفاً فصارا يستيقظان من نوميهما متأخرين ثم يسيران بكسل مستغنين عن حذاء الرياضة إلى محطة الجبن فيسترخيان ويتصرفان كما لو أنهما في منزليهما. وشعرا بالاطمئنان لدرجة لم يلحظا معها ما كان يجري.

أما الفأران فقد واصلا روتينيهما اليومي فكانا يصلان مبكرين لموقع الجبن، ويتفقدان المكان للتأكد من عدم وجود أي تغيير, ثم يجلسان لتناول الجبن.

وفي أحد الأيام جاؤوا المكان فلم يجدوها. الفأران وصلا مبكرين ولم يستغربا لأنهما لاحظا تناقصها منذ فترة ولم يبالغا في تحليل الموقف. لقد تغيرالوضع في المكان فلا بدّ أن يتغيرا. فقررا أن يلبسا الأحذية ويبحثا مرة أخرى في المتاهة.

أما القزمان، هاو وهيم، فظلا يولولان ويصرخان: "من حرك قطعة جبني". وأخذا ينعيان نفسيهما ويتساءلان من أخذها بدون وجه حق!!. لم يصدقا الواقع.

كان سلوك القزمين مفهوماً, فلم يكن العثورعلى جبن جديد بالأمر اليسير وكان هو مصدر سعادتهما الوحيد. وبعد طول تفكير قررا تفحص المكان من جديد والعودة في اليوم التالي للتحقق مما إذا تم إرجاع الجبن إلىمكانه.

وفي اليوم التالي لم يجداها فرجعا في اليوم الثالث فلم يجدوها فاقترح هيم أن يجلبا أدوات حفر ليبحثا عنها. وفي اليوم الرابع أتيا بأدوات الحفر وحفرا حتىخرقا الجدار إلا أنهما لم يجدا الجبن. فعلى صراخ هيم وضل يكرر من الذي أخذ قطعة الجبن الخاصه بي.

وعندما شعرا بيأس وهزال وإحباط. حاول هاو أن يقنع هيم بأن يعودا لطريق المتاهة والبحث من جديد مع شعوره بالخوف لهذه الخطوة لأنه قد نسى طريق المتاهة ومسالكها. إلا أن هيم لم يوافق على ذلك مبرراً خوفه أنه يرتاح للمكان وأنه وجد السعادة فيه وأنه أيضاً قد كبر ولايستطيع أن يسلك طريق المتاهة مرة أخرى.

وفتح هاو عينيه متسائلاً: أين الفأرين؟ هل تعتقد أنهما يعلمان شيئاً لا نعرفه؟ فأجاب هيم في تهكم: إنهما مجرد فأرين, نحن أذكى من الفئران. قال هاو: أنا أعلم أننا أذكى ولكننا لا نتصرف بذكاء في هذه اللحظة بالذات فلعل الفئران الآن قد وجدا قطعة جبن أخرى وهم الآن ينعمون بهافرد هيم مبرراً أو لعلهم قد هلكوا في الطريق فقال هيم: فالأمور تتغير هنا وربما يكون من الأفضل أن نتغير نحن أيضاً.

تساءل هيم: ولم ينبغي أن نتغير؟ إننا بشر ومتميزون ولا ينبغي أن نتعرض لمثل هذه المواقف. نحن أصحاب حق ولا بد من تعويضنا أو على الأقل إخطارنا بالتغيير قبل حدوثه وليس من العدل أن ينفذ الجبن فجأة. فأجابه هاو: علينا أن نكف عن تحليل الموقف ونشرع في البحث عن جبن جديد. إلا إن هيم رفض ذلك.

فكر هاو وعقد العزم على التغيير لأنه لو بقي مكانه فإنه حتما سيفنى. وعندما شاهد هيم صديقه يرتدي حذائه بادره قائلاًً: لا أصدق أنك ستذهب للمتاهة مرة أخرى لا بد أن تنتظر معي هنا حتى يعيدوا لنا الجبن إلى مكانه .
أجاب هاو: ليس هناك من يعيد لنا جبننا, فنحن مسئولون عن أنفسنا لقد حان وقت البحث عن جبن جديد. في بعض الأحيان تتغير الأمور, وهذه هي سنة الحياة! فالحياة تمضي ويجب أن نمضي معها.

انطلق هاو نحو المتاهة وشعر بالخوف الشديد وظل يبحث بين دهاليزها فتارة يرى طريق مظلم وتارة طريق مسدود فتأخر في مشواره وبدأ يتسلل له اليأس حتى أنه فكر في الرجوع لصاحبه لعل قطعة الجبن قد رجعت إلا أنه قد تراجع عن ذلك لأنه أدرك أن ذلك مغامرة غير مضمونة وأن شعوره ناتج من الخوف. فقال في نفسه: أن أصل متأخراً خير من أن لا أصل على الإطلاق.

و تذكر أن قطعة الجبن كانت تتناقص يوماً بعد يوم وليس ذلك فقط بل إن العفن بدأ يكسوها فاستغرب كيف فاته ذلك ولم يلحظه. وكان في جيبه بعض من قطع الجبن القديمة فأخرجها ولاحظ كم قد كساها العفن. فقرر التخلص منها حتى يستطيع أن يجد قطعة جبن جديدة.

بدأ هاو يتخيل نفسه وقد عثر على قطعة جبن طازجة وأنه يتذوق طعمها. عندها انكسر حاجز الخوف الذي شعر به في البداية خاصة بعدأن عثر على بعض قطع الجبن القليلة من هنا وهناك. فكتب على الجدار: التحرك في اتجاه جديد يساعدك في العثور على جبن جديد.

وبدأ يشعر بالسعادة في رحلة المغامرة والبحث عن قطع الجبن رغم أنه لا يملك أياً من الجبن. فأصبح هدفه ليست الجبن فحسب!! بل الاستمتاع بالمغامرة والبحث أيضاً وأنكر على نفسه شعوره بالخوف في بداية الطريق. توقف مرة أخرى وكتب على الجدار: عندما تتجاوز الخوف الكامن بداخلك تشعر بأنك حر.

في ذلك الوقت تذكر صديقه هيم: هل مازال في موقعه أم تحرك؟! فقرر أن يكتب بعض اللافتات ويعلقها لعل صديقه يجدها فكتب على لافته(( لكي لا تفنى ابحث عن قطعة جبن جديدة)). وعلى لافتة أخرى كتب: (( لكي تحصل على قطعة جبن جديدة لا بد أن تتخلص من جبنك القديم )) وأيضا: (( ولكي تحصل على جبن جديد يجب أن تكسر حاجز الخوف بداخلك ((

أدرك هاو مرة أخرى إن ما تخشاه لا يكون بالضرورة سيئاًً بالدرجة التي يصورها لك خيالك, وأن الخوف الذي تدعه يتضخم في عقلك أسوأ بكثير من الموقف الذي تعيشه فعلاًً.

ومضى في طريقه مستمتعاً بالبحث إلى أن وصل إلى موقع وجد فيه قطعة جبن لا بأس بها ففرح وقنع بها في بداية الأمر إلا أنه تذكر تجربته القديمة: إن الجبن لن يبقى كما هو وإنما سيتناقص أو يصيبه العفن فقرر أن يأكل من الجبن ثم يعود إلى المتاهة باحثاً عن قطعة أخرى ثم يرجع.

ظل على هذا الحال حتى عثر في أحد الأيام على جبل كبير من الجبن المنوّع ففرح به فرحاً كبيراً وأخذ يأكل ويأكل. ولاغرابة فقد وجد الفأران في نفس المكان يأكلان وقد بدت عليهما البدانة، يبدوا أنهم قدوصلوا منذ زمن. رحب الفأران به واستحسنوا قدومه وإقباله على التغيير.

لكنه اكتشف إن التغيير نعمة من نعم الله تعالى لأنه قاده إلى العثور على الجبن أولاً وعلى جانب من قواه الخفية الكامنة داخله ثانياً, ثم تأكد أن اكتشاف الإنسان لذاته أهم من اكتشاف الجبن.

تذكر صديقه وكيف أنه فشل في إقناعه وأدرك أنه لكي يتغير هيم فلابد له أن يغير نفسه وطريقة تفكيره ثم كتب على الجدار: عليك أن تطلب من الآخرين أن يتغيروا لكن لا تحاول إجبارهم على ذلك فمن لا يتغير من الداخل لا يتغير أبدا.

فكتب ما استنتجه على لوحه وعلقها أمامه لكي لا تتكرر تجربته القاسية:

1. لكي لا تفني ابحث عن قطعة جبن جديدة.
2. لكي تعثر على قطعةجبن جديدة لا بد أن تتخلص من جبنك القديم.
3. اكسر حاجز الخوف واستمتع بالبحثوالمغامرة لأنك حتما ستلقى ما هو أفضل مما أنت عليه.
4. توقع التغيير, لأن الجبن يتحرك باستمرار.
5. تغير أنت .. قبل أن تحاول تغيير الآخرين.

تناهى إلى مسامع هاو ما خيل إليه أنه صوت قادم منأطراف المتاهة.. ثم علا الصوت أكثر وكأن شخصاً ما على وشك دخول المخزن. تساءل هاو: هل هو على وشك أن يرى وجه صديقهالقديم هيم.. يدخل إلى المخزن شاحباً ومنهكاً منالجوع وتعب المسير.

تمتم هاو بدعاء قصير, وكان يملأه الأمل في أن يكون صديقه قد تمكن في النهاية من إدراك أهمية التغيير وأنه قد قرر: التحرك مع الجبن والاستمتاع بالحياة.

بالنسبة لنا قد تكون قطعة الجبن عبارة عن حلم يراودنا كمنزل جديد أو ترقية في العمل أو تحريرأرض.

هذه هي نهاية القصة.. وربما تكون بداية جديدة لإدارة التغيير في حياتنا وعملنا.